ارهاب غير معلن يقتل العراق ببطء..

ارهاب غير معلن يقتل العراق ببطء..

شذى خليل*

   شهد النظام البيئي في العراق تحولات خطيرة في القرن العشرين ، انعكست بصورة التدهور المتسارع لموارده المائية، والزراعية، وتدمير التنوع الاحيائي، والغطاء الشجري والنباتي، وارتفاع مستويات التصحر، وانتشار السموم، وامراض نقص الغذاء، وتدهور الخدمات.

ويعد العراق بلدا ملوثا وبأعلى المقاييس ليس بلوثة الاحتلال وفساد السياسة فقط، بل بما يصيب الإنسان العراقي في صحته وبيئته من خراب وموت بطيء، اذ اصبح العراق متقدم جدا بانتشار الامراض السرطانية.

وادى الانفلات في الأوضاع الأمنية والسياسية تسيبا على المستويين الاقتصادي والاجتماعي حيث غاب الرقيب، والأجهزة الساهرة عن حماية المستهلك في صحته وماله، والتصدي لظاهرة التجارة الهامشية التي تبيع مواد غير مطابقة للمواصفات المطلوبة فيما المواطن يدفع الفاتورة.

وانعكس التدهور البيئي بسحب المياه من داخل الارض دون تنظيم، وحفر الاراضي وتركها، والبناء ومد الطرق وشبكات المجاري من دون تخطيط، مما قلص الغطاء الاخضر ودمر الغابات وادى الى ارتفاع نسب الملوثات في الهواء بسبب القطع العشوائي، والمطر الحامضي.

وفي الوقت ذاته ادت الحروب والعقوبات لتحويل مناطق شاسعة الى بيئة ملوثة ونشيطة اشعاعيا ، وبخاصة الصحراء جنوبي العراق، والمناطق القريبة من المدن التي تكثر حولها الاسلحة المحطمة والالغام والذخيرة والمواد الكيمياوية والاشعاعية التي اسهمت في زيادة تلويث البيئة وتهديد صحة السكان.

ويؤكد الباحث والمدير العام في وزارة العلوم والتكنلوجيا الدكتور حسين عودة كريدي (1)، ان نسبة 17% فقط من مياه الصرف الصحي تعالج ولكن بطرائق غير حديثة، فيما يترك الباقي ليسيل الى نهري دجلة والفرات ، مشيرا الى انتشار الملوثات للماء و التربة و الهواء، وانتشار العواصف الترابية التي اصبحت ملازمة لبيئة العراق ، وملوثات الطعام التي تدخل عن طريق الحدود دون رقابة، وعملية تقطيع الاشجار دون حساب مما دمر الحزام الاخضر في المدن .

وبين ان معظم المعامل العاملة في العراق بدائية، والمركبات تعتمد على الجازولين وهو نوعية رديئة من البنزين ، اضافة الى وجود 11 محطة لتوليد الكهرباء قديمة وتستخدم النفط الرديء.

ويرجح كريدي ان كل ما وصل اليه العراق سببه المحاصصة المقيتة التي قضت على العلماء ، مؤكدا قدرة وزارة العلوم والتكنولوجيا على معالجة معظم المشاكل المتعلقة بالبيئة والتلوث واعادة بناء البلد.

والعراق يعاني مشكلة هدر كبير بالمياه ، الذي من الممكن ان يصبح اغلى من البترول، ويغيب عن اذهان المسؤولين انه سيتم افتتاح سد إليسو في تركيا الذي يمكن تحويل دجلة والفرات اليه، مما يسبب جفافهما على ارض العراق، دائرة البحوث الزراعية ممكن ان تطرح حلول لتتدارك المشكلة ، والمشكلة الاعظم التي تواجه العراق انه سنويا يتحول 100 الف دونم الى صحراء .

واشار كريدي الى امكانية اعادة تدوير ومعالجة المياه لتقليل نسبة التلوث لكن النظرة المصغرة للوزارة وشحة التخصيصات لها يصعب عليها اداء دورها الفاعل للبلد ، وحتى مستوى الرواتب ضعيف والامتيازات قليلة؛ مما دفع العلماء لترك العمل فيها للعمل بوزارة التعليم العالي او السفر خارج البلد او التقاعد .

وحاليا تعتبر الوزارة معطلة ، ولا يمكن الاصلاح دون الاعتماد على اهم وزارة للبحوث والتي لديها امكانات علمية عالية .

وبينت دراسة مهمة لواقع القطاع الزراعي ودورة في تخضير الاقتصاد العراقي لوليد خليف ، ان العراق لم يكن يعاني تلوثا خطيرا الا بعد حرب الخليج الثانية ، وحرق حوالي 600 بئر نفطية بين العراق والكويت، حيث انتشر السرطان وبدأت نسبة انتشاره تتجاوز البلدان الاخرى، اذ اصبح 40% من الهواء ملوثا ، وارتفع اعداد السيارات القديمة ليتجاوز 8000 سيارة قديمة وبالأخص عام 2013 ، ناهيك عن طرحها للأكاسيد واول اوكسيد الكاربون السامة، والبنزين الذي يحمل نترات الرصاص ، وارتفاع اعداد المولدات التي تعمل بالجزولين، ومخلفات معامل الطابوق وانشار معامل الاسمدة والدباغة دون خطط ورقابة وملاحظة تأثريها على البيئة ، واستخدام الوقود الرديء، مما ادى الى ارتفاع نسبة الرصاص الذي يعمل على تدمير الجهاز العصبي .

وويقول خليف ان جودة البيئة في العراق عانت الى حد كبير من تأثير السياسات البيئية غير الملائمة فيما يتعلق بالتلوث وادارة الموارد، ونتيجة لذلك يعاني العراق مجموعة من المشاكل البيئية ومنذ عقود طويلة وذلك بسبب الحروب التي خاضها والتي لم تجلب سوى اليورانيوم المنضب ، ونفايات الصناعات العسكرية السامة، رافقها في ذلك انعدام الثقافة البيئية للمواطن بشكل عام.

واشار الى ان استخدام الانسان لمختلف الاسلحة والمواد المتفجرة الضارة بالبيئة من خلال ما تولده من غازات وابخرة سامة ينتج عنها الامطار الحامضية وهي سموم تفسد التربة وتلوث الهواء.

وساعد انتشار ظاهرة المولدات في معظم مناطق العراق لتوليد الطاقة الكهربائية للمواطنين بعد ان تفاقمت مشكلة توفير الكهرباء الوطنية لهم، الى ارتفاع معدل التلوث وتحقيق مستويات مرتفعة من التدهور البيئي متمثلة بانتشار العديد من الامراض والاوبئة المزمنة، علما ان هذه المحطات قد خصص لها من موازنة عام 2011 مبلغ600 مليار دينار عراقي كنفقات لاستيراد الوقود.

(2) وان استخدام اليورانيوم المنضب في حرب الخليج والذخائر الحربية ضد العراق عامي 1991-2003 ، التي صنعت من نفايات مشعة ناتجة عن عملية تخصيب اليورانيوم للأغراض العسكرية في صنع القنابل والذي ادى الى هطول الامطار الحامضية ، شكل آثارا سلبية على بيئة العراق وانتشار الامراض السرطانية بشكل واسع ، ولا سيما في المناطق الجنوبية وظهرت انواع عديدة من السرطان مستوطنة في مدن مثل البصرة وميسان والناصرية جنوب العراق ، تشكل ما نسبته ( ۷٤،۹ %) من مجموع وفيات السرطان .

ويشهد العراق ارتفاع نسب تلوث الهواء بالرصاص المتسرب الى الجو والصادر عن المواد الكيمياوية وكميات من عناصر الاشعاع المنضب او المستنفذ وبالتراكيز والمكونات التالية:-

الثوريوم 243 ؛ والراديوم 226والبزموث214 ؛ والزنك الصادر عن القنابل؛ والصواريخ .

وبعد عام ( ۲۰۰۳ ) تشكلت لأول مرة في العراق وزارة البيئة المعنية بهذا الشأن ومع هذا فان العراق يعيش في واقع يتفاقم فيه التلوث يوما بعد آخر، دون وجود دراسات او حلول منتجة لحد الآن، مما ادى بالنتيجة الى الجفاف والتصحر وزيادة ملوحة التربة والتدهور المزمن للواقع البيئي للبلد، وقد عانى العراق من تقلص مساحة ( 39 %) من اراضيه الزراعية

وتشهد مشكلة تلوث الهواء والتربة تفاقما ، فضلا عما خلفه – بين عامي ( 2007-2009)، ومن آثار التلوث انها تمس معيشة وسلامة ملايين العراقيين نتيجة التلوث الكيميائي والذخائر غير المنفجرة.

مخاطر التلوث الإشعاعي :

بعد الاحتلال 2003 تعرض موقع التويثة النووي وهو أكبر موقع للأبحاث النووية في العهد السابق إلى النهب والسلب ووصل الأمر إلى حد استعمال البراميل والحاويات التي كانت مخصصة في الأصل لتخزين مواد نووية،، كأواني لحفظ المياه والحصيلة إصابة الكثير من العراقيين بالإشعاعات وبأمراض خطيرة متصلة بها، ولئن وقعت السيطرة مجددا على هذا الموقع من قِبَل القوات الأميركية إلا أن الخطر مازال قائم والملف مازال نائما في أدراج النسيان.

وبعدها بدأت تظهر أولى التقارير الميدانية الأجنبية عن مشكلة التسرب الإشعاعي في منطقة التويثة اذ أكدت مجموعة من الخبراء الأميركيين الذين أرسلهم البنتاغون إلى الموقع وقتها حصول هذا التسرب وبكميات متفاوتة وأفادت تقارير أخرى بأن إصابات أخرى سُجِّلت بين العراقيين الذين يقطنون بالقرب من الموقع تراوحت عوارضها بين الطفح الجلدي والنزف من الأنف وهي عوارض ترافق عادة التسمم الإشعاعي.

منطقة التويثة هو الموقع الذي كان يحوي مفاعل تموز النووي العراقي الذي قصفته الطائرات الإسرائيلية في عام 1981 ، وبعد عشر سنوات استُهدِف مرة أخرى ودُمِّر بالكامل مما أضطر الحكومة العراقية آنذاك إلى إيقاف برنامجها النووي مع الاحتفاظ بأطنان اليورانيوم داخل هذا الموقع، وبعد 2003 ، ادركت القوات الأميركية إلى خطورة الموقع فسيطرت عليه وتكتمت على أسراره ولكن بعد ذلك تركوه ليسقط في أيادي المواطنين ليعبثوا بمحتوياته ويلقوا بعضا منها في الأنهار والأراضي المجاورة.

وقال عميد كلية العلوم اختصاص كيمياء ذرية وحيوية أنيس الراوي (2) ان التلوث للصوت والتلوث من الطيف الكهرومغناطيسي والتلوث المغناطيسي والتلوث الحراري كل هذه المتلوثات بالضياء تلوثات غير منظورة لا يمكن أن نحس بها والتلوث بالإشعاع الذري أيضا كما تعرفون عندما يكون هناك تنفجر لا سمح الله قنبلة ذرية فتخرج الأشعة وتطوف الأرض بسرعة ستة مرات بالثانية الواحدة وهذا كله تلوث غير منظور الآن هناك الطاقة الخفية التي يتلوث بها العالم والعالم الآن أصبح قرية صغيرة عندما تكون هناك بث تليفزيوني هناك أشعة لا منظورة تأتي من التليفزيون هناك هذا الضوء الذي أمامنا أيضا هناك تلوث بالإنترنت الموجات التي تأتينا من كل الإنترنت عبارة هي عن موجات ضوئية وصوتية تطوف الكرة الأرضية ستة مرات بالثانية فهذه الآن كل هذه الأشعة وهذه الأطياف تمر عبر أجسامنا فمنها ما يمتص فيؤثر ومنها ما يعبر.

ويشير الراوي الى ان ”اليورانيوم الذي يلوث العراق ستستمر آثاره للأبد وأي إنسان في العراق معرض للتلوث فهذه المواد يمكنها أن تخترق جسد الإنسان من خلال الاستنشاق أو الشراب والطعام وهي تحتوي على دقائق ألفا المنبعثة والتي يمكنها أن تمزق الأنسجة والخلايا”

ويؤكد ان العراق تعرض من سنة 1991 لحد هذه اللحظة إلى تلوث كبير جدا، واذ قمنا بقياس مستوياته لوجدنا حسابات عالية بكميات الضياء التي وصلتنا في أثناء الانفجارات فمثلا انفجر هناك ما يقارب مائة وخمسين ألف طن، من المتفجرات وهذه كلها تحت ضياء هذا الضوء الذي يأتينا من هذه التفجيرات وزاد فوق ضوء الشمس بكمية كبيرة جدا جدا و نحن الآن في العراق هناك حياة وبيئة معينة فمثلا تخرج الشمس الساعة الثامنة وتغيب الساعة السادسة فعندما يكون هناك ضوء أكثر من الذي ينبغي أن يكون هناك أن يصبح حالة تلوث.

والتلوث هو عبارة عن دخول مواد أو عناصر غير مرغوبة فيها في البيئة يعني مثلا نحن في العراق يبدأ النشاط الساعة الثامنة صباحا عندما يكون هرمون الكورتيزون عاليا ويبتدأ هرمون الكورتيزون بالارتفاع حتى المساء ثم ينخفض الساعة السادسة وعندما تعطي كمية ضياء إضافية إلى البلد ستزيد من كمية الكورتيزون الذي يصبح كهرمون مضرا في الصحة فإذاً أي مادة جديدة تدخل إلى الجو إلى الـ (Atmosphere) تكون هي عبارة عن ملوثة رهيبة.

وان ما حصل في التويثة، للأسف جهل الناس بأضرار هذه المواد حيث سكبوا هذه البراميل وأخذوا يستخدمونها في خزن المواد لهم وهذا يعني هذه المواد التي سُكبت منها ما يمتص في التربة ومنها ما يذهب إلى النهر ويسير وخاصة الآن أن الأنهر جريان الماء بطيء جدا لهذا نرى أنه ممكن أن هذه المواد التي سُكبت أن تلوث المنطقة كلها، والإشعاع خاصة يعني عندنا اليورانيوم عمر نصفه يعني يسموه الـ (Half life) أربعة ونصف في عشرة أس تسعة سنة يعني أربعة ونصف مليار سنة عمر نصف اليورانيوم يعني كل أربعة ونصف مليار سنة كمية اليورانيوم تقل إلى النصف بمعنى أن هذا اليورانيوم الذي سكب سيبقى إلى الأبد وأي إنسان منا يتناول هذا اليورانيوم سيدخل في جسده ويبعث دقائق ألفا ودقائق ألفا هي دقائق كبيرة عملاقة مؤذية جدا ممكن أن تمزق كل الأنسجة والخلايا.

ويضيف الراوي، ان الخطر الحالي ظاهر وبسيط جدا ، قياسا بالخوف من المستقبل لأن هذا سوف يؤثر على الجينات الوراثية ويفعل التغيرات الوراثية والتي ستظهر في الأجيال المقبلة كما حصل في هيروشيما ونغازاكي ما يعني عدد القتلى كان قليلا في بدء الأمر لكن الآن بدأت الأمراض تظهر كأمراض الحمى النووية وأمراض السرطانية ومن الممكن أن يؤدي إلى سرطان لأن لهذه المواد المشعة تأثيرات تسمى بالإنجليزي (Accumulated Effects) وتعني تأثيرات تجميعية يعني كما أنت مثلا عندما تريد أن تقتل حيوانا تضربه عشر طلقات حتى يموت واحدة بعد الأخرى فأنت إذا أعطيته هذه العشر طلقات مرة واحدة يعني أعطيته كمية كبيرة من الجرعة ممكن أن تقتل هذا الإنسان أما إذا تعطيه على جرعات بسيطة فالإنسان عندما يستلم هذا اليورانيوم المنضب يستلم ولو بكمية قليلة من هذه الإشعاعات التي ستؤثر مستقبلا على جيناته.

والتقارير البيئية والطبية تتحدث في 2015 عن ارتفاع معدلات التلوث، خاصة في نهر دجلة الذي تقوم على ضفافه مدن كبيرة مثل بغداد والموصل، إذ تحولت هذه الضفاف إلى مكب كبير للنفايات.

وحسب تقارير وزارة البيئة العراقية فإن مياه المبازل (مصافي مياه الشرب) التي ترمى في النهر تتسبب بارتفاع نسب ملوحة مياهه، نظرا لما تحويه من أملاح تصل إلى 40%.

ووفق التقارير ذاتها، يُطرح في نهر دجلة أكثر من مليار متر مكعب سنوياً من مياه المبازل عدا عن مخلفات المصانع التي تستخدم المواد الكيميائية السامة، وهو ما يهدد الحياة المائية والثروة السمكية فيه.

كما تشير هذه التقارير إلى أن 42 ألف لتر ترمى في مياه النهر كل ثانية، في حين يتسبب كل لتر منها في تلويث أربع لترات نظيفة.

ومن المسببات الاخرى للتلوث تأخر إنشاء مشاريع البنى التحتية وعلى رأسها شبكات المجاري، بالإضافة إلى التلكؤ في إكمال مشاريع تدوير النفايات.

ومما يزيد من خطورة المشكلة أن بعض مستشفيات العراق تفتقر إلى محارق طبية خاصة، مما يجعلها ترمي نفاياتها في نهر دجلة حسب ما ذكرته تقارير لمنظمات بيئية.

ويؤكد مدير الإعلام في مستشفى مدينة الطب ببغداد الدكتور منير العنبكي ان جميع المستشفيات الحكومية في العراق تمتلك محارق وأجهزة حديثة للتخلص من المخلفات الطبية، متهما أمانة بغداد بأنها مسؤولة عن تسرب مياه المجاري إلى مدينة الطب، ومن ثم إلى نهر دجلة عبر المبنى القديم لوزارة الدفاع.

ويشدد على أنهم حاولوا التعاقد مع مهندسين لإصلاح شبكة المجاري الخاصة بالمستشفى، إلا أن أمانة بغداد رفضت ذلك، مشيرا الى تتفاقم المشكلة بسبب تدهور البنى التحتية في المدن، وتلف شبكات المجاري في بغداد مما يؤدي إلى تسرب الكثير من مياه الصرف الصحي نحو نهر دجلة بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

وبحسب تقارير فإن هذا الإهمال ينتج عنه يوميا 1.25 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي.

التلوث في البصرة يسبب السرطان ل60% من المواطنين

البصرة (3) ليست بعيدة عن أخطارِ التلوث الناجمة عن التعاملِ مع النفطِ في جميعِ مراحل استثماره، ولاسِيَّمَا فاعلية استخراجه التّي من شأنِها المساهمة في زيادةِ الانبعاثات السامة بأجواءِ المدينة الغنية بآبارِ النفط، حيث يعاني الأهالي في المناطقِ المتاخمة لحقولِ النفط حالاتٍ مرضية مثل: الحساسية والربو والتهابات الرئة، فضلاً عن تعرضِ الأطفال لإصاباتٍ تنفسية خطيرة، بالإضافةِ إلى امتدادِ تأثيرات التلوث للمصادرِ المائية والتربة الزراعية.

وعلى خلفيةِ انتهاج الحكومة العراقية سياسة التراخيص الاستثمارية، أفضت زيادة عدد الشركات النفطية العاملة في بعضِ حقول البصرة النفطية إلى تفاقمِ خشية كثير من المتخصصينِ في مجالِ البيئة من تهديداتِ الملوثات المتأتية من استخراجِ النفط لبيئةِ الحياة في المحافظة جراء كتم أنفاسها بمستوياتِ تلوث قياسية في ظلِ اتهامات رسمية وشعبية لشركاتِ التنقيب بتجاهلِ القواعد الرامية إلى الحدِ من التلوثِ وتجاوزها على التصميمِ الأساس لبعضِ مناطق المحافظة، إلى جانبِ المشكلات الصحية والبيئية الموروثة من سنواتِ حروب النظام السابق المتمثلة بتلوثِ الأنهار وسلبية آثار الألغام وغيرها من مخلفاتِ العمليات العسكرية.

إنَّ نشاطاتَ القطاع النفطي في محافظةِ البصرة، تشكل أبرز ملوثات بيئة الحياة وأكثرها قدرة على إحداثِ خلل بالنظامِ البيئي ومكوناته الحية وغير الحية بفعلِ ما تخلفه العمليات الإنتاجية للمشروعاتِ النفطية من أضرارٍ بالغة الأثر على السكانِ المحليين. وبحسبِ مصادر رسمية في محافظةِ البصرة، فإنَّ شركاتَ النفط العملاقة العاملة بحقولِ المدينة تتجاهل التشريعات القانونية الصادرة عن الحكومةِ العراقية بقصدِ المساهمة في مهمةِ ضمان الحفاظ على البيئة، حيث تفضل إداراتها تسديد الغرامات المتواضعة نسبياً على تركيبِ أجهزة المعالجة الخاصة بخفضِ انبعاثات الغازات السامة في الهواء، التّي بلغت معدلات تلويثها مستويات قياسية. ومن المهمِ الإشارة هنا إلى أنَّ الشركاتَ النفطية الاستثمارية العاملة في الحقولِ النفطية بمختلفِ مناطق البلاد، ملزمة بمعالجةِ الملوثات الناجمة عن العملياتِ الاستخراجية والاستكشافية من خلالِ اعتماد تقنيات حديثة في معالجةِ التلوث النفطي الناجم عن هذه العملياتِ لأجلِ تخفيض مستوى التلوث.

وبالاستنادِ إلى ما أعلنته وزارة النفط العراقية، كان المأمول من جولاتِ التراخيص النفطية، إنعاش الاقتصاد الوطني، والمساهمةِ في توفيرِ فرص عملٍ من شأنِها المعاونة في تقليصِ معدلات البطالة بشكلٍ تدريجي؛ بالنظرِ لإيجابيةِ نتائج آلياتها في مهمةِ تعاظم موارد الدخل الناجمة عن تعهدِ الشركات الأجنبية بالعملِ على تطويرِ حقول البلاد النفطية، الأمر الذي يفضي إلى ارتفاعِ سقف الإنتاج النفطي بحقولِ النفط في البصرة، وبالتالي زيادة الإيرادات المالية المتحققة من بيعِ النفط الخام، غير أنَّ واقع الحال يشير إلى خلافِ هذا التصور، حيث انَّ ارتفاعَ سقف الإنتاج النفطي ما يزال مصدراً رئيساً لزيادةِ انبعاثات سموم عمليات حرق الغاز المصاحب، الذي يشكل أحد أهم العوامل المساهمة بزيادةِ نسبة التلوث في المحافظة.

ويحمل المسؤولون المحليون في محافظةِ البصرة، شركات النفط مثل لوك أويل، شل، اكسون موبيل، البي بي وإيني الإيطالية مسؤولية تسمم أجواء بعض مناطق المدينة، بالإضافةِ إلى التأثيراتِ البيئية والصحية التّي تسببها الاستثمارات النفطية، ولاسِيَّمَا تقلص رقعة الاراضي الزراعية وزيادة مساحة الأراضي التّي تعاني من مشكلةِ التصحر.

وكشف الأكاديمي في مركز علوم البحار بجامعة البصرة، الدكتور طالب عباس، أن “التجارب المختبرية أثبتت وجود إصابات خطيرة بين الأحياء المائية جراء التلوث، إذ أ نسبة التلوث المائي في مياه شط العرب وخور عبد الله تتجاوز 77 %، وهو ما يهدد الأحياء المائية بالانقراض”،

وعن نسب التلوث في محافظة البصرة يكشف رئيس لجنة الصحة والبيئة في مجلس محافظة البصرة حيدر الساعدي ان نسبة التلوث الموجودة في محافظة البصرة وصلت الى ما يقارب الـ 60% خلال عام 2016 واكثر الاصابات هي عبارة عن تشوهات خلقية من جراء التلوث النفطي في نهران عمر حيث تم اعطاء هذه النسبة وعن طريق دائرة الصحة وبمتابعة بعض المنظمات غير الحكومية .

على الرغمِ من الحديثِ عن محاولةِ بعض الأطراف المحلية في البصرةِ رفع دعاوى قضائية ضد شركات النفط الأجنبية العاملة في حقولِها حول تسببها بتهديدِ صحة الناس جراء الملوثات المرافقة لاستخراجِ النفط، فإنَّ الإجراءاتَ القضائية التي سيتم اتخاذها قد تفلح في إنقاذِ حياة كثير من الأهالي مستقبلاً، إلا إنَّها مهما كانت قوةَ تأثيرها ستبقى عاجزة عن المساهمةِ في إعادةِ الأمل بشفاءِ أناس استفحل المرض في أجسامِهم، بالإضافةِ إلى ما يحتمل أنْ يحمله بعض الأهالي من أمراضٍ لا يمكن تشخيصها إلا بعد مرور سنوات طويلة.

الوحدة الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية 

المصادر :

الطائي//google.jo/search?q=التلوث+البيئي+واثره+على+الاقتصاد+العراقي
* مخلف، عارف صالح، الادارة البيئية، دار البازوري العلمية، عمان، الاردن، ط ۱ 2007

.۲۰۰۷

*. كبة، سلام ابراهيم عطوف، التلوث البيئي: صناعة الموت الهادئ في العراق، الحوار المتمدن ۱۳ شباط/ فبراير ۲۰۰٤ ، العدد۱٤٦۰،

(الجزيرة ) http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews
http://www.alj ournal.com/myapp-9033