الاتحاد الأوروبي يضيق الخناق على مستقبل مركز لندن المالي

الاتحاد الأوروبي يضيق الخناق على مستقبل مركز لندن المالي


بروكسل – بدأت المفوضية الأوروبية أمس بوضع قواعد جديدة من شأنها إرغام جزء كبير من المصارف والمؤسسات المالية على مغادرة لندن بعد إتمام مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وتثير المحاولات الأوروبية لتضييق الخناق على حي المالي استياء كبيرا في لندن، التي يمكن أن تواجه أزمة اقتصادية عاصفة في حال رحيل المصارف والمؤسسات المالية من أكبر مركز مالي في العالم بلا منازع.

وتعدّ هذه القضية شديدة الحساسية في وقت تستعد فيه بريطانيا والاتحاد الأوروبي لإطلاق مفاوضات البريكست يوم الاثنين المقبل، بعد 11 يوما من انتخابات تشريعية خسر فيها حزب المحافظين بقيادة رئيسة الوزراء تيريزا ماي الاغلبية المطلقة في البرلمان. وسوف تنتظر القواعد الجديدة التي قدّمها أمس نائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس، المصادقة عليها من قبل الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي.

مايلز سيليك: فرض نقل أعمال المقاصة باليورو سيؤدي لتفكك واهتزاز الثقة بسوق لندن
ويشغل موضوع غرف المقاصة، الدعامة المالية التي لا يمكن الاستغناء عنها والتي تعتبر شريان الحياة في حي المال، حيّزا جوهريا في الاقتراحات الجديدة.

وتعمل شركات المقاصة كوسيط بين البائع والشاري لضمان سلامة الصفقات وتتقاضى أموالا عن هذه الخدمة. وهي بذلك تساهم في استقرار النظام المالي والحد من مخاطره. وتتركز الغالبية الكبرى لهذه الأعمال التي تتم باليورو في لندن.

ويقول محللون إن فقدان بريطانيا لجواز الدخول المالي إلى التعاملات بعملة اليورو يمكن أن يؤدي إلى انتقال جانب كبير من نشاط المصارف من لندن إلى داخل دول الاتحاد الأوروبي.

ويمكن أن يؤدي ذلك إلى فقدان ما يصل إلى مئات آلاف الوظائف وقد يؤدي إلى أزمة عقارية بسبب خلو أعداد كبيرة من المكاتب والوحدات السكنية. ويمكن أن يؤدي إلى تحويل حي المال إلى مدينة أشباح.

وكان دومبروفسكيس عرض بداية مايو الماضي خيارين محتملين: إما تحسين إشراف السلطات الأوروبية على الكيانات المالية في الدول الأخرى مثل بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وإما نقل مقر هذه الأنشطة المالية إلى داخل أراضي الاتحاد.

ونقلت صحيفة “صنداي تلغراف” عن مدير عام بورصة لندن الفرنسي كزافييه روليه تحذيره من أن ذلك “سيشكل فوضى تامة. لم يجر البحث في كافة التداعيات”، معتبرا أن المباحثات مع السلطات الأوروبية كان يجب أن تمتد لأكثر من شهر واحد قبل طرح القواعد الجديدة.

وعبّر مايلز سيليك الرئيس التنفيذي لمجموعة “ذا سيتي المملكة المتحدة” عن غضبه بالقول “إن فرض نقل أعمال المقاصة باليورو سيقود إلى اضطراب وتفكك واهتزاز الثقة بالسوق المالي في لندن”.

وأضاف أن ذلك “سيكون مدمرا لسكان لندن والأعمال في بريطانيا وأوروبا. الأمر ليس في مصلحة أحد ويمكن تجنّبه”.

كزافييه روليه: القواعد ستؤدي إلى فوضى تامة لم يجر بحث كافة تداعياتها حتى الآن
في هذه الأثناء قال الاتحاد الأوروبي إنه يريد موقفا واضحا من لندن في أقرب وقت ممكن بشأن ما إذا كانت تعتـزم التمسك بموقفهـا في ما يتعلق بمفـاوضات الانفصـال أم ستغيره بعد انتخـابات الأسبوع الماضي.

وأكد عضو البرلمان الأوروبي جي فيرهوفشتات وهو رئيس وزراء بلجيكي سابق إنه “لم يتضح ما إذا كانت الحكومة البريطانية ستلتزم بما أعلنته في خطاب طلب الانفصال في 29 مارس أم ستغيره بعد نتائج الانتخابات”.

وقال وليام هيغ الزعيم السابق لحزب المحافظين إن ماي تحتاج لبدء التعاون مع شركات وأحزاب أخرى بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي إذا أرادت لحكومتها البقاء. وأضاف أنه يتعيّن تغيير الموقف الاستراتيجي خلال الأسابيع القليلة المقبلة قبل بدء محادثات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.

وأكد متحدث باسم ماي يوم الاثنين إن توجهها الأصلي للخروج من الاتحاد الأوروبي، المرتكز على الحد من الهجرة المصحوب بتهديد بالخروج دون اتفاق إذا لزم الأمر، لم يتغيّر.

لكنها تعرّضت لضغوط متزايدة من مشرعين من حزبها لتخفيف حدة موقفها. وقد أقرّت ماي في وقت متأخر من مساء الاثنين أنه أصبح يتعيّن تقديم تنازلات أكبر في ما يتعلق بالخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقال هيغ “سيظهر ذلك الاستعداد لاستيعاب آراء المحافظين الأسكتلنديين والشركات وبدرجة ما أحزاب المعارضة ضمن أطر معينة”.

ونقلت صحيفة “تايمز أوف لندن” أمس عن مصادر لم تكشف عنها أن ماي أقرّت بأن صبر الناخبـين على إجـراءات التقشـف قد نفد.

وأكدت الصحيفة أن وزير الخارجية بوريس جونسون ووزير شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي ديفيد ديفيز وغيرهما من المشرعين المحافظين أبلغوا ماي بأنها أخطأت في تقدير مزاج الرأي العام في ما يتعلق بإجراءات التقشف.

العرب اللندنية