أزمة سعودي أوجيه أكبر من مخلفات تراجع أسعار النفط

أزمة سعودي أوجيه أكبر من مخلفات تراجع أسعار النفط


بيروت – قال خبراء اقتصاديون إن أزمة شركة سعودي أوجيه المملوكة لعائلة الحريري، والتي تتجه لإنهاء أنشطتها مع نهاية يوليو القادم، لا ترتبط فقط بتراجع الإنفاق السعودي بسبب تدني أسعار النفط، وأن الأمر أبعد من ذلك ويتعلق بالشركـة ذاتها.

وأشار الخبراء إلى أن هناك أعدادا كبيرة من الشركات السعودية التي تدار من قبل سعوديين في قطاع المقاولات تحقق إلى الآن نجاحها، وأن حصر أسباب انهيار شركة سعودي أوجيه بمسألة تراجع الواردات الحكومية للسعودية لا يعبّر عن الواقع، لافتين إلى أن مشاكل الشركة بدأت قبل فترة طويلة من تراجع أسعار النفط.

ويرى الخبراء أن الشركة ظلت تراهن على الدعم الرسمي السعودي لها لتستمر مسيطرة على المشاريع الحكومية الضخمة في مجال المقاولات، ومنذ بدأت السعودية خططها لإصلاح الاقتصاد وفق رؤية 2030، والتي تقوم في جانب منها على تقليص الدولة دورها في توجيه الاقتصاد وإيجاد نوع من المنافسة بين مختلف الشركات حتى وجدت سعودي أوجيه نفسها في وضع صعب.

وازدهرت سعودي أوجيه وغيرها من الشركات في وقت كان السعوديون في مرحلة بدايات التعليم والتدريب في مجال الأعمال، واعتمدت تلك الشركات بشكل مباشر على دعم الدولة والإنفاق الكبير على المشاريع الضخمة، وفي أول اختبار لها لم تقو على الصمود.

وحصلت “العرب” على نسخة من تعميم وجهته الشركة لجميع موظفيها ومنتسبيها جاء فيه “أنه وعلى ضوء الظروف يؤسفنا إبلاغكم أن يوم 31 من الشهر السابع هو آخر يوم عمل”.

وأعلن موظفون في شركة سعودي أوجيه ومصادر مقرّبة منها أن الشركة المملوكة لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري قرّرت تسريح موظّفيها وإغلاق أبوابها.

وسيواجه الآلاف من موظفي الشركة، خصوصا الأجانب منهم، وضعا صعبا بسبب عدم تقاضيهم رواتبهم على مدى أشهر.

وقال موظف في الشركة إنه قد “طُلِبَ من الموظفين التقدّم بكتاب إنهاء خدمات. وقد تم إعلامهم منذ بعض الوقت بأن عليهم ترك الشركة”.

وكشف مصدر قريب من الملف أن الموظفين “لديهم عقود عمل في جدة لكن ليس لديهم شيء آخر”، مؤكدا أن الشركة باتت لا تقوم بأيّ عمل تقريبا.

وأكدت وزارة العمل السعودية في بيان على تويتر أنها تعمل على نقل 600 سعودي في سعودي أوجيه إلى منشآت أخرى، وأن 600 عامل آخرين سيتولى صندوق تنمية الموارد البشرية “هدف” إيجاد وظائف لهم.

وسبق لسعودي أوجيه أن سرّحت الآلاف من الموظفين منذ انهارت أسعار النفط وانهارت معها عائدات خزينة المملكة التي اضطرت لإيقاف العديد من مشاريع البناء الضخمة وبينها مشاريع كانت الشركة التي أسسها رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، والد سعد الحريري، متعاقدة على تنفيذها، الأمر الذي أدّى إلى تفاقم مشاكلها المالية.

وأنهت الحكومة السعودية في سبتمبر الماضي محادثات كانت تهدف إلى إنقاذ الشركة، ولئن لم يعلن بشكل علني عن سرّ هذه الخطوة، إلاّ أن أوساطا سعودية عزت وقتها الأمر إلى قرار رسمي بفصل وضع الشركة عن الدعم السياسي الذي يلقاه سعد الحريري في لبنان، وأن المملكة ماضية في رفع يدها عن الشركات لدفعها إلى دخول مجال المنافسة والاعتماد على الذات.

وكشفت تلك الأوساط عن أنّ المعاملات المالية في المملكة أصبحت تخضع لمعايير جديدة يكون تأثير البعد السياسي فيها محدودا.

وتقول الشركة إنها تضرّرت من تراجع الإنفاق الحكومي السعودي بعد تراجع أسعار النفط بسبب اعتمادها الشديد على العقود الحكومية، وأن تأخير سداد الدولة لفائدتها والمقدرة بنحو 8 مليارات دولار، عن الأعمال التي نفّذتها الشركة، ما أربك جهودها للتعافي.

وكانت مصادر مصرفية قالت في أبريل إن سعودي أوجيه تنتظر نتائج مراجعة بتكليف من الحكومة السعودية لمشروعات لها في المملكة بمليارات الدولارات وهو ما يمكن أن يساهم في تحديد مستقبلها.

العرب اللندنية