حي جوبر الدمشقي.. نيران النظام متواصلة لاقتحامه

حي جوبر الدمشقي.. نيران النظام متواصلة لاقتحامه

مع اقتراب موعد الجولة الجديدة من المفاوضات السورية التي ستستضيفها العاصمة الكزاخية أستانا مطلع يوليو/تموز القادم، تحتدم المعارك شرق مدينةدمشق إثر إطلاق النظام السوري عملية عسكرية تهدف لاستعادة السيطرة على حي جوبر.

ولم يكد يمر شهر من الهدوء النسبي الذي شهدته العاصمة السورية مع دخول اتفاق خفض التصعيد حيز التنفيذ بالتزامن مع انتهاء المعارك في أحياء برزة والقابون وتشرين وحرستا الغربية ودخول قوات النظام إليها، حتى عادت أصوات القصف والطيران الحربي لتخيّم على أجواء المدينة، مع سقوط عشرات القذائف وطلقات الرصاص المتفجر في معظم أحيائها.

وتحت مسمى “إن وعد الله حق”، بدأت الآلة العسكرية للنظام منتصف الشهر الحالي شن هجوم من محاور عدة على حي دوبر الدمشقي الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة منذ أكثر من خمس سنوات، في محاولة لاقتحامه وفصله عن المناطق المحيطة به.

الحي الذي يقع بين حيي القصاع غربا والقابون شمالا، وبلدتي زملكا شرقا وعين ترما جنوبا، شهد على مر السنوات الماضية أعنف المعارك التي دمرت معظم أبنيته وبناه التحتية، وهجر عشرات الآلاف من سكانه الذين كان يقدر عددهم بحوالي ثلاثمئة ألف نسمة قبل عام 2011. ولا يزيد عدد الباقين عن أربعين عائلة تنزح إلى البلدات المجاورة كلما اشتد القصف، وتعود مع هدوء الجبهات.

عسكريا، يسيطر فيلق الرحمن على معظم حي جوبر الذي عجز النظام حتى اليوم عن اقتحامه رغم الغارات الجوية والقصف العنيف اليومي، مما دفعه إلى فصله عن الغوطة الشرقية عن طريق الالتفاف ومحاولة السيطرة على طريق المتحلق الجنوبي، الذي يقع بين جوبر من جهة وعين ترما وزملكا من جهة أخرى، وهو ما وصفته مواقع مقربة من النظام السوري بأنها “خطة جديدة ذات أبعاد إستراتيجية لا تعتمد على الهجوم من الأمام كما في السابق”.

وفي بيانات متعاقبة، أشار فيلق الرحمن لاستمراره في صد الهجوم الذي تشنه القوات النظامية والمليشيات الأجنبية المساندة لها على محاور قطاع طيبة ومجمع البشائر وكراش، ويترافق ذلك مع غارات جوية وقصف مدفعي مكثف، استهداف بعض النقاط بغاز الكلور السام، مما أوقع عدة إصابات بين صفوف المقاتلين.

وأكد الفيلق تمكنه من إيقاع خسائر بشرية في صفوف قوات النظام وتدمير عدة آليات ودبابات خلال الأيام الماضية. ويقول الناشط الإعلامي عمار سليمان إن المعركة بحي جوبر انطلقت صباح الخامس عشر من يونيو/حزيران الجاري بشن غارات حربية واستهدافه بصواريخ

أرض-أرض، إلى جانب استهداف أطراف بلدتي زملكا وعين ترما الملاصقتين للحي.

ويضيف أنه مع رصد تحركات وحشود كبيرة على جبهات جوبر، بدأت محاولات الاقتحام بعد خمسة أيام من القصف العنيف، وذلك باستخدام الدبابات والآليات والأسلحة الثقيلة وبتغطية مكثفة من الطيران الحربي. وتتركز تلك المحاولات بشكل رئيسي على محور قطاع طيبة شمال شرق جوبر، ومحور وادي عين ترما جنوب الحي، وتستهدف السيطرة على المتحلق الجنوبي وحصار جوبر وفصله عن الغوطة الشرقية.

ويؤكد سليمان أن التحصينات الكبيرة على مختلف جبهات الحي من قبل فيلق الرحمن منعت النظام من التقدم خلال الأيام الماضية إلا لبضعة أمتار على محور عين ترما، وتمكن مقاتلو المعارضة من استعادتها بعد ساعات.

ورغم ذلك يبقى سكان الغوطة الشرقية متخوفين من احتمال تقدم النظام وفصل الحي عن بلداتهم، وبالتالي تضييق الخناق عليهم. ويقول أسعد وهو من سكان بلدة زملكا التي نزح إليها من جوبر منذ أربعة أعوام، “لا قوة يمكن أن تقف بوجه آلة النظام الحربية”، ويتمنى أن تثمر مفاوضات أستانا وجنيف اتفاقا جديدا يجنب جوبر والغوطة الشرقية معارك لن تؤدي إلا للمزيد من الموت والدمار.

ورغم استمرار المعارك بشكل يومي على جبهات البلدة، يستبعد الناشط الإعلامي حمزة عباس المقيم في بلدة عين ترما تقدم قوات النظام رغم القصف العنيف. ويقول إن هذا التقدم -في حال حدوثه- سيجبر المدنيين في عين ترما على النزوح لمناطق أخرى داخل الغوطة الشرقية، وهو ما اعتاده سكان الغوطة مرارا وتكرارا منذ سنوات.

سلافة جبور

الجزيرة