اتضاح ملامح محور عراقي شيعي معتدل ومنفتح على العرب

اتضاح ملامح محور عراقي شيعي معتدل ومنفتح على العرب


بغداد – تخشى فصائل مسلحة محسوبة على الحشد الشعبي في العراق، أن يقود التنسيق الرسمي العراقي مع دول في الخليج العربي والولايات المتحدة، إلى التضييق على مساحة الحركة المتاحة أمامها، ما يمكن أن يقود إلى تحجيم دورها في الانتخابات.

وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” إن “شخصيات بارزة في قيادة الحشد الشعبي بحثت خلال الأيام الماضية مستقبلها السياسي، في ظل تنامي التنسيق بين حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي مع الولايات المتحدة والسعودية، وما يمكن أن يسببه ذلك من أضرار لحظوظها الانتخابية”.

وكشفت المصادر أن “مسؤولين إيرانيين بارزين زاروا العراق خلال الأيام القليلة الماضية، لإعداد تقييم بشأن خارطة التنافس الشيعي المتوقع خلال الانتخابات البرلمانية المقرر تنظيمها في أبريل 2018″.

ولم يعد سرا في بغداد أن إيران تخسر الكثير من حلفائها الشيعة في بغداد، لجهة محور معتدل ينفتح على الخليج ولا يمانع في علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة.

وبحسب مراقبين، فإن هذا المحور يمكن أن يجمع كلا من العبادي، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم.

وتقول المصادر إن “مواجهة شيعية انتخابية بين محور معتدل يضم العبادي والصدر والحكيم، ومحور متشدد يضم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي مع قيادات الحشد الشعبي، خلال اقتراع 2018، لن تكون مأمونة النتائج لإيران”.

وتشير إلى أن “القوى السياسية الشيعية التي تنفر من إيران، ربما لن تستطيع أن تعلن ذلك أو تنخرط في تحالفات لمواجهة نفوذ طهران، لكنها حتما لن تكون مفيدة لطهران”.

وقال سياسي عراقي مخضرم لـ”العرب” إن “إيران إن لم تنجح هذه المرة، في حشد القوى الشيعية أو معظمها في تحالف واحد كما اعتادت أن تفعل، خلال انتخابات 2018، فإنها ستحاول، على الأقل، منع الشيعة الخارجين من تحت عباءتها من الاتحاد في كتلة واحدة”.

ويتوقع مراقبون أن تتجه القوى السياسية الشيعية إلى خوض انتخابات 2018 منفردة، على أن تؤجل التحالفات الكبيرة إلى ما بعد الانتخابات.

صلاح العبيدي: الكتل البرلمانية ستتفكك خلال الانتخابات وتصعد أحزاب جديدة إلى الواجهة
ومن شأن مثل هذا التكتيك الانتخابي أن يعرّض النفوذ الإيراني الكبير في ملف تعيين رئيس وزراء العراق إلى خطر كبير، كما تقول المصادر. لذلك، تعمل طهران بسرعة على لملمة قيادات الحشد الشعبي وزجها مع ائتلاف المالكي في تحالف انتخابي، لتضمن كتلة شيعية برلمانية قادرة على المطالبة بمنصب رئيس الوزراء في حال تطلب الأمر.

ولا تتردد شخصيات سياسية مقربة من إيران في الحديث عن توقعاتها بشأن الدعم الأميركي والخليجي الكبير الذي يمكن أن يحصل عليه العبادي خلال الانتخابات المقبلة في مواجهة تيار التشدد الإيراني.

ويتحرك المالكي بعد أن يئس من استعادة منصب رئيس الوزراء بسبب فيتو عربي أميركي مزدوج فرض عليه، من خلال التنسيق مع إيران ودعم صعود الحشد الشعبي سياسيا كي يقف سدا بينه وبين العبادي والصدر والحكيم، الراغبين في اختفاء المالكي من المشهد السياسي نهائيا. وهو ما قد يؤدي إلى وقوع اختراق عربي لهيمنة إيرانية صارت ثقيلة الوطأة بعد سنوات طويلة من الفشل السياسي.

إلا أن مراقبا سياسيا عراقيا اعتبر الأطراف الشيعية التي تسعى إلى أن تضع مسافة بينها وبين إيران هي الأكثر ضعفا والأقل حيلة على مستوى المناورة السياسية بالرغم من أنها الأكثر شعبية.

وقال في تصريح لـ”العرب”، “لا تزال القوى المؤيدة للهيمنة الإيرانية ممسكة بالاقتصاد والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية وهي تدير البلاد بالطريقة التي تناسب المصالح الإيرانية”.

وأشار إلى أن البعض من السياسيين العراقيين صاروا على يقين اليوم بأن إيران على وشك أن تضحي بهم، ميلا منها إلى تكريس الطابع الطائفي المتشدّد في إطار صراعها المتوقع مع الولايات المتحدة في العراق، لذلك استبقوا الأحداث من خلال إظهار حماستهم لعروبة العراق التي هُدرت طوال السنوات السابقة.

وبعد زيارة الصدر الأخيرة إلى السعودية بدأ الحديث داخل أوساط الساسة العراقيين الموالين لإيران عن أموال خليجية منتظرة، لتعزيز حظوظ الصدر في الانتخابات.

ومع الزيارة المنتظرة التي يفترض أن يقوم بها الحكيم إلى السعودية قريبا، فإن الحديث، ربما يزداد كثيرا، عن جبهة شيعية معتدلة في العراق تواجه النفوذ الإيراني.

ويتوقع صلاح العبيدي المتحدث باسم التيار الصدري أن الكتل البرلمانية الكبيرة ستتفكك خلال الانتخابات المقبلة، وستصعد أحزاب جديدة إلى الواجهة.

ويواجه الصدر ضغطا هائلا في العراق، بسبب زيارته الأخيرة إلى السعودية ولقائه مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وقال العبيدي، إن “الأمير محمد بن سلمان أشار خلال لقائه مع مقتدى الصدر إلى وجود أخطاء في الإدارة السعودية السابقة”.

وأشار إلى اتفاق ولي العهد السعودي وزعيم التيار الصدري، على تغليب لغة الاعتدال والتخلص من الخطاب الطائفي.

واعتبر المتحدث باسم الصدر أن “التدخل الإيراني والسعودي والتركي في الشأن العراقي كان سلبيا”.

وبشأن رؤيته للدور الإيراني في العراق قال العبيدي “إيران تبحث عن مصالحها في العراق”. لكنه أضاف “لن نعطي فرصة لأي طرف ليحقق مصالحه على حساب المصالح العراقية”.

ونالت زيارة الصدر إلى السعودية اهتماما عراقيا كبيرا على مستوى دعمها وانتقادها.

وبينما جاء النقد السلبي من نواب يدورون في فلك النفوذ الإيراني،وصف وزير النفط العراقي السابق عادل عبدالمهدي زيارة الصدر إلى السعودية، بالخطوة إلإيجابية في الاتجاه الصحيح، و”التخلي عن نهج انكفاء كل منا على داخله ومبانيه، بينما الرياح المتضادة تعصف بنا جميعا”.

وقال محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، إن “زيارة الصدر للمملكة العربية السعودية خطوة ممتازة في إعادة ترتيب الوضع العراقي عربيا وضمان توازن علاقاته في المنطقة”، مضيفا أن “المعترضين على زيارة الصدر هم الذين يعتاشون على احتكار إيران لعلاقات العراق مع دول الجوار”.

العرب اللندنية