ملف الاستيطان أمام المحكمة الجنائية الدولية

ملف الاستيطان أمام المحكمة الجنائية الدولية

يعتبر الفلسطينيون الاستيطان من أكثر أسلحة الاحتلال الإسرائيلي فتكا بهم، والمهدد الأخطر لحلمهم في دولة مستقلة ذات سيادة كاملة على حدودهم وفوق أراضيهم المحتلة عام 1967، كما يعتبرونه المنغص الدائم لحياتهم بسلبه للأرض وبسبب ما ينجم عنه من اعتداءات مستمرة.

ومع انغلاق أفق الحل السياسي بالعودة للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المتوقفة أصلا منذ عام 2014، وإمعانإسرائيل بانتهاكاتها ضد الفلسطينيين لا سيما أحداث المسجد الأقصى الأخيرة، أقدمت السلطة الفلسطينية عبر وزارة خارجيتها على إحالة ملف الاستيطان إلى المحكمة الجنائية الدولية.

فقد جاء على لسان الوزير رياض المالكي في حديث أن القيادة الفلسطينية ستقدم طلب إحالة للمحكمة الجنائية الدولية بشأن الاستيطان الإسرائيلي خلال الأيام المقبلة، وأن “الجانب الفلسطيني طلب تحديد موعد مع مكتب المدعية للمحكمة فاتو بنسودا التي قررت أن تختصر إجازتها والعودة إلى لاهاي لعقد اجتماع لاستلام طلب الإحالة”.

خطوة مهمة
واعتبرت شخصيات سياسية وقانونية فلسطينية تحدثت للجزيرة نت أنها خطوة مهمة جدا، خصوصا أن الملفات الثلاثة وهي العدوان على غزة عام 2014 والأسرى والاستيطان رفعت للمحكمة، ولكن دون إحالتها.

ورأى خبير القانون الدولي الدكتور محمد شلالدة أن حصول فلسطين على مركز قانوني في الأمم المتحدة بعد أن أضحت “دولة مراقب غير عضو” رتب لها آفاقا سياسية، منها أحقية فلسطين بالانضمام للعديد من المعاهدات الدولية ومنها المحكمة الجنائية.

وقال شلالدة إن الجديد الذي يتم لأول مرة هو تقدم فلسطين بصفتها طرفا للإحالة دون الانتظار لتقوم المدعية العامة من تلقاء نفسها بالبحث في القضية، إذ من يحق له إحالة أي ملف للمحكمة -وفق نظامها الأساسي- هم الدول الأطراف ومجلس الأمن والمدعية العامة.

وبين الخبير القانوني أن تقديم الفلسطينيين لملف الاستيطان -دون غيره بالوقت الحالي- ينبع من أهميته القانونية، ولأنه مرفوض دوليا وغير شرعي، كما أنه يعتبر جريمة حرب بنص القانون الدولي كاتفاقية جنيف الرابعة ووفقا للمادة 49 وكذلك النظام الأساس للمحكمة، كما أن الاستيطان خطر وانتهاكاته مستمرة ولا تحتاج للوقت الكبير لإثباتها كالقضايا الأخرى.

وأكد شلالدة ضرورة ألا تُفهم هذه الإحالة على أنها رد على انتهاكات الاحتلال في المسجد الأقصى، وإنما على أنها استحقاق فلسطيني، للدولة وللأفراد والمؤسسات والمنظمات الفلسطينية من أجل محاسبة إسرائيل وملاحقتها على جرائمها، وبالتالي جعل إسرائيل بموقف مساءلة لمعاقبة المجرمين أو تسليمهم للجهات الدولية خاصة المتعاقدة في النظام الأساسي للمحكمة “عبر ما يعرف بالولاية أو الاقتصاص الجنائي العالمي”.

وقف الجريمة
من جهته، يرى رئيس هيئة الجدار والاستيطان وليد عساف أن الهدف من الإحالة هو لجم المشروع الاستيطاني ووضع حد له، وقال إن إسرائيل يجب أن تحاسب لارتكابها “جريمة حرب” جراء انتهاكاتها بالاستيطان وغيره.

ويتابع الفلسطينيون -وفق عساف- ومنذ انضمامهم للمؤسسات الدولية الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين ومستقبلهم السياسي، وقال إن هناك لجنة وطنية فلسطينية من كافة المؤسسات تشكلت بمرسوم رئاسي لمتابعة ملف الاستيطان وغيره من النواحي القانونية لتقديمها بشكل لائق.

وتضاعف الاستيطان خلال النصف الأول من العام الجاري لأكثر من ست مرات عن العام الماضي، مما يعني أن إسرائيل ماضية في مخططاتها، خاصة بعد تشريعها قانون تبييض البؤر الاستيطانية وغيرها من القوانين العنصريةكقانون تقسيم القدس.

وهدف الفلسطينيين ليس تجريم الاستيطان والمستوطنين وإنما وقف الجريمة من أصلها، ولذلك يرى عساف أهمية ملف الاستيطان كون الجريمة الإسرائيلية مستمرة يوميا وتؤثر على حياة الفلسطينيين ومستقبلهم وبقائهم وتجردهم من حقهم ببناء دولة وممتلكاتهم وتحاصرهم فـ “التأثير الفعلي لأي تحقيق للمحكمة بأن يتم وقف استمرار الجريمة وليس محاسبة مجرمي الحرب فقط”.

عاطف دغلس

الجزيرة