تنسيق إماراتي أميركي لتطويق القاعدة في اليمن

تنسيق إماراتي أميركي لتطويق القاعدة في اليمن

صنعاء – تضع القوات الإماراتية العاملة في اليمن على رأس أولوياتها منع تنظيم القاعدة من استثمار الوضع الأمني المتردي لإعادة تثبيت نفسه وجعل اليمن قاعدة رئيسية لأنشطته المستقبلية.

ووصفت مصادر عسكرية يمنية تدخل قوات إماراتية خاصة في محافظة شبوة ضد التنظيم بأنه عملية نوعية وأنه بمثابة رسالة قوية للقاعدة بأن اليمن لا يمكن أن يكون المقر البديل للتنظيم بعد هزائمه في أفغانستان والعراق وسوريا، وأن رهانه على التعاون مع مجموعات محلية متشددة مثل حزب الإصلاح الإخواني لن يمثل له طوق نجاة في وجود تنسيق قوي بين الإمارات والقوات الأميركية.

وفي عملية نوعية خاطفة تمكنت قوات تابعة لـ”النخبة الشبوانية” وبدعم وإسناد من القوات الخاصة الإماراتية من تأمين مناطق شاسعة من محافظة شبوة (شرقي عدن).

وقالت المصادر السابقة لـ”العرب” إن القوات التي دخلت المحافظة، الخميس، بسطت سيطرتها على مدن “حبان” و”عزان” و”العقلة” أكبر مدن المحافظة، إضافة إلى تعزيز الوجود الأمني في مدينة “عتق” مركز المحافظة، بعد أيام قليلة من بسط سيطرتها على منطقة “رضوم” وميناء بلحاف الاستراتيجي لتصدير الغاز المسال.

ولفتت إلى أن هذه العملية التي تمت بالتنسيق مع الولايات المتحدة تهدف إلى تجفيف منابع الإرهاب في المناطق المحررة وتضييق هامش الحركة على القاعدة. كما تندرج ضمن سياسة التحالف العربي الذي دأب على التحرك في مسار أمني بشكل متواز مع المسار العسكري من أجل الحيلولة دون حدوث الفراغ الأمني الذي قد تستغله الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها القاعدة وداعش.

وذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام) أن قوات يمنية تدعمها الولايات المتحدة والإمارات شنت عدة غارات على فرع تنظيم القاعدة باليمن في محافظة شبوة الخميس.

ونقلت الوكالة عن مصدر مسؤول في القوات المسلحة الإماراتية قوله “قوات النخبة اليمنية وبإسناد كبير من القوات المسلحة الإماراتية والأميركية قامت بعملية نوعية وكبيرة ضد تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية والمنتشر في محافظة شبوة”.

منصور صالح: تأمين شبوة التي تضم حقول الغاز يحمل أهمية اقتصادية كبيرة
واعتبر المحلل السياسي اليمني منصور صالح في تصريح لـ”العرب” أن الخطوة الإماراتية تكتسب أهمية خاصة على طريق تأمين المناطق المحررة، إضافة إلى أن تأمين شبوة يحمل أهمية خاصة نظرا للأهمية الاقتصادية الكبيرة لهذه المحافظة التي تضم حقولا للنفط والغاز واستثمارات عالمية ضخمة، لا يمكن أن تقوم بعملها إلا في ظل حالة أمنية مستقرة.

وأشار صالح إلى أن تأهيل وانتشار قوات النخبة الشبوانية اللذين أشرفت عليهما الإمارات يمثلان عملا استراتيجيا من ناحية تأمين هذه المناطق وتحديث مؤسساتها العسكرية والأمنية.

ويقول خبراء أمنيون في اليمن إنّ من أكبر المعضلات التي تواجهها الحرب على القاعدة هو اختلاط التنظيم بفصائل مسلّحة تعرض نفسها كجزء من المقاومة الشعبية ضد التمرد الحوثي، لكنها باتت بمثابة “حصان طروادة” للتنظيم للتسلّل إلى عدن وعدد آخر من المناطق والمدن.

ولا يخفي هؤلاء الخبراء اتهامهم لحزب الإصلاح الإخواني بأنه يمثل مظلة لدخول عناصر القاعدة إلى مدن محسوبة على هيمنته مثل تعز، والتحرك فيها بحرية، مشيرين إلى أن الإصلاح لا يريد لورقة القاعدة أن تسقط من يده لأنه يوظفها في إدامة الحرب من جهة، ومن جهة ثانية لفتح قنوات تواصل مع جهات إقليمية ودولية يسعى لتقديم نفسه أمامها كقوة معتدلة يمكن الرهان عليها.

وكثيرا ما تشن طائرات بلا طيار وطائرات حربية أميركية غارات على تنظيم القاعدة في اليمن. ولكنّ تنفيذ قوات إقليمية عمليات برية واسعة النطاق نادر منذ عام 2015 عندما تم طرد تنظيم القاعدة من المنطقة التي سيطر عليها في مدينة المكلا الساحلية.

ويقع في محافظة شبوة الميناء الوحيد لتصدير الغاز في اليمن وهو ميناء بلحاف كما استهدف فرع القاعدة باليمن خط الأنابيب الذي يغذي الميناء عدة مرات. وتوقف الميناء عن العمل بعد إجلاء الخبراء الأجانب من المنشأة في 2015.

ونفذت قوات من “النخبة الحضرمية” في أبريل 2016 حملة أمنية معززة بقوات التحالف العربي، أسفرت عن تحرير مدينة “المكلا” عاصمة محافظة حضرموت، التي تضم أغلب الثروة النفطية اليمنية، من قبضة تنظيم القاعدة والذي كان يستخلص ملايين الدولارات من الرسوم الجمركية الموظفة على الميناء.

وتم تقليص نفوذ الجماعات المسلحة في مدينة عدن من خلال إنشاء قوات “الحزام الأمني” التي قلّصت من وجود القاعدة بشكل كبير ودفعتها إلى مغادرة المدينة، لتتم ملاحقتها عقب ذلك من خلال عمليات أمنية طالت عناصر التنظيم في كل من أبين ولحج.

وذكر فريق من خبراء مجلس الأمن الدولي الخاص باليمن في تقرير صدر أواخر يناير 2017 أن تنظيم القاعدة عقب انسحابه من “المكلا” لم يستطع السيطرة على أجزاء مماثلة من الأراضي. وانحصرت أنشطته في تنفيذ هجمات ذات ثلاث فئات؛ انتحارية وبمدافع الهاون وزرع العبوات على جانبي الطرق.

وانتهجت القوات الإماراتية منذ مشاركتها الفارقة في عملية تحرير عدن في يوليو 2015 تأهيل وتدريب قوات أمنية محلية تتولى مهمة ضبط الأمن وتأمين المناطق المحررة، وهي الاستراتيجية التي ساهمت في استمرار دعم المجتمع الدولي للعمليات العسكرية التي ينفذها التحالف العربي في اليمن.

وكشف تقرير لمجلس الأمن الدولي عن تعرض تنظيم القاعدة في جزيرة العرب طوال العام 2016 إلى أكثر من 30 ضربة أميركية بالطائرات دون طيار ما تسبب في مقتل 139 فردا. كما أعلنت واشنطن عن مجموعات صغيرة على الأرض للمساعدة في العمليات العسكرية التي تستهدف التنظيم.

العرب اللندنية