هل ترمب عنصري؟!

هل ترمب عنصري؟!

لا جدال في أن المجتمع الأمريكي يعيش انقساماً حاداً، خصوصاً بعد انتخاب باراك أوباما رئيساً، فقد شعر الأمريكيون البيض أن دولتهم أفلتت منهم لصالح الأقليات، حسب وصف أحد المعلّقين الأمريكيين، وتمثّلت ردة فعل البيض في الإساءات التي لاقاها أوباما، والسود عموماً، وما حوادث اعتداءات أفراد الشرطة البيض ضد السود، والتي زادت كماً وكيفاً، خلال فترة رئاسة أوباما، إلا إفراز لحالة الاحتقان الشعبية، وكانت أحد أسباب فوز ترمب بالرئاسة، فمن أوصل ترمب للرئاسة هو تقاربه مع الشرائح الشعبية، التي لا تشعر بود تجاه الأقليات، خصوصاً منظمات البيض العنصرية، مثل الكلو كلس كلان، وبقية الحركات العنصرية، فهل يعني ذلك أن ترمب عنصري؟!

ترمب، وقبل ترشحه وفوزه بالرئاسة، كان رجل أعمال براقماتياً، يهمه نجاح تجارته في المقام الأول، وهو يملك شركات عابرة للقارات، ويتعامل مع شركاء من كل الأعراق والأديان، ولئن كانت هناك أحداث قد تشير إلى ميوله العنصرية، مثل مطالبته بقتل الشباب السود الخمسة، الذين اتهموا باغتصاب فتاة بيضاء، في حديقة سنترال بارك، في مدينة نيويورك، خلال ثمانينات القرن الماضي، وهم الذين ثبتت براءتهم فيما بعد، إلا أنه لا أحد يخلو من أخطاء مماثلة، إذ سجّلت لكثير من الساسة الأمريكيين فلتات لسان، أشارت إلى ميول عنصرية كامنة، ومنهم رؤساء كبار، مثل جورج بوش الأب، وبيل كلينتون، فبوش نعت أبناء ابنه جيب بـ” أبنائي الملوّنين!”، أثناء تعريفهم على الرئيس ريجان، إذ إن جيب بوش متزوج من فتاة لاتينية سمراء!

الرئيس بيل كلينتون، أيضاً، سخر من أوباما، عندما ترشح الأخير للرئاسة، وشبهه، في إشارة عنصرية، بالناشط الأسود، جيسي جاكسون، الذي سبق أن ترشح للرئاسة، وخسر خسارة مذلة، وقد انتقم أوباما من كلينتون بالفوز على زوجته هيلاري، في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، في عام 2008، وهي الهزيمة التي لم يكن يتوقّعها أحد، والغريب أن ذات الإعلام، الذي يتهم ترمب بالعنصرية حالياً، لم يصعد تلك الإشارات العنصرية لبوش وكلينتون فيما مضى! وهناك أمر في غاية الأهمية، وهو أن زوج ابنة ترمب المفضّلة، ايفانكا، هو شاب يهودي، وغني عن القول أن العنصريين البيض يكرهون اليهود، مثل كرههم للسود والأقليات العرقية، وربما أشد، فكيف يستقيم أن يكون ترمب عنصريا؟! وهنا لا بد أن نطرح سؤالاً:” هل ترمب سياسي عنصري؟”، والجواب هو أن الدلائل كلها تشير إلى خلاف ذلك، وكل ما في الأمر هو أنه سياسي، جاء من خارج المؤسسة الرسمية، وبالتالي فهو صريح، ولا يعرف نفاق ومجاملات الساسة التقليديين، ويتحدث بعفوية، تتسبب في ارتكابه للأخطاء، وهي الأخطاء التي يضخمها الإعلام، الذي نصب نفسه خصماً له، منذ أن أدرك أنه سيحصد الفوز بالرئاسة، على حساب ربيبة المؤسسة الرسمية، هيلاري كلينتون، وهذه هي حكاية ترمب مع الإعلام والاتهامات التي لا تتوقف ضده من كل شكل ولون!

أحمد الفراج

صحيفة الجزيرة