رأى عام متذبذب: هل يفوز حزب “العدالة والتنمية” التركي في الانتخابات البرلمانية القادمة؟

رأى عام متذبذب: هل يفوز حزب “العدالة والتنمية” التركي في الانتخابات البرلمانية القادمة؟

24344663_f01e1a75975b1e38488d

يتوجه الناخبون الأتراك في 7 يونيو 2015، وفق ما أعلنته اللجنة العليا للانتخابات، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية، التي تعد أول استحقاق انتخابي بعد وصول رجب طيب أردوغان إلي منصب الرئيس، وتولي رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو رئاسة حزب “العدالة والتنمية”، الذي يطمح في الحصول علي النسبة الأكبر من تصويت الناخبين بما يمنحه أغلبية المقاعد، ليكمل مسيرته الناجحة في الاستحقاقات الانتخابية التركية، حيث شارك الحزب منذ تأسيسه عام 2001 في 7 انتخابات (ثلاثة برلمانية وثلاثة محلية وواحدة رئاسية)، واستطاع تحقيق الفوز فيها جميعًا.

وتتزايد أهمية الانتخابات البرلمانية القادمة في ظل تطورات تتجه في مجملها إلي إحراج الحزب الحاكم وقياداته، على غرار أحداث العنف التي شهدها ميدان تقسيم عام 2013، ثم تظاهرات التضامن مع أحداث بلدة “عين العرب” (كوباني) السورية، التي بدأت في أكتوبر 2014، ولا تزال مستمرة حتى الآن، وتبني قوات الأمن سياسة متشددة في التعامل مع التظاهرات التي تم تنظيمها في أكثر من مناسبة، كان آخرها في فبراير 2015، حيث تم اعتقال عشرات المتظاهرين في مدينة شانلي أورفة، جنوب شرقي البلاد، الذين خرجوا لإحياء ذكرى المتظاهر بركين ألفان الذي لقى مصرعه في احتجاجات 2013 في مدينة اسطنبول.

كما يكتسب هذا الاستحقاق الانتخابي زخمًا خاصًا في ضوء تصاعد حدة التجاذبات الحزبية، لا سيما مع أحزاب المعارضة، حيث أعلن كمال كلتشدار أوغلو رئيس حزب “الشعب الجمهوري”، المتحالف مع جماعة فتح الله كولن، في برنامج تلفزيوني، أن الحكومة التركية تسعى لحظر حزبه، مشيرًا إلى أن “فريقًا من حزب العدالة والتنمية الحاكم يدير هذه الخطة دون علم رئيس الوزراء”. وقد كان لهذه التطورات وغيرها تأثير ملحوظ على اتجاهات الرأى العام التركي إزاء حزب “العدالة والتنمية”، وهو ما تبين من خلال عدد من استطلاعات الرأى التي أجريت في هذا الشأن مؤخرًا.

تراجع الشعبية:

أشارت نتائج استطلاع للرأى العام أجرته شركة “البحوث الاجتماعية والسياسية” (سونار) على موقع صحيفة “سوزجو” الإلكتروني خلال الأسبوع الماضي، إلى أنه من المتوقع عدم إحراز حزب “العدالة والتنمية” هدفه بتحقيق فوز كبير في الانتخابات النيابية المقبلة من خلال الحصول على 400 مقعد، حتى يمكن للحزب تمرير مشروع قانون تغيير النظام السياسي من البرلماني إلى الرئاسي، وذلك بعد أن كشفت النتائج عن انخفاض نسبة الحزب الحاكم، وذلك بحصوله على 40% فقط من إجمالي من ينوون التصويت في الانتخابات المقبلة، وهو ما يعني حصوله على 243 مقعدًا فقط، فيما سيحصل حزب “الشعب الجمهوري” على 27.1%، أى أنه سيحصل على 133 مقعدًا، وحزب “الحركة القومية” اليميني على 18%، أى ما يعادل 116 مقعدًا، وحزب “الشعوب الديمقراطية” الكردي على 10.1%، أى 58 مقعدًا. وأكد التقرير الذي نشرته الجهة المنفذة للاستطلاع على أن هذه النتائج تعني عدم قدرة حزب “العدالة والتنمية” على الاحتفاظ بتشكيل الحكومة منفردًا، حيث يستلزم تشكيل حكومة بحزب منفرد حصوله على 276 مقعدًا من إجمالي 550 مقعد.

كما أشارت نتائج استطلاع رأى آخر لشركة “البحوث الجوالة” أجرته خلال شهر فبراير 2015، إلى انخفاض شعبية حزب “العدالة والتنمية”، وذلك بحصوله على نسبة 39.1% فقط، فيما صعدت شعبية أحزاب أخرى مثل حزبي “الشعب الجمهوري” و”الحركة القومية”، وعزت الشركة ذلك لعدد من الأسباب منها ما اعتبرته “سلطوية” الرئيس رجب طيب أردوغان، إلي جانب الفساد، وعدم التوصل لحلول من شأنها القضاء على مشاكل التعليم، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على شعبيه الحزب.

جهود الحزب:

يسعى حزب “العدالة والتنمية” إلى الحصول على الأغلبية المطلقة وتشكيل الحكومة منفردًا بما يمكنه من اتخاذ قرار تغيير الدستور الحالي للدولة، وتغيير النظام السياسي من البرلماني إلي الرئاسي. ويبدو أن الحزب الحاكم يدرك المأزق الذي يمكن أن يواجهه إذا لم يحصل على النسبة اللازمة له من التصويت، بسبب تأثر الناخبين بالمشكلات الاقتصادية وارتفاع مستويات البطالة، فطبقًا لاستطلاع شركة “البحوث الاجتماعية والسياسية” (سونار)، عبر 34.8% من المشاركين في الاستطلاع، والبالغ عددهم 3000 مواطن، عن أن المشكلات الاقتصادية وغلاء المعيشة والبطالة هى أهم العقبات التي تواجه البلاد، فيما رأى 30.7% أن الإرهاب هو أهم المشكلات. وعلى ضوء ذلك، عمل الحزب على اتخاذ إجراءات من شأنها تقليص حدة الاستياء الشعبي قبل الانتخابات، حيث أعلن عن حزمة إجراءات مثل الإعفاء الضريبي، وإلغاء بعض الديون، وقانون البدل العسكري، وقرارات أخرى تتعلق بديون الحرفيين والمتقاعدين يعتزم الإعلان عنها قريبًا. كما اتجه إلى التوسع في قبول عدد المرشحين على قوائمه، حيث تلقى الحزب أوراق 6223 مرشح محتمل، وهو رقم يفوق المتقدمين للترشح ضمن قوائم الحزب عام 2011 بـ 600 مرشح، وينتظر الإعلان عن التشكيل النهائي لقوائم الحزب خلال شهر مارس 2015. وحرص الحزب أيضًا علي وجود أسماء كبيرة ضمن المرشحين، من فنانين ورياضيين وإعلاميين، وكذلك أساتذة جامعات، إلي جانب بعض الشخصيات الكردية البارزة التي تنتمي لعشائر نافذة في المنطقة الجنوبية من البلاد. كما قدم الكاتب الأرميني ماركار إسايان أوراق ترشحه للحزب، حيث سيكون، في حالة انتخابه، أول نائب برلماني من أصول أرمينية في الكتلة البرلمانية للحزب.

ومع ذلك، فإن ثمة عوامل أخرى حاسمة تبقى بعيدة عن قدرة الحزب على التأثير في توجهات الناخبين قبل الانتخابات، من أهمها مدى قدرة الأحزاب الأخرى على ترتيب أوراقها في الحملة الانتخابية التي يعد لها حاليًا، واتضاح موقف قادة ومرشحي حزب “الشعوب الديمقراطي” من الانتخابات، والذي يبدو متغيرًا مهمًا في هذا الإطار، حيث لا يزال الجدل قائمًا حول طبيعة مشاركتهم في الانتخابات ومدى تأثير ذلك على نجاح حزب “العدالة والتنمية” في تحقيق أهدافه.

المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية