هل القوة خيار مطروح لمنع استفتاء كردستان العراق؟

هل القوة خيار مطروح لمنع استفتاء كردستان العراق؟

  في خطوة لقطع الطريق أمام رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني الطامح للانفصال عن بغداد، صوّت مجلس النواب الثلاثاء على رفض استفتاء الإقليم المزمع إجراؤه في الـ25 من الشهر الجاري.

وقد ألزم البرلمان العراقي رئيس الوزراء حيدر العبادي باتخاذ كافة التدابير التي تحفظ “وحدة العراق”، حيث أكد رئيسه سليم الجبوري خلال جلسة أمس أن مجلس النواب يحرص على وحدة العراق، ويرفض تقسيمه تحت أي عنوان أو تبرير، محذرا في الوقت ذاته من إقحام المناطق المتنازع عليها في الاستفتاء باعتبارها مخالفة دستورية.

وأثار رفض البرلمان ردود فعل إيجابية لدى الأطراف السياسية في بغداد، فقد رحب النائب عن ائتلاف دولة القانونعباس البياتي بالقرار، واعتبره نقلة نوعية وانعطافة للمسار الرافض للانفصال والاستفتاء.

ولفت إلى أن الدستور لا ينص على إجراء الاستفتاء وحق تقرير المصير الذي يطالب به إقليم كردستان، وبيّن أن الحكومة مطالبة بإجراءات قانونية وتنفيذية، فضلا عن الدبلوماسية إذا مضى الإقليم في تنفيذ مخططه.

وحدة العراق
وأوضح البياتي أن من بين الخيارات الاتجاه إلى المحكمة الاتحادية من أجل نقض قرار الاستفتاء ومنعه سلميا وفقا للصلاحيات التنفيذية، كما ستعمد الحكومة إلى التواصل مع دول الجوار والمجتمع الدولي في سبيل موقف ضاغط يضمن وحدة العراق، مستبعداً اللجوء إلى القوة كخيار لحل الأزمة بين الإقليم وبغداد، وفق تعبيره.

من جانبه، حذر النائب عن منظمة بدر محمد ناجي إقليم كردستان العراق من مغبة “التصعيد” الذي سيولد مخاطر جسيمة لا يمكن السيطرة عليها، وألمح إلى أن الحرب ستكون أحد خيارات الشعب العراقي الذي لن يسكت إزاء عملية التقسيم والانفصال، بحسب رأيه.

وعن خطوة الحكومة بعد قرار البرلمان، قال ناجي إنها ملزمة باستخدام كافة التدابير بما فيها القوة خاصة إذا أصر الأكراد على مطالبهم المخالفة للدستور، الذي يعد الضامن لوحدة العراق.

ولفت إلى أن الأمر تحوّل إلى مسألة إثبات وجود، رافضا سياسة “لي الأذرع التي يستخدمها الأكراد”، ومعتبرا قرار مجلس النواب رسالة رادعة للعناد الكردي المستمر، لكنه عاد وقال “إننا مع فتح باب آخر للحوار”.

حل الأزمة
كما استبعد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس وفد المجلس الأعلى للاستفتاء روز نوري شاويس اللجوء إلى القوة والمواجهة المسلحة بين بغداد وأربيل كحل لأزمة الاستفتاء، لكنه أكد “إذا تعرضنا للهجوم، فمن حقنا الدفاع عن أنفسنا”.

واعتبر قرار البرلمان الرافض لعملية الاستفتاء غير صحيح، ويخالف مبدأ التوافق التي تعتمده الأطراف السياسية في إقرار الملفات المصيرية والمهمة في البلاد. وبشأن التوافق حيال الاستفتاء، يعترف شاويس بأن الأمر يحتاج إلى مزيد من المناقشات بين جميع الأطراف خاصة التي نمتلك معها علاقات تاريخية، لكنه عاد ليطالب بضرورة إلغاء قرار البرلمان والتفكير بمسؤولية في مطالب الآخرين.

ودعا العبادي بعد ساعات من رفض البرلمان للاستفتاء، القيادات الكردية للمجيء إلى بغداد لحل المشاكل العالقة، مؤكدا خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي أن سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة أمر مرفوض من الجميع، وواصفا الاستفتاء بأنه غير دستوري.

وأكد المتحدث باسم مكتب رئيس الحكومة سعد الحديثي أن الحكومة ملزمة وفق المادة (109) من الدستور بالحفاظ على وحدة البلاد، واعتبر إجراء الاستفتاء غير قانوني ويتعارض مع بنود الدستور، الأمر الذي لا يترتب عليه أي أثر “قانوني ملزم”.

شعب واحد
ويرى المحلل السياسي واثق الهاشمي أن البرلمان رمى الكرة بملعب الحكومة، بعد أن خوّلها استخدام صلاحياتها الدستورية للرد على الإقليم بشأن قرار الاستفتاء، مستبعدا أن يتجه العبادي إلى خيار الحرب الدموية بين أبناء الشعب الواحد.

وأكد أن رئيس الحكومة لا يزال يراهن على الضغط الخارجي ممثلا في تركيا وإيران، فضلا عن أميركا، من أجل إلغاء أو تأجيل الاستفتاء، ويجد أن البارزاني أمام محنة حقيقية، متوقعا أن يلجأ إلى دعوة برلمان الإقليم للالتئام من أجل التصويت على تأجيل الاستفتاء أو المضي به.

وعمد رئيس إقليم كردستان العراق أمس الثلاثاء إلى زيارة مدينة كركوك (شمالي البلاد) المتنازع عليها مع بغداد، في رسالة لحكومة العبادي على إصراره بشمولها في الاستفتاء المزمع.

وقرر مجلس محافظة كركوك نهاية شهر أغسطس/آب الماضي المشاركة في الاستفتاء، مما أثار موجة انتقادات بين الأوساط العربية والتركمانية في المدينة الغنية بالنفط.

الجزيرة