داعش الى أين في العراق ؟

داعش الى أين في العراق ؟

تبقى تداعيات المواجهات العسكرية بين القوات الامنية العراقية وعناصر داعش تلقي بظلالها على مستقبل وتواجد التنظيم داخل المحافظات والمدن التي استطاعت قيادات داعش من احكام سيطرتها عليها خلال الثلاث سنوات الماضية ،وتبقى عملية تواجد هذه العناصر وامكانية مكافحتها والحد من اعادة تأهيل قاعدتها والعمل من جديد باتجاهات وأطر ومبادئ أخرى هاجسا أمنيا يقلق الجهات الامنية والاستخبارية العسكرية وعاملا رئيسيا في توحيد الجهد الدولي والاقليمي تجاه عملية الاعداد واختيار الخطط الميدانية الاستراتيجية الكفيلة بحماية العراق ودول الجوار وباقي أقطار المنطقة العربية من تجذر وبقاء خلايا هذا التنظيم تعمل بكل نشاط وفعالية وتفعيل العمل الامني والاستخباري الجاد في سبيل تحقيق الغاية التي يسعى لها الجميع في تحقيق الامن والسلم العالمي في جميع انحاء العراق ومنطقة الشرق الاوسط امتدادا لعواصم أوروبية تشهد بين الحين والاخر عمليات ارهابية داخل عواصمها ومدنها تشيع الخوف والذعر بين مواطنيها وشعوبها منذرة بتواجد متواصل لعناصر داعش وتجديد في الاساليب المتبعة بالقيام بحوادث وفعاليات ارهابية تقلق الوضع الامني في أوروبا .

وتابع مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية الاحداث الامنية التي شهدتها بعض المناطق والاقضية والمحافظات في العراق ورغم تعدد هذه العمليات ولكنها تشابهت في الاسلوب والاعداد والترتيب الذي قامت به عناصر داعش والمناطق التي تم اختيارها وكما يأتي :

1- بتاريخ 13 أيلول 2017 قامت مجموعة ارهابية يرتدون زيا عسكريا بالتعرض على مطعم شعبي يقع على الطريق الخارجي غرب محافظة ذي قار في منطقة (فدك) وهو طرق يسلكه عادة الزوار الايرانيون مستخدمين اسلحة متوسطة وخفيفة وأحزمة ناسفة سبقها عملية تفجير سيارة مفخخة على حاجز أمني ،وأدى الحادث الى استشهاد(74) مواطنا وجرح (93) أخرين من بينهم ايرانيون ،بعد أن تمكن الارهابيون من اجتياز العديد من المناطق التي أتوا منها وأحدها طريق صحراوي لمحافظة مجاورة .
وأعنت قيادات داعش مسؤوليتها عن الحادث الارهابي عبر قنواتها الاعلامية (أعماق ).

2- بتاريخ 15 أيلول 2017 تعرضت قوات اللواء الثالث عشر التابع للقوات المشتركة العراقية لهجوم ارهابي شنه مسلحين تابعين لداعش على احدى مواقع اللواء المذكور في منطقة (أبو رأسين ) التابعة لناحية القيروان غرب محافظة نينوى .

3- بتاريخ 15 أيلول 2017 أعلنت قوات التحالف الدولي عن افشال مخطط لتنظيم داعش بمهاجمة قاعدة الحبانية العسكرية التي تبعد 80 كم عن مدينة بغداد وتم معالجة الاهداف الارهابية واحباط المحاولة التي كان التنظيم يسعى اليها باستخدام قذائف الهاون والصواريخ ثم مهاجمة القاعدة من احدى المناطق الزراعية الواقعة بمنطقة (الطاش) التي تبعد 110كم غرب بغداد واستطاع الطيران المسير من احباط هذا المخطط بعد أن قامت المدفعية الامريكية بقصف مكان تواجد الارهابين قبل البدأ بتنفيذ عمليتهم .

4- بتاريخ 16 أيلول اصدرت خلية الاعلام الحربي بيانا اكدت فيه ان الاستخبارات العسكرية تمكنت من رصد احدى المعسكرات التابعة لعناصر داعش في منطقة صحراء غرب الرطبة الذي كان يتواجد فيه عدد من عناصر التنظيم ومعالجتهم بضربة جوية قبل قيامهم بعملية إرهابية في محافظة كربلاء .

5- بتاريخ 16 أيلول 2017 تم استهداف موقع لقوات الحشد الشعبي في جنوب غرب محافظة صلاح الدين وهو عبارة عن موقع لبناية مدرسة بسيارة مفخخة وأدى الحادث الى مقتل وجرح من كان في البناية وحرق محتوياتها .

لو ألقينا نظرة فاحصة دقيقة على جميع هذه الاحداث والعمليات وقراءتها ميدانيا بشكل واضح لتوصلنا الى النتائج التالية :

1- اختيار أماكن مختلفة وفي مناطق متعددة من العراق وبجميع اتجاهاته وانتماءاته فهنا عملية ارهابية في الناصرية واخرى تشابهها في تكريت ثم تدانيها في استهداف القوات الامنية في غرب محافظة نينوى ، أي أن الارهاب يطال جميع مناطق العراق من شماله حتى جنوبه .

2- التوقيت الزماني واحد والاتجاهات واحدة والهدف المنشود الذي تريد أن تتوصل اليه هذه الايادي والادوات الخبيثة واحدة ،ونلاحظ ان الفترة الزمنية بين حادث وأخر لا يستغرق يوما بل ساعات وهذا يدل على الاعداد الميداني الدقيق لهذه العمليات والاساليب المتبعة في تنفيذها .

3- ان تستهدف مقرا عسكريا أو تجمعا شعبيا أو وحدة تابعة للحشد الشعبي فهذا من أولويات أهداف التنظيم وأن يتعدى هذا الاختيار ليشمل قاعدة مهمة يتواجد فيها الضباط والجنود والمستشارين الامريكان وتحديدا في الحبانية فهي رسالة واضحة المعالم والدلائل لقيادة التحالف الدولي باستهداف أدواتها وخططها ومواقعها وردا على استهداف أماكن ومقرات قيادي داعش .

4- الجديد في هذه الحوادث هي استهداف محافظة جنوبية مهمة تقع في منطقة استراتيجية تحادد بها عدة محافظات مترامية الاطراف واختيار مكان شعبي يتجمع فيه عدد من الزوار ومنهم ايرانيون واستهدافهم بعملية ارهابية مزدوجة يشكل خرفا أمنيا واضحا ودليل فشل لجميع الخطط الامنية التي تدعي الاجهزة الامنية أنها تعمل على اعدادها وتطويرها والا كيف نفسر مجيء عناصر من تنظيم داعش الى مسالك الطريق الدولي لمحافظة ذي قار واستهداف عدد كبير من المواطنين وقتلهم وتفجير حاجز أمني دون أي رد أو فعل يوقف هذا العمل الارهابي ؟ .

5- أراد الارهابيون ايصال رسالة محدودة ولكنها بليغة المعاني أن باستطاعتهم أن يتواجدوا في أي مكان أن يحددوا الاهداف التي يسعون اليها ويحددون الزمن وأدواته في التنفيذ وهي رسالة اطمئنان ايضا لعناصرهم وخلاياهم النائمة .

ان المتتبع لتوجهات هذا التنظيم يعلم جيدا أن العقيدة الفكرية التي يؤمن بها أتباعهم ومؤيديه أنهم لا ينتهون بعمليات عسكرية كبيرة وانما يتلاشون ويبتعدون قليلا ويذهبون حيث الوديان والصحارى والبراري والبادية والجزيرة مستخدمين أماكن ومقرات بعيدة ومخفية عن الرصد الاستخباري والميداني ويعملون على اعداد وتأهيل أنفسهم من جديد وترتيب أوضاعهم الداخلية وبأسس وأساليب جديدة ووفق خطط أمنية يرسم ملامحها بعض قيادات التنظيم وبالاعتماد على الخلايا النائمة ومساندتها لهم .
والمطلوب اعداد منهاجا أمنيا جدير بالاهتمام والمتابعة وخطط أمنية ذو فعالية كبيرة واعداد عمليات رصد استخباري محكم ومتابعة حثيثة بشكل علمي يوازي أهمية التنظيم وخططه الميدانية والابتعاد عن العشوائية والانتقاء في مكافحة هذا التنظيم الارهابي .

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية