البارزاني يعاتب واشنطن لصمتها على معاقبة كردستان

البارزاني يعاتب واشنطن لصمتها على معاقبة كردستان

أربيل – وصف رئيس إقليم كردستان العراق المتنحي عن منصبه مسعود البارزاني انسحاب قوات البيشمركة من كركوك بالخيانة العظمى، في إشارة إلى تواطؤ بعض شركائه الأكراد مع الحكومة العراقية إثر استعادة القوات الحكومية السيطرة على مدينة كركوك.

وتساءل في كلمة له عما “إذا كانت واشنطن ترغب بمعاقبة كردستان”، مؤكدا أن ليلة الـ16 من أكتوبر تعرضت كركوك وقوات البيشمركة لخيانة كبيرة.

وقال البارزاني بعد وقت قليل من قبول برلمان كردستان تنحّيه عن رئاسة الإقليم “هذه الخيانة أثّرت كثيرا على تنفيذ خططنا في حماية مناطقنا وأثّرت أيضا على قوات البيشمركة”.

واتهم الحشد الشعبي بارتكاب جرائم قتل ونهب بحق الأكراد، رافضا في الوقت نفسه القبول بهذا الوضع.

وأكد أن الهدف ممّا جرى لم يكن تطبيق الدستور وإنما كسر إرادة شعب كردستان.

وقال “قررت عدم التمديد لي بمنصب رئيس إقليم كردستان وسأبقى بالخدمة العامة بالبيشمركة”.

وقالت مصادر مقربة من رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إن “بغداد لم تحسم موقفها بشأن ما إذا كان تنحّي الزعيم الكردي مسعود البارزاني من منصب رئيس إقليم كردستان كافيا لوقف تداعيات استفتاء الاستقلال” الذي نظمته المنطقة الكردية في الخامس والعشرين من شهر سبتمبر الماضي، في وقت يدفع نواب في ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي نحو تقييد التمثيل الكردي في أجهزة الأمن العراقية إلى “حين استقرار الأوضاع السياسية”.

وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” إن “العبادي لم يقرر بعد كيف يتعامل مع إعلان البارزاني عن تنحّيه من منصب رئيس إقليم كردستان، وما إذا كان هذا القرار كافيا لفتح صفحة جديدة مع أربيل”.

وتضيف هذه المصادر أن “العبادي يتلقى استشارات من مقربين تناقش إمكانية أن يكون تنحّي البارزاني مناورة لاستيعاب تداعيات الاستفتاء بعدما تأكد من استعداد بغداد للذهاب بعيدا في إجراءاتها العقابية ضد إقليم كردستان”.

وأعلن رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني أنه “لن يستمر” في منصبه بعد الأول من نوفمبر في رسالة إلى البرلمان.

وقال البارزاني في رسالته التي تليت الأحد في افتتاح جلسة لبرلمان كردستان “سوف لن أستمر في هذا المنصب وأرفض الاستمرار فيه. لا يجوز تعديل قانون رئاسة الإقليم وتمديد عمر الرئاسة”.

وأضاف في رسالته “أطلب من البرلمان عقد جلسة لتفادي وقوع فراغ قانوني في مهمات وسلطات رئيس الإقليم ويجب معالجة هذا الأمر”، مؤكدا “سأبقى ‘مقاتل’ بيشمركة ضمن صفوف شعب كردستان”.

مسعود البارزاني يؤكد أن نيجرفان هو المسؤول الجديد وليس نجله مسرور
وهو ما دفع محتجين إلى محاولة اقتحام البرلمان الكردي والإعلان عن تأييدهم للبارزاني.

وكانت حركة “التغيير” دعت الأسبوع الماضي إلى استقالة البارزاني وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وقال النائب رابون معروف قبل بدء جلسة البرلمان إن البارزاني “يرمز إلى فشل السياسة الكردية، والشيء الوحيد الذي يجب أن يقوم به هو الاعتذار علنا”، ما أثار غضب أنصار رئيس الإقليم المتواجدين في المكان.

وتشير المصادر، إلى أن “ردة فعل بغداد على الاستفتاء لم تكن ضمن حسابات البارزاني، ولكنّ الصدمة الأكبر جاءت من دول الإقليم والمجتمع الدولي منها، إذ اكتفى الجميع بمشاهدة الحكومة الاتحادية وهي تبسط سلطتها على مناطق واسعة وموارد كبيرة كانت تحت نفوذ إقليم كردستان قبل الاستفتاء”.

ويقول مقربون من العبادي إن نيجرفان البارزاني نجل شقيق الزعيم الكردي الذي انتقلت إلى مسؤولياته أهمّ صلاحيات رئيس إقليم كردستان يحظى بثقة واسعة داخل الأوساط السياسية الشيعية. ويعرف عن نيجرفان البارزاني انشغالاته الاقتصادية وقلة اهتمامه بالقضايا العسكرية.

وتقول مصادر في أربيل إن “مسعود البارزاني يحاول إرسال إشارات إلى بغداد تؤكد أن نيجرفان البارزاني هو المسؤول الجديد في الإقليم وليس نجله مسرور”.

ويوصف مسرور، نجل البارزاني، بأنه محرك التوجه القومي الانفصالي في أربيل ولا يحظى بالقبول في بغداد.

وتقول وسائل إعلام كردية إن البارزاني الأب اتهم ابنه مسرور، مؤخرا، بدفع الأمور إلى الحافة قبل الاستفتاء وبعده.

ويرأس مسرور البارزاني وكالة الاستخبارات والأمن في أربيل، وهو جهاز مستقل يحظى بموازنة خاصة، كما يشرف نجل البارزاني على تشكيل خاص في قوات البيشمركة الكردية يعرف عنه التدريب الجيد والتسليح الحديث.

وذكرت مصادر سياسية لـ”العرب” أن “البارزاني الأب جرّد نجله مسرور من هذا الامتياز، وألحق وكالة الاستخبارات الكردية بالحكومة التي يتولاها نيجرفان البارزاني، ونقل مسؤولية القوات الكردية إلى وزارة الدفاع في حكومة إقليم كردستان”.

وبشأن مصير البارزاني، بعد نقل صلاحيات منصبه، يقول رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان الكردي أوميد خوشناو إن “رئيس الإقليم، مسعود البارزاني، سيستمر في المستقبل زعيما كرديا ومقاتلا في البيشمركة”.

وأضاف أن “البارزاني، تسلم منصب رئيس إقليم كردستان، لتوحيد صفوف الشعب الكردي ومنح القوة للمنصب خلال ولايته التي رفض تمديدها مؤخرا”، مشيرا إلى أن “أقدس منصب عند البارزاني هو العمل كمقاتل ضمن صفوف البيشمركة وسيستمر في ذلك مستقبلا”.

ويقول القيادي في الجماعة الإسلامية الكردستانية شوان رابر إن “رئيس الإقليم مسعود البارزاني سيبقى في منصبه ولكن بشكل آخر”، لافتا إلى أن “البارزاني قرّر نقل صلاحياته إلى رئيس حكومة إقليم كردستان نيجرفان البارزاني والبرلمان الكردستاني بهدف إنقاذ الإقليم من الأزمة التي يواجهها”.

في غضون ذلك يدفع نواب في ائتلاف دولة القانون نحو “تجميد التعيينات الأمنية للأكراد إلى حين استقرار الأوضاع السياسية”.

وقالت النائبة المثيرة للجدل عالية نصيف عن الائتلاف الذي يتزعمه المالكي إن “الأحداث التي حصلت بعد الاستفتاء كشفت عن نوايا البارزاني لتمزيق خارطة العراق وفضحت الآلية التي يستخدمها للتمهيد للانفصال”، محذرة من أن “بغداد مكشوفة بالنسبة إلى الأكراد من الناحية الأمنية لكون الكثير منهم يشغلون مناصب حساسة، ولكون العراق في مرحلة ما بعد 2003 يدار بطريقة منفتحة تختلف عن طريقة النظام السابق الذي كان يمنع الكثيرين من تولّي مناصب مهمة بسبب انتماءاتهم العشائرية والقومية والمذهبية”.

وأوضحت أن “النزعة الانفصالية التي يتبناها البارزاني فرضت علينا واقعاً جديداً وأوصلتنا إلى مرحلة كنا نتجنب الوصول إليها، فالعراق اليوم مكشوف أمنيا بالنسبة إلى البارزاني بينما أربيل مغلقة أمنياً بالنسبة إلينا، ومسألة أمن الدولة من أهم وأخطر المسائل بالنسبة إلى العراق الذي يمر بالعديد من التحديات”.

ومضت تقول إن “الظرف الراهن يحتّم على الحكومة العراقية إيقاف أو تجميد التعيينات الأمنية العائدة للأكراد وخاصة الاستخباراتية منها، ووضع اليد على كافة المناصب الأمنية في الدولة العراقية التي يتولاها أكراد إلى حين انجلاء الأمور”.

العرب اللندنية