تركيا تدخل على خط تقويض الأهداف الأميركية في سوريا

تركيا تدخل على خط تقويض الأهداف الأميركية في سوريا

شكّل انشقاق المتحدث الرسمي باسم تحالف قوات سوريا الديمقراطية التركماني الأصل طلال سلو وفراره إلى مناطق سيطرة قوات درع الفرات التي فتحت له مجال العبور إلى تركيا، ترجمة عملية لاستراتيجية تركية جديدة في التعاطي مع ما تعتبره تهديدا كرديا في سوريا.

وقال عبدالله حلاوة القائد في فرقة الحمزة التابعة للجيش السوري الحر إن العقيد طلال سلو وصل إلى مناطق سيطرة الجيش السوري الحر في مدينة جرابلس في ريف حلب الشرقي صباح الأربعاء، وهو يقود سيارته المصفحة، ويحمل سلاحه الشخصي، فضلا عن ملفات تخص عمله، وتوجه بعدها إلى تركيا.

وأوضح حلاوة أن عملية انشقاق سلو وتأمين وصوله إلى مناطق درع الفرات “تمت بعملية أمنية وبتنسيق عال، وأن أحد فصائل المعارضة كان له دور كبير في انشقاقه ووصوله إلى مناطق سيطرة درع الفرات ومن ثم عبوره إلى تركيا”.

وطلال سلو من مواليد محافظة حلب عام 1965 وكان ضابطا في صفوف الجيش السوري في التسعينات من القرن الماضي قبل تسريحه بعد سنوات قليلة، وانضم إلى “قوات سوريا الديمقراطية” عند تأسيسها عام 2015.

ويعد انشقاق سلو هو الأبرز بعد انشقاق عبدالكريم العبيد مسؤول العلاقات الخارجية في تلك القوات في سبتمبر 2016.

وتؤكد مصادر مطلعة أن هذا الانشقاق تم برعاية المخابرات التركية، التي نجحت في التواصل مع سلو الذي كان يشرف على تشكيل يسمى “لواء السلاجقة” في الجيش الحر، ثم انضم إلى ما سمي بجيش الثوار ليحط الرحال في قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبر وحدات حماية الشعب الكردي العمود الفقري لها.

ويرى متابعون أن انشقاق سلو يعكس في واقع الأمر انتقال تركيا من مرحلة الانتظار على أمل تغيير واشنطن موقفها الداعم للأكراد إلى العمل على الأرض لتقويض الكيان الكردي، خاصة بعد أن ثبت بالواضح أن واشنطن ليست بصدد التخلي عن الحليف الموثوق.

ولعبت وحدات حماية الشعب الكردي الذراع السياسية لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي تعتبره أنقرة فرعا من حزب العمال الكردستاني، دورا أساسيا في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية.

ونجحت الوحدات التي تقود قوات سوريا الديمقراطية في تحرير ربع المساحة الجغرافية لسوريا من داعش، وذلك بفضل دعم واشنطن.

وقد أثار هذا الدعم غضب تركيا التي اعتبرته خيانة لها وحاولت إقناع إدارة باراك أوباما سابقا وإدارة دونالد ترامب الحالية بالكف عن ذلك، ولكن لواشنطن حسابات أخرى، فإلى جانب مسألة الحرب على داعش، فإنها ترى في الأكراد الطرف الموثوق والضامن لقواعدها العسكرية المنتشرة في مناطقهم.

القرار الأممي الأخير الذي نص على ضرورة خروج الميليشيات الأجنبية خص بالاسم كتائب فيلق القدس والحرس الثوري وحزب الله

ومؤخرا كشفت تركيا أن هناك 15 قاعدة عسكرية أميركية. وبالتأكيد الولايات المتحدة تبدو حريصة على وجود ثابت لها في سوريا لضمان مصالحها، وهي تدعم وجود إقليم حكم ذاتي في شمال البلاد يحتضن قواعدها.

والأربعاء رحّب حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بدور أطول أمدا للقوات الأميركية في سوريا بعد هزيمة داعش قائلا إن على الأميركيين أن يواصلوا الاضطلاع بدور في سوريا لحين التوصل إلى حل سياسي للأزمة.

جاء ذلك بعد تصريحات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس عن دور للقوات الأميركية في سوريا، بعد الانتهاء من الجهاديين. وفي رسالة مكتوبة قال شاهوز حسن الرئيس المشترك للحزب إن ذلك ربما يكون مفيدا.

وأوضح “دون تحقيق حل سياسي للأزمة السورية واستمرار التدخل التركي والإيراني في سوريا وبقاء مجموعات القاعدة في سوريا سيكون من الأفضل استمرار عمل التحالف الدولي”.

ويرى مراقبون أن الأكراد يعتبرون أن الوجود الأميركي سيكون ضمانة لتنفيذ مشروعهم في سوريا وعدم تعرضهم لتهديد من تركيا أو حتى

إيران. ويشير المراقبون إلى أن أنقرة بالتأكيد تأخذ المصالح المشتركة بين الأكراد والأميركيين بعين الاعتبار وهو ما جعلها تخرج عن دائرة التنديد وتتحرك لإجهاض هذه المصالح على الأرض.

ويضيف المراقبون أنه ليس مستغربا أن يكون هناك تعاون تركي إيراني على هذا المستوى، ويقول هؤلاء إن تبدل التحالفات الإقليمية والدولية قد يعني إطالة أمد الأزمة السورية، بيد أنهم لا يزالون متشبثين ببصيص أمل لحلها، خاصة وأن هناك بعض الخطوات التي لا يمكن تجاهلها وتدعم هذا المسعى ومنها موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة الأربعاء على ضرورة خروج الميليشيات الأجنبية من سوريا.

وخص القرار الأممي بالاسم كتائب فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، وهذه الميليشيات تعتبر أحد الأسباب الرئيسية في استمرار الصراع السوري.

صحيفة العرب اللندنية