معركة راوه: التحديات المقبلة…

معركة راوه: التحديات المقبلة…

    اكتمل الجهد العسكري والامني بالعراق في مواجهة مقاتلي داعش وقياداته باندحارهم النهائي في 17 تشرين الثاني 2017 بعد هزيمتهم في قضاء راوه التابع لمحافظة الانبار آخر معقل للإرهاب في محافظات العراق ودخول المجاميع القتالية رافعة رايات النصر معلنة انهزام أدوات الترهيب وسحقها، والتي التي كانت تعيق مسيرة الوئام والحب في النسيج العراقي المتماسك، مما يضعنا نحن العراقيين أمام مرحلة جديدة بعد(1423) يوما من سيطرة داعش على محافظات وأقضية ونواحي (نينوى-الانبار-صلاح الدين-ديالى).
كما اننا على أعتاب رؤية سياسية واجتماعية ينهض فيها شعبنا العراقي الصابر ليبدأ مرحلة من البناء والنهوض والشموخ والاعتماد على الذات وبعنفوان متقدم سمته الكبرياء والانصهار في بوتقة العراق الواحد الذي تساعده جميع القوى الخيرة من أبنائه وشيوخه ورموزه التي ساهمت وعاونت في دحر الارهابين وتمزيق الارهاب والفتك بعناصره وأدواته .
من هنا فاننا نرى العراق الان أمام تحديات كبيرة ترسمها خريطته الجديدة في جميع الميادين وعلى اختلاف الاصعدة والاتجاهات ويمكن أن تشكل عملية التحدي الجديد في معركة (البناء والاعداد) اكمالا لمعركة انهاء الارهاب والضرب عليه وتحطيم مساراته وأهدافه وضرب مرتكزاته واستهداف مقراته .ويمكن تحديد أهم التحديات التي ينبغي على الحكومة العراقية مواجهتها بما يلي :
1.البناء الفكري :وهو قاعدة أساسية ومهمة لإعادة بناء المجتمع وتحصينه واعداد مناهج ودراسات وبحوث استراتيجية مع أدوات فعالة لمواجهة جميع الافكار الهدامة المتطرفة والسعي لفضحها وتثقيف ابناء شعبنا العراقي لمواجهتها وتشخيص أدواتها والعناصر الداعمة لها لكي لا تتكرر ظاهرة الارهاب مرة أخرى في العراق وبأوجه وصيغ جديدة ،فالبناء الفكري عامل أساس في تنوير المجتمع والاخذ بيده نحو التقدم والرقي بالاهتمام بالقواعد الفكرية ورجالات الفكر والتنوير والاعلام الموجه بعيدا عن الطائفية المقيتة والتعصب القومي المرفوض والدعوة لاحترام ارادة الشعب العراقي وتدعيم الاتجاه الوطني في مواصلة رص الصفوف وتحصين المجتمع برابط مقدس من النسيج الاجتماعي المتماسك .
2.البناء الاجتماعي : وهنا نحتاج الى العمل نحو بناء مجتمع تسوده مبادئ العدالة الاجتماعية والابتعاد عن تمزيق وحدة المجتمع بصور الاجتثاث والتهميش والتجريم والاقصاء فهذه المفردات سبق ان عاناها المجتمع العراقي بكل انتماءاته لذا على الجهات السياسية مراجعة أدواتها في حكم المجتمع والبدء بترسيخ صور المصالحة المجتمعية التي ترسم ملامح الحياة الجديدة للعراق والابتعاد عن اتجاهيين أخذا دورا في افشال العملية السياسية هما: المحاصصة الطائفية والتوافقات السياسية عن جميع الكتل والاحزاب السياسية واعطاء الدور الريادي لرموز العراق وشخصياته الفكرية والادبية والعشائرية في معالجة البناء الاجتماعي للوطن وفتح صفحة جديدة قوامها التسامح والصفح لإرساء دعائم الوحدة الوطنية .
3.البناء السياسي :تعزيز احترام الرأي الآخر والدفع تجاه تعميق روح التواصل الفكري بين جميع مكونات الشعب العراقي واحترام ارادته في تحقيق أهدافه وطموحاته والعمل بمبدأ الفريق الواحد بعيدا عن المنازعات والاختلافات السياسية في الرؤى الميدانية التي تقود البل، واعداد برامج سياسية ذات أهداف ومضامين تدعو للوحدة الوطنية وتعزيز دور الفرد العراقي في رسم الحياة السياسية للبلاد وعدم استخدام الاساليب والادوات التعسفية في ملاحقة اصحاب الرأي والفكر لكي لا تسمح مرة أخرى بعودة صور الارهاب وأدواته للعراق .
4.البناء الاقتصادي :مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين واعداد البرامج والخطط الاقتصادية الاستثمارية التي تسهم في رسم سياسة اقتصادية وطنية قوامها العمل المنتج والحفاظ على المال العام وتؤخذ بنظر الاعتبار أهمية ثروات البلد وتخصيص المبالغ التي ترد من عوائدها في بناء العراق وتعزيز قدراته الاقتصادية والتنموية والشروع في اعادة البنى التحتية للمحافظات التي أسهم الارهاب في تحطيمها بفعل المواجهات العسكرية وعمليات القصف الجوي والتفجيرات والسيارات الملغمة والبنايات المفخخة واعادة ابنائها الى دورهم ومحلات سكناهم واشاعة روح الامل والتفاؤل في مستقبل زاهر مع تحديد مسارات بناء نهضة صناعية وزراعية تنموية والحفاظ على المال العام وتقديم الفاسدين للمحاكم .

وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية