قرار المحكمة الاتحادية العراقية بإلغاء الاستفتاء ينقذ الساسة الأكراد من الورطة

قرار المحكمة الاتحادية العراقية بإلغاء الاستفتاء ينقذ الساسة الأكراد من الورطة

بغداد – قدمت المحكمة الاتحادية، أعلى سلطة قضائية في العراق، مخرجا للقيادة السياسية الكردية، عندما أصدرت قرارا بإلغاء استفتاء إقليم كردستان الذي أجري في الخامس والعشرين من سبتمبر لتقرير مصير الأكراد، فيما كان رد الفعل في أربيل “يشبه إعلان استسلام”، وفقا لمراقبين.

وأصدرت المحكمة، الاثنين، حكما بـ”عدم دستورية الاستفتاء الجاري في الـ25 من سبتمبر 2017 في إقليم كردستان وبقية المناطق خارجه، وإلغاء كافة الآثار والنتائج المترتبة عليه”.

ويمثل قرار المحكمة مخرجا لسلطات إقليم كردستان، التي تطالبها بغداد بالإعلان عن إلغاء الاستفتاء.

ونقلت مصادر مطلعة عن شخصيات سياسية كردية، “ارتياحها لقرار المحكمة الاتحادية، الذي يجنب كردستان الإعلان رسميا عن إلغاء الاستفتاء، وهي خطوة قد تسبب حرجا بالغا أمام الجمهور الكردي”.

وفي أول تعليق على قرار المحكمة، قال رئيس حكومة المنطقة الكردية، نيجرفان البارزاني، إن “قرارات المحكمة الاتحادية غير قابلة للطعن”، في إشارة واضحة إلى خضوع الإقليم لها.

وقال البارزاني في مؤتمر صحافي في أربيل، إن قرار المحكمة “صدر من جانب واحد”، لكن “قراراتها غير قابلة للطعن أو الاستئناف”.

ولم تصدر عن البارزاني، أو عن أي شخصية في حكومة إقليم كردستان، أو الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، أي إشارة إلى رفض قرار إلغاء الاستفتاء أو الاعتراض عليه.

وأعلن الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو الحزب الثاني في كردستان، “التزامه بقرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن عدم دستورية الاستفتاء الانفصالي”، مؤكدا أن “قرارات المحكمة ملزمة للجميع بما فيها حكومة إقليم كردستان”.

نيجرفان البارزاني: الخيار العسكري ليس واردا لحل المشاكل بين بغداد وأربيل
ولكن نيجرفان أقر بأن أربيل أبلغت واشنطن بأن “الأكراد بحاجة إلى تفسير واضح للدستور العراقي”. وقال المسؤول الكردي “نريد أن نحتكم إلى الدستور في حل مشاكلنا مع بغداد، ولكننا نحتاج إلى تفسير واضح لهذا الدستور”، في إشارة إلى المخاوف الكردية من أن يستخدم الدستور العراقي لتقليص مكاسب المنطقة الكردية، على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية.

ويتمتع إقليم كردستان بحرية تقترب من الإطلاق في إدارة شؤونه الداخلية. فلديه مطاراته التي يستخدمها في التواصل مع العالم بعيدا عن سلطات بغداد، ولديه إدارته المستقلة لمنافذه الحدودية مع تركيا وإيران، ولديه قوات عسكرية تعرف بالبيشمركة، وتضم الآلاف من المقاتلين، وحظيت بفرصة التسليح الأميركي والغربي.

ولكن إجراء استفتاء تقرير المصير قلص هذه المكاسب كثيرا وهدد المتبقي منها، في وقت تتصاعد الدعوات في بغداد لمزيد من الضغط على الإقليم.

وعلق نيجرفان على المفاوضات التي شهدتها الأيام الماضية مع الحكومة المركزية بالقول “لم تكن مفاوضات سياسية سرية مع بغداد كما يقول البعض، بل كانت اجتماعات بين قيادات عسكرية تمثل القوات العراقية والبيشمركة، لمنع الاحتكاكات على خطوط التماس بينهما”.

وأضاف أن “الخيار العسكري ليس واردا لحل المشاكل” بين بغداد وأربيل.

ودعا رئيس الحكومة الكردية بغداد إلى منح الإقليم حصته المعروفة من الموازنة المالية السنوية، وهي 17 بالمئة من مجمل قيمة النفقات العراقية، مشيرا إلى أن حكومته مشغولة بتأمين رواتب موظفيها حاليا.

ورحب مكتب رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بقرار عدم دستورية استفتاء كردستان، مشيرا إلى أن “قرار المحكمة جاء معززا لموقف الحكومة الدستوري في بسط السلطة الاتحادية ورفض الاستفتاء وعدم التعامل معه”.

ودعا البيان “الجميع إلى احترام الدستور والعمل تحت سقفه في حل جميع المسائل الخلافية وتجنب اتخاذ أي خطوة مخالفة للدستور والقانون”.

وقالت مصادر سياسية في بغداد لـ”العرب”، إن “قرار المحكمة الاتحادية أزال الموانع السياسية التي تعترض بدء الحوار بين بغداد وأربيل”.

وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم، كشف أن بغداد وأربيل، لا تفضلان التفاوض عبر وفود سياسية كبيرة حاليا، بل تريدان إفساح المجال للوفود الفنية والمتخصصة لتقديم مقترحات عملية.

وقال معصوم إن “الطرفين ليست لديهما رغبة في قدوم وفد كردي كبير إلى بغداد في الوقت الراهن، خوفا من أن تتلكأ المباحثات ويفهم أنهما فشلا في الاتفاق”.

وتابع “الطرفان يتفاوضان حاليا بخطوات عملية على مستوى الوفود الفنية والمهنية ثم بعد ذلك يأتي المسؤولون السياسيون من كردستان إلى بغداد”.

العرب اللندنية