عن الثقافة الإيرانية

عن الثقافة الإيرانية

دخلت إيران القرن العشرين بالثور والمحراث الخشبي، وخرجت منه بمعامل للصلب، وببرنامج نووي يذير ذعر الكثيرين. “إيران وفارس” اسمان استعملا للدلالة على قطر واحد، ولكنهما ليسا مترادفين تماماً، فلما هاجرت الأقوام الآرية من موطنها الأصلي جنوبي بحر الآرال إلى الهضبة المرتفعة الواقعة أسفل بحر قزوين، سموا الموطن الجديد “إيران” ومعناها “موطن الآريين”. ويمكن تقسيم تاريخ إيران القديم إلى مراحل الآتية:
1- حقبة ما قبل التاريخ: وتبدأ من أولى الشواهد على وجود الإنسان على شبه الهضبة الإيرانية (حوالي100.000 سنة قبل الميلاد) والتي انتهت تقريباً مع بداية الألف الأول قبل الميلاد.
2- حقبة التاريخ البدائي: وتغطي تقريباً النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد.
3- حقبة الأسر الحاكمة (من القرن السادس إلى القرن الرابع قبل الميلاد): عندما أصبحت إيران في بؤرة ضوء التاريخ المدون. باستثناء حضارة “عيلام” المتمركزة بعيداً عن الهضبة الإيرانية في منطقة خوزستان المنخفضة، ذلك أن التاريخ المدون بدأ هناك مبكراً كبدايته في منطقة بلاد الرافدين (حوالي 3000 سنة قبل الميلاد).

4- الدولة الأخمينية.

5- حكم الإسكندر إلى دولة البارثيين.

6- الدولة الساسانية.

7-من الفتح الإسلامي إلى الدولة البهلوية.

8-العصر الذهبي للحضارة الفارسية.

9- عهد المغول.

10-الدولة الصفوية.

11-الدولة القاجارية.

12-الدولة البهلوية.

13-الجمهورية الإيرانية.

تاريخيًّا  شكلت التركيبة العرقية المكونة من القوم الآري والأقوام القديمة القاطنة في هضبة ايران قبل الآريين، شكلت شعباً عريقاً كان يتمتع طوال آلاف من السنين خلت، بثقافة وحضارة عريقة نتج عنها ظهور سلالات من الامبراطوريات العظيمة المتحضرة المؤثرة في العالم قديماً وحديثا.
وأنشأ هذا الشعب بلداً كبيراً، مستلهماً من تراث الحضارات التليدة كالبابلية والأوراتية والآشورية والعيلامية. تعود ذروة ازدهار هذه الحضارة الى العهد الإخميني والذي شهد فيه العالم القديم حكومات وامبراطوريات عديدة وعلى رقعة واسعة.
وأدّت هذه الوسعة والتنوع المدهش لمختلف الأقوام والكيانات التي كانت تعيش تحت راية الامبراطورية الاخمينية، أدّت من جهة الى ظهور طرق وأساليب جديدة في بناء العلاقات والبيروقراطية والمعاملات الاقتصادية، وجعلت رؤية المرء تتغير تجاه الثقافة والحضارة والمعتقدات الدينية والقومية من جهة أخرى. هذا قد قام الايرانيون ولأول مرة وبأمر من الملك الاخميني كوروش، بتدوين ميثاق لحقوق الانسان، وذلك قبل 2500 سنة مضت؛ مما يشير الى كيفية تمكنهم بالتحلي بالصبر والحلم والتسامح والمرونة حيال كل رؤية واعتقاد وثقافة، وان خير شاهد على ذلك، هو وجود قوانين مدنية وقضائية في ذلك العصر بايران. وكانت هذه القوانين وضمن إتباعها العملي للسياسات والاستراتيجيات العامة للحكم الاخميني، كانت تحترم الحريات الفردية والقومية والدينية لجميع الشعوب والأقوام الخاضعة للامبراطورية الاخمينية. وحسب الدراسات والأبحاث التي أجريت بهذا الشأن، فان القانون الروماني، والذي يعد أساساً شاملاً للحضارة الغربية الجديدة، قد اقتبس من القوانين الايرانية السائدة في العهد الاخميني.
انتهى العصر القديم وبدأت فترة جديدة في تاريخ ايران تجلت ببزوغ فجر الاسلام في هذه البلاد، وامتزجت التعاليم الاسلامية بالثقافة الايرانية وعلى ضوئها قامت حضارة جديدة وقوية. وفي هذا العصر الحديث، قدم الايرانيون وبناءً على التعاليم الاسلامية السمحاء كنوزاً قيمة من العلم والمعرفة والتقنية والفن للعالم، مما ترك أصداءً واسعة في الغرب أدّت في نهاية المطاف الى انطلاق بوادر «النهضة العلمية» وبدء «عصر الحكمة” ومع الفتح الإسلمي لإيران بدأت مرحلة ” ديناميكية الثقافة وحيوية الحضارة”.

کانت إيران إحدی البلدان التي تم فتحها بشکل کامل في فترة أقل من عشر سنوات تقريباً. صحيح أن إيران کانت قبل الفتح الاسلامي على حافة الانهيار الاجتماعي وفي منحدر السقوط، ولکن ليس هناك من لايعتقد بأن إيران کانت قبل ذلك تتمتع بحضارة مزدهرة. وکانت إيران قد حققت تقدماً في حقول الآداب والعلوم وفن العمارة والاجهزة الحکومية. يعني ذلك أن المسلمين الفاتحين لم‌ يأتوا الى بلد بعيد عن العلم والثقافة والحضارة، بل إنهم جاؤوا الى بلد يعترف الجميع بحضارته ورقيه. بعد دخول العرب المسلمين واصل الايرانيون تحرکهم الحضاري. واستغرقت عودة الاستقرار السياسي الى إيران بعد الفتوحات وتعرُّفُ الايرانيون على التعاليم الاسلامية وتعلمهم للغة الجديدة مايناهز قرناً ونصف القرن من الزمن، و بعد اجتياز هذه المرحلة استخدم الايرانيون ثانية کفاءاتهم فساروا في مسار جديد للمساهمة في بناء حضارة جديدة. وأوضح دليل على ما نذهب اليه هو الانتماء الايراني لمعظم کبار العلماء في مختلف الفروع العلمية؛ من أمثال ابن‌سينا والفارابي وأبوريحان البيروني وعمر الخيام وسيبويه و الطبري وأبو معشر البلخي والامام البخاري والامام مسلم النيشابوري والامام النسائي والکثير من غيرهم. من جانب آخر لايمکن اعتبار ظهور هؤلاء العلماء نتيجة الاجواء الايرانية فحسب، لأن الخصوصية الأساسية للآثار العلمية لهؤلاء الفطاحل کانت تتمثل في هويتهم الاسلامية.

ان العهد الاسلامي في ايران يعد من أبرز فصول التاريخ في العالم برمته، اذ نرى كواكب من الخطباء والشعراء والفلاسفة والحكماء والعلماء الكبار الذين أنتجوا كماً هائلاً من العلم والمعرفة في هذا العصر. كما تتألق عظمة وأبهة هذا العهد في العمارة الاسلامية- الايرانية، حيث تتجسد الفنون الاسلامية الايرانية في بناء القباب والمنارات البارزة فناً وعلوّا مستلهمة، من الخطوط والأشكال والصور الاسليمية الدقيقة في تزيين المساجد ونحو ذلك بالقاشاني والطابوق والطوب والتجصيص.
هذا وتعتبر اللغة الفارسية من أقدم اللغات الحية في العالم، التي جذورها ضاربة في عمق تاريخ الحضارة البشرية. ووفرت اللغة الفارسية أرضية خصبة لإزدهار بعض من اكبر الحضارات القديمة فضلاً عن أنها شكلت فيفساءً بتنوع لغاتها، وذلك عقب الغزو الوحشي الأجنبي والغزو الحضاري للامم والشعوب. ولو تصفحنا التاريخ لرأينا أن كثيراً من الروائع الادبية الخالدة كتبت وألفت بالفارسية ولتبقى من اكثر اللغات العالمية شمولية وامتداداً في الشرق قروناً متتالية. وكانت رقعة انتشار اللغة الفارسية تمتد من قلب اوروبا الى الشرق الأقصى، وان خير شاهد على ذلك، هو النسخ والمخطوطات الأدبية الفارسية الرائعة العديدة التي تركت أثراً لها في قلب اوروبا وصولاً الى الشرق الأقصى.

والسؤال الذي يطرح في هذا السياق: هل فكرتَ يومًا أن تطَّلع على الثقافة الإيرانية بعيدًا عن السياسة؟ الأدب والموسيقى والشِّعر وبقيَّة الفُرُوع الأخرى لحضارة إيران، التي تمتدُّ لقرون طويلة من قبل ميلاد المسيح عليه السلام. هل تعَّرفت أو سمعت الموسيقى الفارسيَّة؟ كيف تأثرت بموسيقات حضارات غيرها وكيف أثَّرت على الموسيقى العربية، واشتهر في بلاد العرب موسيقيين فرس وعلماء موسيقى كالفارابي وابن سينا؟

يعود تاريخ الموسيقى الفارسية إلى آلاف السنين منذ عهد حضارة عيلام ومرورًا ببقية الحضارات التي مرت من أرض فارس، صارت الموسيقى ظاهرة جدًا وازدهرت في عصور الساسانيين لأنها كانت في الطقوس الدينية للعبادة الزرادشتية. مما يشاع كذلك أنَّ الإسكندر الأكبر بعد أن غزا بلاد المشرق افتتن بموسيقى الشَّرق جدًا، بعض الكُتاب يقول أن هذا الموقف يعكس ما كانت تعاني منه الموسيقى الإغريقية مقابل ما كانت تتميز به موسيقى الشَّرق الساحرة.

الموسيقى الإيرانية التقليدية تتداخل فيها الكثير من الروافد لثقافات وحضارات أخرى. وتعتبر الموسيقى الهندية صاحبة التأثير الأكبر على الموسيقى الفارسية، فقد طلب بهرام ملك الساسانيين من ملك الهند (والد زوجته) أن يرسل معهُ 1200 موسيقي هندي ليمتِّعُوا الإيرانيين بموسيقاهم. كما أشار أبو ريحان البيروني إلى هذا التأثر. أبرز هذه التأثيرات أنّ بعض الآلات الموسيقية الهندية شائعة في الموسيقى الإيرانية كآلتي: القان والداراي. من الناحية الأخرى تتأثر الموسيقى الهنديَّة كذلك بالموسيقى الإيرانية، فالتأثُّر بينهما كان متبادلًا، فالسلطان الهندي أكبر شاه كان في بلاطه موسيقيين إيرانيين من بينهم الموسيقي والشاعر أمير خسرو دهلوي.

للموسيقى الفارسية التقليدية بعض الآلات الخاصة بها، فالعود الإيراني مثلًا يختلف عن العود العربي، لكنّ هذه الاختلافات ليست وحدها، فهذه بعض الآلات التي اخترعت في فارس وباتت جزءًا من المخيال الموسيقي للإيرانيين:

(1) القوبوز (آلة العشق): يُقال أنَّها تعتبر الآلة الأُمّ لجميع الآلات الموسيقية التي يتمّ العزف عليها في الشَّرق الأوسط. وقد عُرفت منذ 500 سنة وحتَّى الآن باسم آلة العشق، وهي آلة قديمة جدًا ووفقًا لبعض وثائق علم الآثار تعود جذورها إلى 6000 سنة تقريبًا. أي أنها كانت مشهورة بين قبائل السومريين.

(2) الـ چنگ: أحد الآلات الوترية الموسيقية الفارسية القديمة وقد كانت منتشرة على نطاق شعبي كبير خلال عهد الحكم الساساني. تظهر الآلة في اللوحات الجدارية الفارسية القديمة، وقد تغيَّر شكلها بتطوُّر صناعتها منذ ما يقارب 4 آلاف سنة قبل الميلاد. تُعزف هذه الآلة في الأغلب من قبل النساء، وتشهد الآن محاولات إحيائها من جديد مع الموسيقى الجديدة.

(3) سه تار: وهي أحد الآلات الوترية التي تنتمي لعائلة العود. وتتكون الكلمة من مقطعين «سه» يعني ثلاثة، وكلمة «Tar» تعني وتر، وهي آلة بثلاث أوتار. أضيف إليها وترٌ رابع فيما بعد. نشأت في بلاد فارس قبل انتشار الإسلام وتستخدم على نطاقٍ واسع في جميع أنحاء إيران وآسيا الوسطى.

يُعرَف العديد من الموسيقيين الإيرانيين وعلماء الموسيقى كذلك في التاريخ الإسلامي، ولربما لم يخرج موسيقيون كبار من العرب مثل ما خرج من الفُرس. ربما بسابق تأثير الثقافة الفارسية الممتدة لسنين طويلة قبل الميلاد والتي كانت الموسيقى أحد الروافد الأساسية لهذه الثقافة، خصوصًا أنها كانت تستخدم في الطقوس الدينية للديانة الزرادشتية. مع فتح بلاد فارس كاملةً ومع صعود الخلافة الأموية تشابكت الثقافات واختلطت فتأثرت ببعضها البعض، بدأت الموسيقى الفارسية في العصر الأُموي تأخذ وضعها مع انتشار المغنيين والموسيقيين في قصور الخلفاء ومجالس الوزراء والمترفين.

يذكر المؤرِّخون أنّ أحد ذوي الأصول الفارسية وهو «سائب خاثر» كان مولًى لعبد الله بن جعفر، كان عبد الله قد سمع أحد المغنيين الفُرس (اسمه نشيط الفارسي) يغني فأعجب به، فقال له سائب: أنا أصنعُ لك مثل غناء هذا الفارسيّ بالعربية. وهو أول من صنع العود بالمدينة وغنَّى به، وقد كان أوَّلَ صوتٍ يغنَّى به في الإسلام من الغناء العربي المتقن الصنعة، وفقًا لأبي الفرج الأصفهاني في كتابه الأشهر: الأغاني. إذن فقد كان أول غناء عربي متقن الصنعة متأثرًا بالموسيقى الفارسية. وقد تأثرت الموسيقى العربية بالموسيقى الفارسية كثيرًا وربما كان تأثير الموسيقى الفارسية هو الأقوى والأبرز في الموسيقى العربية خصوصًا أنّ صعود الموسيقى الفارسية ازداد ارتفاعًا مع وصول العباسيين للسلطة الذين اعتمدوا على الفرس في إقامة دولتهم وإدارتها.

استطاعت‌ الثقافة‌ الايرانية‌، أن‌ ترسخ‌ مواقعها ، و أن‌ توسع‌ دائرة‌ معجبيها عبر التاريخ ‌، قديمه‌ و وسيطه‌ و حديثه‌، و كان‌ للثقافة‌ في‌ تجلياتها الابداعية‌ في‌ مجال‌ العلوم‌ و الأدب‌، شعره‌ و نثره‌، و في‌ مجال‌ العمارة‌ و النحت‌ و التصوير و الصناعات‌ الحرفية‌ امتيازات‌ اختصت‌ بها، و عبرت‌ عن‌ رؤية‌ متكاملة‌ إنسانية‌ الطابع‌.و تصطبغ‌ الثقافة‌ الايرانية‌ في‌ أغلب‌ عصورها بمدخل‌ فلسفي‌ إيجابي‌ ، سعى‌ دوماً إلى‌ تكريس‌ مفاهيم‌ الخير و العدالة‌ و المحبة‌، إلا أن‌ انعطافها الأكبر في‌ هذا الاتجاه‌ ، حصل‌ مع‌ دخول‌ الاسلام‌ ، الذي‌ دعم‌ تلك‌ الاتجاهات‌ البنّاءة‌ و الانسانية‌ في‌ مجال‌ الثقافة‌ عموماً، و رفدها بروح‌ جديدة‌ مستمدة‌ من‌ روح‌ العقيدة‌ ، التي‌ تتمثل‌ أهم‌ خصائصها بالتوحيد.

إننا نستطيع‌ تتبع‌ صفحات‌ متلاحقة‌ من‌ تطور الثقافة‌ الايرانية‌ منذ ظهور الدولة‌ الفارسية‌ في‌ منتصف‌ القرن‌ السادس‌ قبل‌ الميلاد و حتى هذا التاريخ ‌، مروراً بالاخمينيين‌ و الأشكانيين‌ و الساسانيين‌ و الصفويين‌ و غيرهم‌، و قد تفاعلت‌ إيران‌ عبر تاريخها مع‌ شعوب‌ الأمم‌ المجاورة ‌، و استطاعت‌ في‌ النهاية‌ ، أن‌ تخرج‌ من‌ هذه‌ التجارب‌ الطويلة‌ و المعقدة‌ بفن‌ ، يتمتع‌ بميزات‌ خاصة ‌، إلا أن‌ أهم‌ أحقاب‌ الفن‌ الايراني‌ تتمثل‌ في‌ الحقبة‌ الاسلامية‌.
يتميز التصوير الاسلامي‌ ، الذي‌ عرف‌ باسم‌ “المنمنمات‌” بخصائص‌ مميزة‌ ، تشمل‌ الجوانب‌ التقنية‌ و الأسلوبية‌ و الوظيفية ، ‌ التي‌ يطمح‌ إليها هذا التصوير، و ينطلق‌ هذا كلّه‌ من‌ فلسفة‌ ، تتناول‌ الانسان‌ و الكون‌ و الدين‌ في‌ إطار عرفاني‌.

لعب‌ الفنانون‌ الايرانيون‌ دوراً مهماً في‌ أكثر المدارس‌ الفنية‌ للمنمنمات ‌، فقد تفاعلت‌ خبراتهم‌ في‌ كل‌ من‌ المدرسة‌ العباسية‌ في‌ بغداد، و خاصة‌ لدى‌ وصول‌ البرامكة‌ إلى‌ موقع‌ السلطة‌ ، فقد استجلب‌ هؤلاء العديد من‌ الفنانين‌ الايرانيين‌ إلى‌ بغداد ، فشاركوا في‌ تأسيس‌ مدرسة‌ المنمنمات‌ فيها ، و قد عرف‌ من‌ المدرسة‌ السلجوقية‌ محاولة‌ الحفاظ‌ على‌ أصالة‌ الرسم‌ الايراني‌ ، و سماته‌ المحلية‌ ، و أبعاده‌ عن‌ تأثيرات‌ الفن‌ الصيني ‌، لكن‌ باستيلاء المغول‌ على‌ إيران‌ ، و ظهور المدرسة‌ المغولية‌ ، تغيرت‌ ملامح‌ المنمنمات‌، إذ أوجد المغول‌ مدارس‌ في‌ تبريز و شيراز و مرو ، ارتبطت‌ بالأسلوب‌ الصيني‌، ثم‌ ظهرت‌ المدرسة‌ الهراتية‌ أو التيمورية‌ في‌ سمرقند ، و هي‌ من‌ أبرز مدارس‌ الرسم‌ الايراني‌ على‌ وجه‌ الاطلاق، و عندما تأسست‌ المدرسة‌ الصفوية‌ في‌ العهد الصفوي‌ ، انتقل‌ مركز الفن‌ الايراني‌ من‌ “هراة‌” إلى‌ “تبريز”، و تعتبر رسوم‌ المدرسة‌ الصفوية‌ صفحة‌ جديدة‌ في‌ الرسم‌ الايراني‌.

وكل من يزور ايران، يشاهد بأم عينيه وفي كل جزء من أراضيها مفخرة للايرانيين من المعالم الاثرية والفنون الجميلة وما الى ذلك تحكى عراقة الحضارة فيها. ان الابنية والعمارات الفخمة والفنون الدقيقة والطبيعة والمناظر الخلابة هي معالم أشار اليها المؤرخون والسياح والفنانون وغيرهم في ذكرياتهم وأعمالهم.أدرجت منظمة «اليونسكو» العالمية 15 معلماً أثرياً ايرانياً في قائمة الآثار العالمية من بين آلاف المعالم الأثرية في ايران، هي كالتالي:(تشغا زنبيل) ومجموعة تخت جمشيد (برسبوليس)، وبيستون، وعرش سليمان، وحصن بم التاريخي، وقبة سلطانية، وساحة نقش جهان، وكنس أذربيجان، والمنشآت المائية في شوشتر، وسوق تبريز التاريخي، ومقبرة الشيخ صفي الدين الاردبيلي، والحدائق الايرانية، والمسجد الجامع باصفهان وبرج قبة قابوس.

ينسب الإيرانيون أنفسهم إلى كل من الإسلام الشيعي وتاريخهم ما قبل الإسلام، خصوصًا الساساني، والإخميني، والبارثيني. وتعد الأسماء التي يختارها الآباء لأولادهم دليلًا حيا على ذلك: من التشيع تأتي أسماء مثل: علي، مهدي، رضا، حسين، حسن، وفاطمة، ومن إيران القديمة، من خلال الشاعر الفردوسي وملحمته الشاهنامة “كتاب الملوك” تأتي أسماء مثل إسفنديار، إسكندر، رستم، سهراب، أردشير، كاوه ، بهرام وأتوسا. وما زالت هذه الملحمة التي يبلغ عمرها عشرة قرون تقرأ بشكل واسع في الوقت الحاضر. وعلى الرغم من أن الهوية الوطنية تعتبر اختراعًا حديثًا، تشير الشاهنامة إلى إيران بالاسم أكثر من ألف مرة، ويمكن اعتبار هذه الملحمة تاريخا أسطوريا للأمة الإيرانية. وقد أظهر الإيرانيون- كما هي الحال لدى بعض شعوب الشرق الأوسط- وعيا قوميا سابقًا بكثير على العصر الحديث، وبطبيعة الحال، فإن كيفية التعبير عن هذا الوعي ومن الذي طوره لم تكن دائمًا أمورا ثابتة.

وحدة الدرسات الإيرانية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية