العراقيون يحتفلون بالنصر على داعش ويتوقون لهزيمة الفساد

العراقيون يحتفلون بالنصر على داعش ويتوقون لهزيمة الفساد

بغداد- شهدت الكثير من مناطق العراق، الأحد، احتفالات بمناسبة الإعلان الرسمي عن هزيمة تنظيم داعش لم تخل من منغصّات وكذلك من أمنيات. فالبلد الذي تمكّنت قوّاته بمساعدة من التحالف الدولي ضد داعش من هزيمة التنظيم وطرده من المدن والمناطق التي احتلّها، يواجه تبعات الحرب، الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي لن تكون من دون تأثير على مستقبل أبنائه.

وأوقعت الحرب خسائر بشرية ومادية جسيمة وألحقت دمارا هائلا بالبنى التحتية للمناطق والمدن التي دارت فيها. ومع الأعداد الهائلة من اليتامى والأرامل وفاقدي السند وموارد الرزق، لا يزال عدد كبير من العراقيين مشرّدين في المناطق التي نزحوا إليها فرارا من الحرب دون أفق واضح لعودتهم إلى مناطقهم وهي عوة تبقى رهينة عملية إعادة الإعمار باهظة التكلفة.

ومن أمنيات العراقيين التي عبّروا عنها في غمرة احتفالاتهم بالنصر على داعش، استعادة دولتهم لعافيتها وتجاوز العملية السياسية العرجاء القائمة على المحاصصة الحزبية والطائفية، والتخلّص من سرطان الفساد الذي بات ينخر مختلف مؤسسات الدولة دون استثناء.

وفي ساحة التحرير بوسط العاصمة بغداد، تجمّع المئات للاحتفاء بإنجاز القوات العراقية التي أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي أنها فرضت سيطرتها على كامل التراب العراقي، بعد أكثر من ثلاث سنوات كان تنظيم داعش قد سيطر فيها على ما يقارب ثلث مساحة البلاد.

وعلى وقع أناشيد حماسية، رفع المشاركون من نساء ورجال وأطفال الأعلام العراقية، إضافة إلى لافتات كتب عليها “تحالف الإرهاب والفساد والمحاصصة هو العدو الأكبر.. فلنحاربه وندحره”.

وبدأت مجموعة من النساء المتشحات بالسواد من أنصار الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر بترديد أهازيج عراقية، وهتفن “طلعنا البوقة (كشفنا السرقة) يا نوري”، في إشارة إلى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي..

والمالكي الذي قاد البلاد طيلة ثماني سنوات متتالية متهم على نطاق واسع في العراق بالمسؤولية عن استشراء الفساد في البلاد والتسبب بانهيار القوات المسلّحة وبالتالي دخول داعش للموصل صيف سنة 2014.

في ساحة التحرير بوسط العاصمة بغداد، تجمّع المئات للاحتفاء بإنجاز القوات العراقية التي أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي أنها فرضت سيطرتها على كامل التراب العراقي
ويؤكد جميع المشاركين في الاحتفال أن عودة الأرض والأمن والأمان ستبقى هشة في حال لم تتم محاربة الفساد. ويقول المواطن شهاب عبدالله لوكالة فرانس برس إن “المطلوب من الحكومة الآن الالتفات إلى الأمور الأخرى التي تخص الشعب العراقي والتوجه نحو القضاء على الفساد والمفسدين”.

ومن جهتها، تؤكد الناشطة المدنية أيسر الشرشفجي أن “أي كلام أقوله الآن لا يعبر عن فرحتي بالنصر”، مضيفة في الوقت نفسه أنه “إذا لم يحاكم الفاسدون، لا يكتمل النصر”. وأعلن رئيس الوزراء العراقي في خطاب رسمي السبت، من أمام مقر وزارة الدفاع في بغداد، أن المعركة المقبلة ستكون ضد الفساد المستشري في البلاد.

وفي مسيرة أخرى، من شارع أبونواس إلى منطقة المنصور في وسط بغداد، يؤكد وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي الذي شارك المحتفلين، أن “التحدي الكبير المقبل هو الفساد.. سنلاحق رؤوس هذا الفساد”.ويوضح الأعرجي أن “تنظيم داعش انتهى عسكريا، لكن تبقى بعض الخلايا النائمة التي سنلاحقها ونقضي عليها”.

وكانت بغداد شهدت صباحا عرضا عسكريا كبيرا في ساحة نصب الجندي المجهول، في المنطقة الخضراء المشددة الحماية حيث المقار الرئيسية للوزارات والسفارات، خصوصا الأميركية والبريطانية.

وأقامت قطعات من مختلف صنوف القوات العراقية العرض العسكري في ظل المروحيات والطيران الحربي الذي كان يجول في السماء. ورحب العبادي خلال العرض بعائلات القتلى من القوات المسلحة الذين سقطوا خلال المعارك ضد داعش.

وهنأ التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الحكومة العراقية بإعلانها تحرير الأراضي، مؤكدا أنه “لا يزال هناك الكثير من العمل لضمان هزيمة داعش الحتمية”.

وشهدت مدن متفرقة في البلاد احتفالات شاركت فيها قوات أمنية وفصائل الحشد الشعبي ومدنيون. ففي الموصل، ثاني أكبر مدن البلاد التي استعادتها القوات العراقية في يوليو الماضي، انطلقت مواكب سيارة ترفع الأعلام العراقية. وهتف المشاركون بشعارات وطنية، محاطين بسيارات عسكرية وأخرى للشرطة تبث أناشيد.

وفي كربلاء شاركت آليات عسكرية في مواكب جابت شوارع المدينة مزينة بأشرطة ملونة، كما تجمع المئات من المدنيين في ساحة الحسين وسط المدينة وهم يرقصون على وقع الأهازيج.

ويقول أحد المواطنين “انتصرنا على الإرهاب والمعركة المقبلة أصعب، وهي محاربة الفساد”. كما تجمع مواطنون في البصرة جنوبا، والرمادي والفلوجة في غرب البلاد، فيما غابت تلك المظاهر عن مدن إقليم كردستان الشمالي الذي انتقد عدم ذكر العبادي لقوات البيشمركة الكردية في خطابه.

وبحسب خبراء، لا يزال داعش المتطرف قادرا على إراقة الدماء وإلحاق الأذى بالعراقيين. ويتوقع هؤلاء أن يعود التنظيم الآن إلى مربعه الأول، عبر شن الهجمات المنفردة والاعتداءات والتفجيرات الدامية ضد المدنيين العزل.

العرب اللندنية