صعوبة تحقيق خطة بوتين لإنهاء الحرب بسوريا

صعوبة تحقيق خطة بوتين لإنهاء الحرب بسوريا

اهتمت مجلة فورين أفيرز الأميركية بالحرب التي تعصف بسوريا منذ أكثر من ست سنوات وبالتدخل الروسي واللاعبين الدوليين والإقليميين الآخرين فيها، وتحدثت عن صعوبة تحقيق خطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهائها.

فقد نشرت مجلة فورين أفيزر مقالا للكاتب ديمتري ترينين قال فيه إن الحرب في سوريا توشك على الانتهاء بعد مرور نحو سبع سنوات على اشتعالها، وإن مختلف القوى في الشرق الأوسط تتطلع إلى الخطوة التالية.

وأشار الكاتب إلى أن كلا من الرئيس الروسي بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإيراني حسن روحاني سبق أن التقوا في منتجع سوتشي جنوب غرب روسيا في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لمناقشة مستقبل سوريا.

وأضاف أن جولة من المحادثات جرت مؤخرا برعاية الأمم المتحدة بين ممثلي رئيس النظام السوري بشار الأسد وممثلي المعارضة في 28 من الشهر الماضي في جنيف، وأنه من المقرر إجراء جولة أخرى من المحادثات في سوتشي أوائل العام القادم.

لاعبون دوليون
وقال الكاتب إن الرئيس بوتين جعل من بلاده أحد اللاعبين الرئيسيين في الشأن السوري، وذلك في أعقاب التدخل العسكري والمناورات الدبلوماسية، وتحدث عن تفاصيل هذا التدخل الذي بدأ في سبتمبر/أيلول 2015 بدعوى مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية ومنع تغيير النظام السوري من جانب قوى خارجية مثل الولايات المتحدة والسعودية.

وأضاف أنه بعد أكثر من عامين على هذا التدخل الروسي في سوريا، فقد تم إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة وتأمين بقاء نظام الأسد في السلطة، ولكن الحرب لم تنته بعد، ويتزايد التركيز على محاولة إجراء تسوية سياسية مستقبلية في البلاد.

وقال الكاتب إن روسيا لن تكون قادرة على فرض هذه التسوية وحدها أو حتى جنبا إلى جنب مع حليفتيها تركيا وإيران، لكن موسكو ستكون معنية بالمشاركة بالسلام في سوريا كما سبق أن شاركت في الحرب فيها.

وأضاف أن روسيا ارتأت بقاء الأسد في سوريا منعا لانزلاق البلاد في الفوضى، لكن موسكو تدرك أن محاولة الأسد استعادة السيطرة الكاملة على سوريا تعد سعيا إلى مستحيل، بل وغير مرغوب بها.

جيوب سوريا
وأوضح أن سوريا صارت مقسمة فعليا إلى عدة جيوب تسيطر عليها قوى مختلفة ممثلة بنظام الأسد وبمجموعات مناهضة للأسد وبمليشيا موالية لتركيا وأخرى موالية لإيران وبالمسلحين الأكراد. وأشار إلى دور روسيا في تنفيذ خفض التصعيد بمناطق مختلفة في سوريا.

وتحدث الكاتب عن الصعوبات التي تواجه روسيا في محاولتها لبناء أرضية مشتركة بين جميع الفصائل المتصارعة في البلاد، ومحاولتها تمهيد الطريق لشكل من أشكال الحكومة الائتلافية، وقال إن الأسد متردد في الموافقة على تقاسم حقيقي للسلطة، وإن لإيران تحفظاتها.

وأضاف أن روسيا ستكون مضطرة لممارسة الكثير من الضغط ومحاولة الإقناع لتحقيق نتائجها المفضلة، غير أن الروس يعتقدون أن ترتيب تقاسم السلطة المشتركة على الطريقة اللبنانية يمكن أن يكون وصفة لمحاولة تحقيق الاستقرار في سوريا. وأشار إلى أن موسكو تفضل قيام حكم ذاتي حقيقي للأكراد في سوريا.

وأضاف أنه كما كانت روسيا قد شاركت في الدعم الجوي في الحرب السورية، فإن إيران ومليشياتها شاركت في القتال على الأرض، وإن طهران تريد إضفاء الطابع المؤسسي على وجودها على أرض الواقع في سوريا، وذلك لاستمرار التأثير على مستقبل البلاد والمحافظة على التواصل الفعلي مع حليفها الإقليمي المتمثل في حزب الله في لبنان.

إسرائيل وإيران
وقال الكاتب إن روسيا تتفهم مصالح إيران في سوريا وإن كانت لا تشاركها فيها، لكن موسكو تتفهم المصالح الإسرائيلية، وتسعى لتحقيق توازن بين الطرفين.

وأوضح أن روسيا تتعاطف مع المخاوف الأمنية الإسرائيلية بشأن وجود مجموعات شيعية مسلحة قريبة جدا من حدودها، وأن موسكو تأمل في استغلال المهاجرين الروس في إسرائيل لجني فوائد اقتصادية ومالية وتقنية.

لكن روسيا لا تستطيع تجاهل دور إيران كقوة إقليمية، والتي يمكنها توفير فرص أخرى لموسكو مثل مبيعات الأسلحة وما يتعلق بالطاقة النووية. وقال إن الحلفاء الشيعة الإيرانيين قد يبقون في سوريا، ولكن على أن يبقوا على مسافة بعيدة عن إسرائيل.

وأضاف أن روسيا تدرك أيضا أن الحرب توشك على الانتهاء وأن إعادة الإعمار تلوح في الأفق، وأن أمما أخرى ستتقدم إلى سوريا بما في ذلك الصين وأوروبا واليابان. وقال إن روسيا تسعى للمشاركة مع هذه الأمم لتأمين جزء من جهود إعاد الإعمار المربحة التي سيمولها المانحون الدوليون.

أما الأصول الروسية الحقيقية في سوريا، فتتمثل في النفوذ في دمشق بما أن موسكو هي الضامن لبقاء الأسد، لكن روسيا تسعى لتأمين مصالحها في سوريا أيا كان توازن السلطة السياسية في البلاد.

وقال إن إحلال السلام في سوريا لن يكون أقل صعوبة من محاولة الفوز في الحرب فيها، وسط تنافس اللاعبين الإقليميين والدوليين في هذا السياق.

المصدر : الجزيرة,الصحافة الأميركية