القدس الشرقية.. عاصمة فلسطين الموعودة

القدس الشرقية.. عاصمة فلسطين الموعودة

القدس الشرقية هي ذلك الجزء من مدينة القدس الفلسطينية الذي لم تحتله إسرائيل عقب نكبة عام 1948، وظل خاضعا للسيطرة الأردنية حتى عام 1967، ويطالب الفلسطينيون بأن يكون عاصمة لدولتهم المستقبلية.

بموجب “قانون التقسيم” الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947 وحمل رقم 181، قسمت الأراضي الفلسطينية إلى دولة عربية (43 %) ودولة يهودية (56 %)، مع وضع منطقة القدس (1 %) تحت وصاية دولية.

وقسمت القدس لاحقا إلى مناطق فلسطينية تحت السيطرة الأردنية (11.48 %)، ومناطق فلسطينية محتلة (الغربية) تحت السيطرة الإسرائيلية 84.13%، ومناطق حرام ومناطق الأمم المتحدة  (4.40 %).

احتلال إسرائيلي
وبعد النكبة سارع رئيس وزراء إسرائيل ديفيد بن غوريون في 3 ديسمبر/كانون الأول 1948 إلى إعلان أن القدس الغربية هي عاصمة لإسرائيل، ونقل هو وعدد من الوزراء مكاتبهم في ديسمبر/كانون الأول 1949 إلى الشريط الغربي المحتل.

وفي السابع من يونيو/حزيران 1967 احتلت إسرائيل الجزء الشرقي من مدينة القدس وشكلت لها إدارة عسكرية، وفي 8 يونيو/حزيران 1967 أقام حاخام جيش الدفاع الإسرائيلي آنذاك شلومو غورين شعائر الصلاة اليهودية قرب الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف (حائط المبكى)، معلنا في ختامها “أن حلم الأجيال اليهودية قد تحقق.. فالقدس لليهود ولن يتراجعوا عنها وهي عاصمتهم الأبدية”.
وفي 11 يونيو/حزيران 1967 عقدت الحكومة الإسرائيلية اجتماعا لبحث ضم القدس إلى إسرائيل، وتقدمت في 27 من الشهر نفسه بمشروع قرار، ووافق الكنيست الإسرائيلي في ذلك اليوم على ضم القدس الشرقية لإسرائيل سياسيا وإداريا بموجب الأمر رقم 2064.
وفي 30 يوليو/تموز 1980 صوت نواب الكنيست على قرار “قانون أساس.. القدس عاصمة إسرائيل”القاضي باعتبار مدينة القدس بشطريها عاصمة موحدة لإسرائيل ومقرا لرئاسة الدولة والحكومة والكنيست والمحكمة العليا. ويدعو القرار إلى اتخاذ الإجراءات التي من شأنها تنفيذ نصوصه.
وجاء في قرار الكنيست أن “القدس الموحدة كاملة هي عاصمة إسرائيل”، وأن “القدس مقر رئيس البلاد والكنيست والحكومة والمحكمة العليا”.
وقامت السلطات الإسرائيلية لاحقا بعد ذلك القرار بعدة إجراءات عملية بهدف دمج شطري المدينة، فأزيلت بوابة مندلباوم التي كانت نقطة العبور بين القدس الغربية والشرقية، وأزيلت الحواجز الأخرى التي كانت تفصل بين جزأي المدينة وامتدت على طول “الخط الأخضر“.
وعملت إسرائيل منذ عام 1967 على تهويد مدينة القدس المحتلة بأشكال مختلفة، وسنت قوانين عديدة لتعزيز سيطرتها على القدس الشرقية التي يفترض أن تكون عاصمة لدولة فلسطين.
رفض دولي
مجلس الأمن الدولي من جهته رد على القرار الإسرائيلي بضم القدس الشرقية، بإصدارالقرار رقم 478  في 29 أغسطس/آب 1980، ويتضمن عدم الاعتراف بالقانون الإسرائيلي بشأن القدس، ويدعو الدول إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية من المدينة.
كما أصدرت الجمعية العامة القرار رقم 15/36 في 28 أكتوبر/تشرين الأول 1981، بأن أي تغييرات في منطقة القدس غير شرعية وضد القانون الدولي، وأن مثل هذه الأعمال تعدّ عائقا أمام تحقيق السلام العادل والشامل.
وتوالت القرارات الأممية الرافضة لضم القدس الشرقية، منها القرار رقم 2334 الصادر في 23 ديسمبر/كانون الأول 2016، ويؤكد أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 -بما فيها القدس الشرقية- ليس له أي شرعية قانونية، ويطالب إسرائيل بوقف فوري لجميع أنشطة الاستيطان وعدم الاعتراف بأي تغيرات في حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967.
وبعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 وعد الفلسطينيون بأن يكون الجزء الشرقي من القدس عاصمة مستقبلية لهم، وأكدت القيادة الفلسطينية موقفها الثابت في العديد من المرات بقولها “إنه لا دولة فلسطينية من دون القدس الشرقية عاصمة لها وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية“.
وتمسك الفلسطينيون بهذا الحلم مدعومين من المجتمع الدولي بما فيه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذي يرى أن ضم القدس الشرقية واستيطانها منذ 1967 غير شرعي ويرفض الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
حتى الموقف الأميركي الرسمي كان يؤيد الموقف الدولي بشأن القدس المحتلة، وهو ما ظهر في رسالة تطمينات أميركية إلى الفلسطينيين في أكتوبر/تشرين الأول 1991، جاء فيها “نحن لا نعترف بضم إسرائيل للقدس الشرقية أو قيامها بتوسيع حدودها البلدية”.

من جهتها تؤكد روسيا أنها تعترف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل والقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وهو ما أعاد تأكيده مصدر بوزارة الخارجية الروسية في ديسمبر/كانون الأول 2017.

اعتراف أميركي
غير أن الكونغرس الأميركي انقلب على الموقف الدولي في 23 أكتوبر/تشرين الأول 1995 عندما أصدر قانونا ينص على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس ووجوب الاعتراف بـ”القدس عاصمة لدولة إسرائيل”.

ورغم أن الرؤساء الأميركيين السابقين دأبوا على تأجيل تنفيذ قرار الكونغرس بحجة “حماية مصالح الأمن القومي”، فإن الرئيس دونالد ترمب أعلن في خطاب من البيت الأبيض في 6 ديسمبر/كانون الأول 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وقال إنه وجّه أوامره إلى الخارجية الأميركية للبدء بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.

وقال ترمب “قررت أن الوقت قد حان لأن نعلن رسميا الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل”، لكن قراره ذلك عده خبراء القانون مخالفا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، لقرار التقسيم الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 والقاضي بقيام دولتين فلسطينية ويهودية ومنح القدس وضعا قانونيا خاصا تحت وصاية الأمم المتحدة.

وردا على اعتراف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، دعا قادة الدول الإسلامية العالم إلى الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين

، وقال القادة في بيان أصدروه عقب القمة التي عقدوها في 13 ديسمبر/كانون الأول 2017 “ندعو الدول إلى أن تعترف بدولة فلسطين وبالقدس الشرقية المحتلة عاصمة لها”.

الجزيرة