زحف تنظيم الدولة الإسلامية نحو دمشق

زحف تنظيم الدولة الإسلامية نحو دمشق

مثل لعبة “اضرب الخُلد”، عندما يضرب التحالف الذي تقوده أمريكا داعش في مكان ما، تظهر في مكان آخر. هذا ما حدث بداية نيسان/ أبريل، عندما فقدت داعش تكريت في العراق، سيطرت في سوريا على مخيم اليرموك الذي عانى طويلًا.

مخيم اللاجئين الفلسطينيين، الذي أصبح ضاحية من العاصمة دمشق الآن، كان مكانًا لسيطرة خليط من الفصائل الثورية الفلسطينية والسورية، ومحاصرًا من قوات موالية للرئيس السوري بشار الأسد.

في الفترة الأخيرة، اقتصر وجود داعش في سوريا تقريبًا في شرق البلاد حيث الحدود مع العراق، لكن خلال الأسبوع الماضي، إعلانها للولايات في الأجزاء الأخرى من سوريا بدا أقرب للتفكير الحالم؛ فرجالها اقتربوا غربًا من مقراتهم في الرقة نحو مضمار الأسد.

في 31 آذار/ مارس قتلوا على الأقل 46 من سكان المبعوجة، قرية قريبة من حماة. وفي 1 نيسان/ أبريل أطلق الجهاديون هجومًا للسيطرة على اليرموك، على بعد ١٠ كيلومترات فقط عن مركز دمشق.

القتال مستمر، لكن يقال إنّ داعش تسيطر على أربع أخماس المخيم. بالإضافة لإرسال مقاتليها، وجدت داعش مجندين محليين بين سكان المخيم الغاضبين الذين جوعتهم قوات النظام لحد أكل الأوراق، كما أنهم لا يحبون بعض الفصائل الثورية التي تتحكم باليرموك لتعاملها السياسي مع النظام بدل مواجهته.

المراقبون تخوفوا مطولًا من أن داعش قد تتقدم في سوريا، بينما ركزت خطة التحالف على “إضعاف وهزيمة” داعش بالغالب على العراق. إلا أن داعش لا تعتبر البلدين ساحتي معركتين منفصلتين، مدعية أن “خلافتها” تجاوزت الحدود ما بعد الاستعمارية.

يقول نوح بونسي، محلل سوريا بمجموعة الأزمات الدولية الموجودة في بروكسل، إن “داعش تبحث عن فرص استراتيجية للتمدد، وتوليد الكثير من الضجيج”. بينما لم تستطع داعش تحقيق المزيد من المكاسب شمال سوريا -حيث أخرجها الأكراد من كوباني بدعم الضربات الجوية الأمريكية-، فإن الجنوب هو المكان الطبيعي لتبحث عن مكاسب.

تكتيكات داعش الجديدة تكشف الضعف الكامن في استراتيجية أمريكا. في العراق، يملك التحالف شركاء غاضبين على الأرض على شكل الحكومة العراقية والمليشيات الشيعية المدعومة من إيران.

في سوريا، خططها لدعم الثوار المعتدلين لم تُجدِ كثيرًا، مع معاداة أمريكا لكل من داعش ونظام الأسد. وعلى النقيض، إيران تدعم كلًا من الحكومتين العراقية والسورية، لتساعدها من خلال المليشيات المحلية للدعم، وإرسال مقاتلين من حزب الله، وكيلها اللبناني.

ثوار سوريا على الجنوب أكثر تسليحًا وأقل تطرفًا من نظرائهم في الشمال، لكن حتى هم يتلقون دعمًا محدودًا من الدول العربية وأمريكا. لحد الآن، الأسد هو الذي يهاجم داعش في اليرموك. في تغير غريب، لكنه ملحوظ، يدعي الأسد أنه يدافع عن الـ18 ألف شخص الذين حاصرهم خلال السنتين الماضيتين.

بينما انتشرت المشكلة الجهادية، بعض الدول العربية تحفز الأسد ليكون الشر الأقل. في 2 نيسان/ أبريل، تونس، التي عانت الشهر الماضي من هجوم متحف باردو الذي أدى لمقتل 22 شخصًا، أعلنت أنها ستعيد فتح قنصليتها في دمشق. ظاهريًا، لتعب الجهاديين التونسيين، لكن المسؤولين دعوا السفير السوري ليرجع إلى تونس.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي داعم للأسد أكثر من سابقه مرسي. ومع ذلك، فإن الرئيس السوري يخسر قوته ويعتمد أكثر فأكثر على حزب الله والمليشيات المدعومة من إيران.

يعتقد البعض أن السعودية، التي تقود هجومًا من عشرة بلدان في اليمن، قد تفعل المزيد لتزيح الأسد. الإعلام العربي يخمن أن “النموذج اليمني” يمكن تطبيقه في سوريا.

بمقابله له مع صحيفة النيويورك تايمز، بدا أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يدعو لذلك، بقوله: “لماذا لا يكون هناك عرب يقاتلون انتهاكات حقوق الإنسان الفظيعة التي ارتكبت، أو يقاتلوا ما فعله الأسد؟”. التدخل العربي المباشر في سوريا غير محتمل كثيرًا، لكن الأمور قد تزداد فوضى مع الوقت.

التقرير