تونس تطلق خطة لتنشيط الاقتصاد

تونس تطلق خطة لتنشيط الاقتصاد

تسعى الحكومة التونسية خلال الفترة المقبلة للترويج لبرنامج لتنشيط الاقتصاد، يهدف للنهوض بالإنتاج المحلي ودعم الصادرات التونسية، ورفع عائدات القطاع الفلاحي، بجانب دعم الانتعاش التدريجي الذي تشهده السياحة في الوقت الحالي.
وتجاوزت أعداد السياح الوافدين إلى تونس منذ بداية العام حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مستوى ستة ملايين سائح، في مؤشر قوي على استعادة القطاع تعافيه بعد تأثره بعمليات إرهابية.
وأعلن يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، عن انطلاق خطة حكومية لتنشيط الاقتصاد تحت شعار «جرعة الإنعاش» التي سيبدأ تطبيقها من العام المقبل.
واقتصر نمو اقتصاد تونس على نحو 1 في المائة خلال 2016؛ لكن صندوق النقد الدولي توقع في آخر تقارير «الرؤية الاقتصادية العالمية»، الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن يصعد النمو خلال العام الجاري إلى 2.3 في المائة.
وتحتاج تونس لتحفيز النمو الاقتصادي لكبح معدلات البطالة التي وصلت لنحو 15.3 في المائة من القوى العاملة، خلال الربع الثاني من 2017.
لكن بعض الخبراء الاقتصاديين يرون أن الحكومة تروج لخطة التنشيط لتخفيف حدة الانتقادات الموجهة لموازنة 2018 التي تضمنت زيادات في الأداء والضرائب، والتي يتوقع أن تكون لها آثار تضخمية.
وسترفع ميزانية 2018 الضرائب على السيارات، والمشروبات الكحولية، والاتصالات الهاتفية، والإنترنت، وأسعار الفنادق، وغيرها.
وفي هذا الشأن، قالت جنات بن عبد الله، الخبيرة الاقتصادية التونسية، إنه رغم مستهدفات الحكومة تنشيط الاقتصاد فإنها تتطلع أيضا للحد من عجز الموازنة، وهو ما سيكون له انعكاسات سلبية على الإنفاق الاجتماعي.
وتطرح الحكومة في خطتها للعام المقبل تقليص عجز الموازنة إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 6.3 في المائة خلال العام السابق.
وأكدت الخبيرة أن بلوغ مستويات العجز المستهدفة يتطلب مجموعة من الإجراءات الاقتصادية، من بينها تقليص الاعتمادات الموجهة إلى المرفق العام والخدمات العمومية؛ خاصة في مجالي التعليم والصحة والنقل والعدل، إضافة إلى تقليص ميزانية الأجور.
وأشارت جنات إلى أن مستهدفات الحكومة تخفيض نفقات الأجور في الموازنة، تدفعها إلى تجميد الانتدابات في القطاع العام، وهو ما يزيد من الضغوط الاجتماعية في ظل عجز القطاع الخاص عن خلق فرص عمل، وهو ما يدفع إلى زيادة معدلات البطالة والفقر والتهميش في صفوف الفئات الشابة.
وتوقعت الخبيرة أن تضطر الحكومة إلى أن تتخذ الفترة المقبلة عددا من الإجراءات المثيرة للجدل، على غرار التخفيض في الدعم الموجه لعدد من المواد الاستهلاكية، وخاصة المحروقات، وهو ما يعني تأثر معظم قطاعات الإنتاج بارتفاع أسعار المحروقات، وزيادة الضغوط التضخمية.
وكانت الحكومة التونسية قد أعلنت عن أنها ستراجع أسعار بعض المواد الأساسية المدعومة، لكبح الزيادة في ميزانية الدعم، وكذلك سيتم تعديل أسعار خدمات النقل المدعومة وبنود الطاقة.
وسجل مؤشر التضخم السنوي في تونس أعلى معدلاته خلال عام 2017 في شهر نوفمبر الماضي، ليصل إلى 6.3 في المائة.
ورفع البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي من 4.75 في المائة إلى 5 في المائة، في مايو (أيار)؛ بعدما رفعه 0.5 في المائة في أبريل (نيسان)، سعيا لتخفيف الضغوط التضخمية. ورجح المصدر ذاته أن الضغط على عجز الميزانية سيتطلب بالضرورة خصخصة عدد من المؤسسات العمومية لمزيد من تخفيف الأعباء المالية، إضافة إلى خصخصة البنوك العمومية الثلاثة، وذلك بعد أن ضخت الحكومة أكثر من 900 مليون دينار تونسي (نحو 360 مليون دولار) لإعادة رسملة تلك البنوك وإخراجها من أزماتها المالية.
من ناحية أخرى، تشير التسريبات التي رافقت زيارة وفد صندوق النقد الدولي الأخيرة إلى تونس، إلى مطالبة المؤسسة الدولية الحكومة التونسية بتخفيض سعر صرف الدينار التونسي (العملة المحلية) مقابل اليورو والدولار. ويرى عدد من الخبراء أن هذا الطلب يعتبر مؤشرا على مدى الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس.

الشرق الاوسط