فورين بولسي: مشروع “الناتو العربي”.. ماذا يجب علينا في الغرب حيال ذلك؟

فورين بولسي: مشروع “الناتو العربي”.. ماذا يجب علينا في الغرب حيال ذلك؟

469028774crop

الهدف من القوة العربية المشتركة، المكّونة من 40 ألف جندي، هو مواجهة إيران. استعد لأوقات عصيبة وشراكات غريبة في الشرق الأوسط.

سوريا مُشتعِلة، والعراق في حالة حرب، وليبيا تتفكك، واليمن في حالة انهيار تام. الشرق الأوسط مُحاط مرة أخرى بالعديد من الأزمات، وهذا ليس بالأمر الجديد، لكن الاستجابة الجماعية من دول الشرق الأوسط تجاه هذه المجموعة الفريدة من الصراعات المتداخلة والمتشابكة هو بالتأكيد أمر جديد.

ينشأ التحالف العربي “قوة رد” جديدة مكّونة من 40 ألف جندي محترف من مختلف الدول العربية، وسيعتمد رسميًا خلال بضعة أسابيع في القمة المقبلة. وعلى الرغم من أنه ليس بعيدًا عن مستويات الناتو من حيث القدرات المهنية؛ إلا أن هذا يُعدّ تطورًا رائعًا ومهمًا في المنطقة الأكثر اضطرابًا في العالم.

تتكّون القوة الأولى من مجموعة من الجنود معظمهم من مصر والأردن والمغرب والمملكة العربية السعودية، والسودان (وعدد قليل من دول الخليج)، وسيكون مقرها في مصر، بقيادة جنرال سعودي، وتمتلك مبنى قيادة مُنظّم وثابت.

الغرض من ذلك هو تجميع قوة متعددة الجنسيات تكون على استعداد للرد على الأزمات في المستقبل، بنفس الطريقة التي تُجرى بها العديد من الدول العربية العمليات في اليمن.

وتشير التقارير إلى أن 500 -1000 فرد سيكونون أعضاء في القيادة الجوية، وما يصل إلى 5 آلاف من أفراد الخدمة سيشكلون القيادة البحرية، وما يقرب من 35 ألف جندي سيكونون جزءًا من القوات البرية.

ومثل هيكل قيادة حلف الناتو، فإن هذه القوة العربية ستمتلك مُقَوّمات قتالية معينة: القوات الجوية والبحرية والبرية، والقوات الخاصة. وسيتم الدفع لهذه القوات من قِبل بلدانهم، وسيتم تمويل هيكل القيادة من قِبل مجلس التعاون الخليجي.

هناك حوادث سابقة لهذا النوع من العمليات، منها هجمات التحالف العربي ضد إسرائيل في القرن العشرين وعملية التحالف العربي في اليمن في عام 1962.

لماذا يحدث هذا وماذا يجب علينا في الغرب القيام به حيال ذلك؟

من الواضح أن هذا التحالف ليس فقط بسبب الأحداث في اليمن، على الرغم من أن هذا هو الدافع المباشر. وببساطة، التحالف العربي -والذي هو بالأساس اتحاد سُني في هذه المرحلة نظرًا للتداعيات السياسية في العراق، ولبنان، وسوريا- ينشأ هذا الجيش لمواجهة إيران.

وهذا أمر مهم بشكل خاص بالنسبة للعالم العربي السُني نظرًا لاحتمالية عودة طهران إلى المسرح العالمي، في حالة رفع العقوبات. وإذا حدث ذلك، ستتدفق مليارات الدولارات إلى خزائن إيران؛ بسبب عودة قدرتها على التجارة الدولية دون أي قيود.

في حين أن إيران قد تُمنع، أو ربما لا تُمنع، من صناعة أسلحة نووية؛ إلا أنها بالتأكيد ستمتلك موارد هائلة في وقت قريب، على افتراض وضع اللمسات الأخيرة بشأن الاتفاق النووي.

ستمتلك إيران تلك الموارد كما فعلت منذ بضعة عقود: لدعم المخطط الشيعي، ورعاية الإرهاب الموجّه ضد السُنة والإسرائيليين والغرب (بنفس هذا الترتيب تقريبًا)، وتعزيز قواتها المسُلحة القوية بالفعل.

تسيطر إيران على خمس عواصم في الشرق الأوسط، طهران ودمشق وبيروت وبغداد وآخرهم صنعاء. هدف الملا هو دعم نسختهم من الإسلام وإضعاف مكانة ووضع المعارضين من السُنة: خاصة المملكة العربية السعودية (التي يرى الإيرانيون أنها ضعيفة)، والبحرين (التي تمتلك أغلبية شيعية مضطهدة)، ودول الخليج (وهي دول صغيرة وقريبة بدرجة تكفي للسيطرة عليها).

كما كتبت من قبل، نحن نبحث في واقعة في الإسلام لا تختلف عن الإصلاح في العقيدة المسيحية، الذي انتهى بقتل أعداد كبيرة من الأوروبيين في الحروب بين الكاثوليك والبروتستانت. وهذا هو المستقبل المحتمل لهذا الجزء من العالم الإسلامي، ما لم يسيطر الحكماء على الوضع.

وهذا التحالف الناشئ في اليمن سيشمل السعوديين والمصريين وجنودًا من دول الخليج، مع احتمال كبير بانضمام باكستان. وحتى الآن، توفر الولايات المتحدة المعلومات، والاستخبارات، والقدرة على التزود بالوقود جوًا.

الإعلان عن قوة الرد العربي -المبني على هذه العلاقة- هو تطور جديد ومذهل، ولكنه أيضًا امتداد منطقي لبرنامج الشراء الدفاعي الضخم من المملكة العربية السعودية ودول الخليج منذ عقدين من الزمن؛ فهم يمتلكون قوة عسكرية تكنولوجية هائلة، وخاصة في الجو وفي البحر. ومع انضمام القوات المصرية، فإنه يمكنهم شن حملة برية ضخمة.

ماذا يجب علينا أن نفعل حيال ذلك؟

يجب على الولايات المتحدة دعم هذا التحالف السُني الناشئ، لتشمل ليس فقط قوات استخبارية ولوجستية، ولكن قوات إلكترونية، وقوات تدريب خاصة، ومركبات غير مأهولة، وأنظمة “ثلاثية جديدة” يمكن تشغيلها دون الحاجة إلى قوة بشرية كبيرة. ومن الواضح أن برامج المساعدة العسكرية المتطورة -في شكل منح إلى مصر ومبيعات إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج- يجب أن تستمر. ويجب أيضًا تعزيز برامج التدريب والتبادل العسكري.

هل هناك دور لحلف الناتو؟

من المبكر جدًا معرفة ذلك. لكن، حلف الناتو لديه علاقات جيدة مع العديد من الدول السُنية كجزء من مبادرة إسطنبول للتعاون. في مؤتمر عُقد مؤخرًا في المنطقة، قال ألكسندر فيرشبو، نائب الأمين العام لحلف الناتو، إن “الحلف لديه سجل قوي من التعاون مع الدول هنا في منطقة الخليج”.

وكان إطلاق “مبادرة إسطنبول للتعاون” قبل عشر سنوات دليلًا قويًا على أن الأمن والاستقرار في هذه المنطقة بمثابة أهمية استراتيجية لحلف الناتو، تمامًا مثل اهتمام منطقة الخليج بأمن واستقرار المنطقة الأوروبية الأطلسية؛ لذا، فإن البناء على هذه العلاقات القائمة (لتشمل العمل الجيد المستمر في أفغانستان) هو أمر منطقي.

ومن المؤكد، أنه من غير المحتمل أن تطلب هذه الدول مساعدة حلف الناتو، ولكن التحالف الغربي يجب أن يجعل نفسه متاحًا أمامهم -دون ضغط، مجرد عرض- لتقديم المشورة، والتدريبات المشتركة، ومشاركة المعلومات، والدعم المادي، والمساعدة العامة.

في النهاية، يجب النظر في الوضع الحساس لإسرائيل. هل من الممكن، مع مرور الوقت، أن تحل المخاوف العربية بشأن الانتزاع الفارسي للسُلطة محل كراهيتهم لإسرائيل؟ يبدو أنه من غير المحتمل حدوث ذلك، ولكن الأمر يستحق التفكير، خاصة في ظل انتشار هذا الانقسام بين السُنة والشيعة. مصر والأردن لديهما علاقات جيدة مع إسرائيل، ويبدو أن دول الخليج تشارك إسرائيل مخاوفها من إيران المسلحة نوويًا.

وعلى الرغم من السوابق السيئة التي تعود لعام 1967 وعام 1973؛ إلا أن التحالف العسكري السُني الموجّه ضد طهران قد يوفر الأساس للتعاون مع إسرائيل بشأن التهديدات من العالم الشيعي.

وللأسف، يبدو أننا نتجه نحو حرب بين السُنة والشيعة في المنطقة، حرب سيراق فيها الكثير من الدماء. ويجدر النظر في كيفية تعامل الولايات المتحدة وحلف الناتو مع أصدقائنا في المنطقة في ظل مواجهتهم مع إيران قوية، ومدعومة من المفاوضات النووية.

فورين بوليسي – التقرير