لا خطة لدى الغرب لكسب الحرب ضد “داعش” و تجنب الهزيمة

لا خطة لدى الغرب لكسب الحرب ضد “داعش” و تجنب الهزيمة

اوباما

من الواضح ان فاعلية الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة في سوريا والعراق، والتي تستهدف قواعد”داعش” ومعسكرات تدريبه وملاذاته ستكون محدودة ما يتطلب توافر جهد منسق يساند هذا الخيار العسكري، والمتمثل في توفير الاستقرار وتثبيت الحكم الرشيد وتعزيز الأمن، من خلال عدد من الإجراءات والسياسات. والسؤال الذي نحتاج الإجابة عنه هو: ماذا بعد الضربات الجوية، وكيف يتم القضاء على الظروف التي تؤدي إلى التطرف؟

ويبدو  ان ما نراه اليوم من قوة “داعش” هو تراكم سنوات من عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي والعسكري، وغياب السلوك الإنساني في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي. ولعل الاصعب في الامر ان الولايات المتحدة ومجموعة شركائها في هذه المعركة، لا يعرفون كيف ستؤول الاوضاع  اليه في نهاية المطاف .

ومع وجود أكثر من 6 ملايين نازح سوري جراء النزاع في جميع أنحاء المنطقة، فان المساعدة الإنسانية تبدو غير كافية، والناس عرضة لتأثير الجماعات المتطرفة الأجنبية، وبحسب وصف جنرال أمريكي  فان مايحدث اليوم “أصعب من أي شيء حاولنا القيام به حتى الآن في العراق أو أفغانستان “.

ولعل الفشل الاممي في الانخراط بمعادلات المنطقة اوجد هذه المشكلة، وقالالأمين العام  للأمم المتحدة بان كي مون قبل اجتماع مجلس الأمن هذا الأسبوع بخصوص المقاتلين الإرهابيين الأجانب:  هذه الظاهرة المتنامية من المقاتلين الأجانب انما هي نتيجة – وليست سبباً- الصراع في سوريا اثر فترة طويلة من الاضطراب، إلى جانب انتهاكات حقوق الإنسان الفظيعة في هذا البلد. وايضاً بسبب عدم استجابة الحكومة في العراق لمطالب شعبية مشروعة،

وبعد إعلانه عن خطة مكافحة “داعش” من خلال الضربات الجوية، استشهد الرئيس أوباما بـ”النجاحات” التي حدثت في اليمن والصومال. ولكنها ليست قصص نجاح: إذ لا تزال الدولتان غارقتين في الحرب، وشهدت صنعاء بحسب وصف عدد من المحللين العسكريين انقلاباً اسقطها بيد جماعة متمردة، وفي كلتا الحالتين، فان محدودية الحملات العسكرية لمكافحة عنف الجماعات الارهابية من غير الدول، لن يكون لها تاثير حاسم، بسبب الافتقار الى قوات برية قوية على أرض الواقع، للاستفادة من المزايا العسكرية التي تؤمنها هذه الضربات الجوية.

وبالرجوع الى اليمن فان زخم “الربيع العربي” الذي عاشه هذا البلد، وتمثل في تسعة أشهر من الاحتجاجات الدامية، التي أدت في النهاية إلى الإطاحة بالدكتاتور علي عبد الله صالح، فان البلاد لم تشهد استقراراً أو تثبيتاً للديمقراطية. وكما كتب براين ويتاكر لصحيفة الغارديان في عام 2011، “قد يكون صالح في طريقه للخروج, ولكن نظامه ما زال موجودا في  كل مكان.”

وكانت السنوات التي تلت الاطاحة بمصالح كثيرة المخاطر، ومتوترة للغاية مع تلاشى الضغط الدولي من أجل المصالحة السياسية والحكم الرشيد، التي رافقها فراغ سياسي وامني وتزايدت معه اتجاهات التطرف، وتصاعدت وانتهاكات حقوق الإنسان، فضلاً عن الفقر المدقع، الامر الذي انعكس باتجاه تشكيل حركات التمرد، لتكون على نحو متوحش وقاس.

ولاشك فان الغارات الامريكية التي تقوم بها الطائرات المسيرة ضد أهداف لتنظيم القاعدة في اليمن، مماثلة لتلك التي أطلقتها إدارة أوباما هذا الأسبوع في سوريا، وانها النتيجة حتمية لما وصفه ويتاكر في عام 2011 إنه “تغيير في الاعلى مع الحفاظ على الوضع الراهن من الاسفل أي ” تغير قليل نحو الأفضل، وبكلفته هائلة بالنسبة لليمنيين على مستوى الامن والاستقرار في المنطقة.

وكما أوضح إبراهيم شرقية في صحيفة نيويورك تايمز هذا الاسبوع:  ينبغي للمجتمع الدولي أن يدعم اليمن لضمان الانتقال الناجح إلى الاستقرار والتنمية، ولا يدير ظهره له ليغرق أكثر في الفقر والفوضى والتطرف.

إنه تحد هائل نتيجة إخفاقاتنا المتكررة في معالجة الظروف الكامنة التي تسمح للجماعات المتطرفة العنيفة مثل “داعش”، وحركة الشباب في الصومال والقاعدة في اليمن (وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط والقرن الأفريقي) لتنمو و تزدهر في نهاية المطاف.

واضاف شرقية ان شن حملة عسكرية دولية ضد دولة أيديولوجية فيها القيادة مسيئة، لن تفضي الى امر ناجع، لذا فان الجهود الدولية تتطلب في الوقت ذاته مساءلة  العناصر السيئة عن أفعالهم، والعمل وفق خطة لمعالجة الظروف الكامنة، والا فاننا سنحتاح الى اكثر من حملة عسكرية.

وفي النهاية، تتطلب النجاحات على المدى الطويل مواجهة الظروف التي شرعنت التطرف والتصدي للفقر، وبناء البنية التحتية المؤسسية، وإدارة الأثر الإنساني الهائل جراء هذه الصراعات. و إعادة صياغة “النجاح”، ووضع حد للتركيز على الجوانب العسكرية قصيرة النظر كما تتطلب والعمل على تعطيل الوضع الراهن؛ اي احداث “التغيير من الاعلى” منع أنفسنا من الوقوع في الأخطاء نفسها مرة أخرى. والتركز على الاحتياجات الإنسانية للمدنيين المحاصرين في حالة الفوضى، خشية ارتكابنا نفس الاخطاءذاتها خلال محاولتنا القيام بعملية إصلاح.

هدى النعيمي