العراق: الرمادي بوابة الحسم في الحرب ضد “داعش”

العراق: الرمادي بوابة الحسم في الحرب ضد “داعش”

تمثل معركة الرمادي الدائرة الآن بين الجيش العراقي مناصريه من أبناء العشائر، البوابة الرئيسة لعملية تحرير الأنبار من أيدي مقاتلي داعش، ويؤكد عضو لجنة الأمن في البرلمان العراقي محمد الكربولي– في تصريحات صحفية أن “الرمادي تتعرض منذ اول من امس لهجمة شرسة ومستمرة من تنظيم داعش في محاولة لاقتحام المدينة والسيطرة عليها”، مبينا ان “القوات الامنية ومقاتلي العشائر صدت غالبية الهجمات التي شنها التنظيم من مختلف المناطق وتمكنوا من الحاق خسائر مادية جسيمة بهم.
ويرى مراقبون أن القوات الحكومية والحشد الشعبي تورطا على ما يبدو في معركة مغايرة لتلك التي وقعت في تكريت حيث ان مقاتلي داعش قرروا هذه المرة مباغتة الجيش العراقي والقوات الشعبية الداعمة له، ليلحق بهم خسائر هائلة في العتاد.
وحذر أحد قادة العشائر المتصدية لتنظيم “داعش” بمحافظة الانبار عمر شيحان العلواني، من مجزرة في مدينة الرمادي على يد التنظيم في حالة عدم توفر العتاد للمقاتلين، بعد انباء عن نفاد عتاد المقاتلين من أبناء العشائر. وقال تنظيم داعش إنه استولى خلال سيطرته على منطقتي البوعيثة والبوفراج  الواقعتين  في الجزء الشمالي من الرمادي، على أكثر من ثمانين عربة عسكرية وكميات كبيرة من السلاح والعتاد.
على صعيد آخر كشف مصدر امني في منطقة ناحية عامرية الفلوجة ، في محافظة الانبار، ان تنظيم  داعش  يحشد عناصره للهجوم على الناحية من الجهة الشمالية، مبينا ان المسافة الفاصلة بين سواتر القوات الامنية و التنظيم لا تتجاوز الـ 700 متر.
وقال المصدر، ان “تنظيم داعش وبعد فشله في الهجمات التي استهدفت ناحية العامرية جنوبي الفلوجة، يحاول الان تحشيد عناصره في منطقة البو هوه شمالي الناحية في مخطط واضح لهجوم محتمل”.
واشار المصدر، الى ان “الأيام الماضية شهدت قصفا بالصواريخ وقذائف الهاون استهدف المناطق السكنية في الناحية من قبل تنظيم داعش اطلقت من مناطق احصي والفحيلات والبو هوة التي يسيطر عليها داعش وينشر عددا من دباباته ودروعه فيها.
من جهته اعلن الجيش الأميركي، أن طائرات تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وجهت تسع ضربات استهدفت مواقع لتنظيم “داعش” شمالي وغربي العراق، وثم جهت ثماني ضربات جوية لأهداف تابعة لتنظيم داعش في سورية، وتسع ضربات في العراق منذ الساعات الأولى ليوم أمس.”.
وأضافت أنه “فيما يتعلق بسورية استهدفت الغارات مواقع للتنظيم قرب الحسكة وكوباني، في حين ضربت الطائرات مواقع لداعش قرب بيجي والموصل والفلوجة إضافة إلى مواقع أخرى في العراق”.وحمّل الكربولي الحكومة مسؤولية التدهور الامني في الرمادي واعادة سيطرة التنظيم على مناطق طرد منها، وذلك بسبب “قلة الدعم والاسناد ونقص التجهيز والعتاد لقوات الجيش و الشرطة ومقاتلي العشائر بكافة ما يحتاجونه من متطلبات إدامة زخم المعركة ضد داعش هناك.
في السياق نفسه انتقد الشيخ حميد الجميلي أحد شيوخ الأنبار ما سماه سياسة المعايير المزدوجة على صعيد التسليح، حيث يتم تسليح الحشد الشعبي بأسلحة متطورة، وهناك دعم كامل له.
وأضاف الجميلي أن لأهالي الأنبار ثارات لا تنتهي مع تنظيم داعش، وهم أولى بتحرير مدنهم، وبالتالي لا نريد فتح جبهة مع إخواننا في الوسط والجنوب باسم الحشد الشعبي، علما بأننا نرحب بالجيش العراقي كونه المؤسسة الرسمية بصرف النظر عن انتماءات المنتمين إليه. وهو ما دعا مجلس محافظة الانبار، امس، مطالبة الدول العربية بدعم عشائر المحافظة المتصدية لـ “الارهاب”، مشيراً الى أن المحافظة تمر بممر ضيق وتحتاج الى الدعم والاسناد..
وقال رئيس المجلس صباح كرحوت في حديث صحفي إن “على الدول العربية تقديم المساعدات والدعم من الاسلحة والاعتدة لعشائر المحافظة المتصدية للارهاب وابنائها الذين يقاتلون الى جانب القوات الامنية ضد تنظيم داعش الارهابي”.
وأضاف كرحوت أن “الانبار تمر بممر ضيق وتحتاج الى الدعم والاسناد من جميع الدول العربية وخاصة ما يجب توفيره لمقاتلي العشائر لتحرير المحافظة من تنظيم داعش.
وانضم الى صوت المطالبين بتعزيز القدرات العسكرية لمقاتلي العشائر السنية في الانبار، نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي، الذي طالب طيران التحالف الدولي بتكثيف غاراته الجوية على الانبار. ودعا الحكومة العراقية لإمداد المقاتلين بالسلاح والعتاد والتجهيزات  اللازمة لتثبيت اقدامهم امام قوة عسكرية مزودة باحدث الاسلحة.
الى ذلك تناقلت وكالات الانباء العراقية المحلية انباء عن عودة داعش للظهور في منطقة تكريت وقالت ” لم تمضِ سوى 10 أيام على إعلان الحكومة العراقية عن حسم معركة تكريت، والسيطرة عليها بشكلٍ كامل، حتى عاد تنظيم داعش، ليغيّر المعادلة من جديد، ويستعيد زمام المبادرة في المحافظة.
وأوضح مسؤول في اللجنة الأمنية، في مجلس محافظة صلاح الدين، أنّ “القوات الأمنيّة لم تحسم معركة تكريت بشكلٍ كامل، بل بقيت فيها بعض الجيوب لداعش، لم تتمكن من القضاء عليها”.
وبحسب المسؤول، فإنّ “التنظيم استغلّ تلك الجيوب ليقوم بهجمات على مناطق متفرقة في المحافظة”، مشيراً إلى أنّ “داعش” استطاع خلال اليومين الماضيين، استعادة زمام المبادرة لنفسه، “ويحقق تقدماً ملحوظاً في المحافظة”.
كما لفت الى أنّ “الخلل يكمن في أنّ المناطق التي يتحرّك من خلالها داعش، وهي مناطق الزلاية ومكيشيفة والعوينات، جنوب تكريت، يمسكها الحشد الشعبي، وهو منشغل بإحراق المنازل وأعمال النهب، الأمر الذي أفقده وأفقد الأجهزة الأمنيّة ثقة ودعم عشائر المحافظة”.
بدوره، رأى مجلس عشائر صلاح الدين أنّ “تحركات داعش تنذر بمخاطر عودة سيطرته على أجزاءٍ واسعة من المحافظة وبعد إعلان انتهاء معركة تكريت في مطلع  الشهرالحالي، بدأ بتنفيذ هجمات قويّة في بعض مناطق المحافظة، أربك من خلالها القوات الأمنيّة والحشد الشعبي في المحافظة، ما سيدفع الحكومة الى إعادة حساباتها بشأن معركة الأنبار.
وتلعب الانبار كجغرافيا دورا مهما في حسم الحرب ضد داعش، من نقاط عدة يرى خبراء أن أبرزها:
1 – سيطرة التنظيم على 70 في المائة منها وعلى 6 أقضية هي القائم والرطبة وعانة وراوة وهيت والفلوجة.
2 – أكبر المحافظات وثلث مساحة العراق.
3 – موقعها الاستراتيجي الذي يربط 3 دول هي السعودية والأردن وسورية.
4 – تعتبر العمق الاستراتيجي لتنظيم داعش مع سورية، وبالتالي خسارتها تعني فقدان التنظيم لأهم خطوط الإمداد.
5 – عدد سكانها البالغ نحو مليوني نسمة غالبيتهم العظمى من العشائر، التي كانت أول من أسس الصحوات ضد المتشددين والمتطرفين.
6-إحدى مدنها وهي الفلوجة والتي تبعد 60 كيلومترا عن بغداد تتحكم بالطريق الدولي الذي يربط العراق بسورية والأردن.
ويضيف هؤلاء ان هناك مجموعة من المخاوف والعراقيل التي تقف في وجه العملية وهي:
1 – عدم فعالية الضربات الجوية ضد التنظيم وفق ما ظهر حتى الآن، كما يرى محللون.
2 –  التخوف من تكرار ما حدث في تكريت بعد التجاوزات التي ارتكبها مقاتلو الحشد الشعبي.
3 – التفجيرات الانتحارية وقيام داعش بحفر الخنادق والأنفاق في المدينة تحسبا لهجوم كهذا.
4 – خطوط الإمداد المفتوحة من سورية، وبالتالي من تركيا التي تشكل وفق كثيرين ممرا لنسبة كبيرة من متطوعي التنظيم.

الغد