بعد إعلان ترشحه هل ينجح عنان بمنافسة السيسي؟

بعد إعلان ترشحه هل ينجح عنان بمنافسة السيسي؟

بعد ساعتين من إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي ترشحه لولاية ثانية أمس الجمعة أعلن رئيس أركان الجيش المصري السابق الفريق سامي عنان في كلمة مصورة بثها على موقع فيسبوك ترشحه للانتخابات المقررة في مارس/آذار المقبل، داعيا مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية إلى الوقوف على الحياد في السباق الرئاسي.

وقد قوبل إعلان عنان بترحيب كبير في الأوساط السياسية التي عدته مرشحا حقيقيا وقويا أمام السيسي، حيث يعد ترشح عنان ضربة لجبهة السيسي، التي بدأت بشكل مكثف مؤخرا في الحديث عن إنجازاته، وسط محاولات لإخلاء الساحة أمامه من المرشحين الأقوياء كالفريق شفيق.

وقد أثار ترشح عنان الكثير من الأسئلة، وفي مقدمتها: هل يسمح له السيسي بالترشح ومنافسته، وهو الذي قال إنه لن يسمح لأحد بالاقتراب من كرسي الرئاسة، واصفا المرشحين في انتخابات الرئاسة القادمة بالفسدة، ولا سيما أنه جاء بعد أيام من تقدم حزب مصر العروبة الديمقراطي الذي يتزعمه عنان بشكوى إلى الهيئة الوطنية للانتخابات ضد بعض مكاتب الشهر العقاري التي تضع عقبات تعترض تحرير التوكيلات اللازمة لترشيح عنان.

لكن المعضلة الحقيقية التي قد تقضي على حلم عنان الرئاسي في مهده، تتعلق بقرار المجلس العسكري عقب الثورة المصرية 2011 باعتبار أعضاء المجلس حينها “عسكريين مدى الحياة”، وهو ما يتطلب تقدم الفريق عنان بطلب لتعليق استدعائه إلى المجلس الحالي (الذي يترأسه السيسي) حتى يتمكن من الترشح لانتخابات الرئاسة.

عنان والإمارات
وفي ظل الحديث عن العقبات التي تواجه عنان ظهرت إشارات متباينة عن علاقته بالإمارات أكبر داعمي السيسي، فقد كشف مصدر مقرب من عائلة عنان للجزيرة نت أن عنان يسعى للفوز بانتخابات الرئاسة ويعتمد في تحركه على دعم قطاعات في القوات المسلحة وبعض أجهزة الدولة إلى جانب كبير من رجال الأعمال والمستثمرين وقطاع كبير من الأعضاء السابقين في الحزب الوطني، بالإضافة إلى داعمين إقليميين منهم أجنحة قوية في السعودية.

وحسب المصدر فقد كان عنان يخطط للانقلاب على السيسي أواخر عام 2016 احتجاجا على تنازله عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، لكن الإمارات تدخلت وأقنعته بأن ينتظر الانتخابات ووعدته بأن تكون الانتخابات نزيهة.

لكن تصريحات هذا المصدر جاءت متناقضة مع تغريدة مستشار ولي عهد أبو ظبي للشؤون السياسية عبد الخالق عبد الله، الذي رحب فيها بترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي قائلا “مصر في مزاج انتخابي، والنتيجة معروفة سلفا بنسبة 99% لصالح الرئيس السيسي، الذي يحتاج لـ4 سنوات قادمة لاستكمال وعوده”.

كما جاءت أيضا متناقضة مع إعلان منسق حملة عنان بالخارج في تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر عن تلقيه تهديدات بالاغتيال من الدولة صاحبة السجون السرية التي دمرت اليمن ودفعت رشوة لمبعوث الأمم المتحدة لتحرق ليبيا (في إشارة إلى الإمارات) وأنه أبلغ الاتحاد الأوروبي بذلك

منافس قوي
وبغض النظر عن قبول ترشح عنان أو عدمه وبغض النظر عن فرص نجاحه، فإن ترشحه يلقي حجرا ثقيلا في مياه السياسة الراكدة في مصر منذ فترة، كما يضفي قدرا من روح التنافس على انتخابات الرئاسة وينقذها من التحوّل إلى مجرّد استفتاء على غرار الاستفتاءات الرئاسية التي عرفتها مصر لعقود طويلة، كما يؤكد الباحث والكاتب المصري أحمد طه.

وأوضح طه في تصريح للجزيرة نت أن سامي عنان ليس شخصا عاديا، فهو ينحدر من قلب المؤسسة العسكرية التي شغل فيها المنصب الأهم والأرفع فقد كان رئيس الأركان لعدة سنوات، لافتا إلى أن نص البيان الذي أعلن به عنان ترشحه بدا مصوغا بعناية فائقة، فقد حمل رسائل عديدة إلى عدة أطراف داخل مؤسسات الدولة وفئات المجتمع، وتحدّت عن تهديدات متمثّلة في تزايد خطر الإرهاب وتردي أحوال المعيشة للشعب.

لكن المفاجأة الحقيقية في خطاب عنان وفقا لطه جاءت بإعلانه عن “نواة مدنية” لمنظومة الرئاسة باختياره للمستشار هشام جنينة نائبا للرئيس لحقوق الإنسان والدكتور حازم حسني نائبا لشؤون الثروة المعرفية والتمكين السياسي، وهي مغازلة صريحة للتيارات المدنية عبر دعوتها للمشاركة في تحمل المسؤولية.

أما الباحث السياسي محمد حسن فيعتقد أن تقديم عدد من العسكريين السابقين أنفسهم كحل لإنقاذ النظام جاء نتيجة فشل السيسي في إدارة الدولة، فقد ظهر شفيق أولا ثم ظهر عنان، مشيرا إلى احتمال ظهور شخص آخر في الأيام الأخيرة إذا ما وجدت “الدولة العميقة” أن هناك خطرا على عنان، مثل الفريق مجدي حتاتة أو الفريق محمود وهيبة اللذين لا يحملان خبرة عسكرية وإدارية فحسب بل أيضا شرعية نصر أكتوبر.

وردا على سؤال عن حظوظ عنان في السباق الرئيسي، أجاب حسن “عنان هو مرشح الدولة بصيغتها المباركية، ومجرد وضع اسمه في ورقة الانتخابات النهائية سيعطي إشارة للناس أن السيسي غير مسيطر، وإذا نجح السيسي في إقصاء عنان فإن الدولة العميقة جاهزة لتقديم مرشح آخر سيحصل على تأييد نواب البرلمان المقربين من المخابرات العامة”.

المصدر : الجزيرة