التراجع الاقتصادي عائق أمام وعود سلطنة عمان بتوفير الوظائف

التراجع الاقتصادي عائق أمام وعود سلطنة عمان بتوفير الوظائف


مسقط – يعود الجدل في سلطنة عمان حول حالة الامتعاض داخل الدوائر الاجتماعية جراء أزمة البطالة التي تجتاح البلاد والتي تنذر بتوتر يهدد الاستقرار الداخلي.

وقالت مصادر عمانية مراقبة إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة العمانية إثر اندلاع الاحتجاجات عام 2011 لم تكن كافية، لكونها “تخديرية” ولا تعالج جذور المشكلة الاقتصادية في السلطنة.

وتضيف المصادر أن تدخل دول مجلس التعاون الخليجي في ذلك الوقت وتقديم الدعم المالي للسلطنة لتجاوز أزمتها، كان من المفترض أن يكون فرصة للحكومة في مسقط لإعادة هيكلة اقتصادها وترشيق حركته بما يمكّنه من الانطلاق مجددا باتجاه اقتصاد حيوي يستجيب لمتطلبات الداخل كما يلتحق بالتغييرات الدولية الكبرى المتعلقة بالأسواق وديناميات إدارة الثروة على نمط حديث.

وكان مجلس التعاون أقر عام 2011 تقديم مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار إلى سلطنة عمان من أجل المساعدة في وضع خطة تهدف إلى توفير وظائف وتحسين الإسكان والبنية التحتية.

وأثار قيام المئات من العاطلين عن العمل بالتظاهر، الاثنين، أمام مقر وزارة القوى العاملة في مسقط، أسئلة حول طبيعة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها السلطنة، وأعادت التذكير بموجة المظاهرات التي جرت في البلاد في عام 2011 ودفعت السلطان قابوس بن سعيد إلى تدخل عاجل واتخاذ تدابير لامتصاص حركة الشارع.

وكان سلطان عمان قد وعد آنذاك بإنفاق 2.6 مليار دولار على خطط وبرامج اقتصادية، خصوصا وأن المظاهرات في ذلك العام أتت متأثرة بموجة الاحتجاجات التي خرجت في عدد من البلدان وأطلق عليها ما عرف بعد ذلك بـ”الربيع العربي”.

وشملت وعود السلطان قابوس آنذاك إصلاحات من بينها منحة شهرية للعاطلين وزيادة رواتب الموظفين كما وعد بنقل بعض السلطات التشريعية إلى مجلس عمان وهو مجلس استشاري ينتخب بعض أعضائه.

وشملت الإجراءات أيضا إقالة 12 وزيرا والإفراج عن 234 شخصا اعتقلوا أثناء الاحتجاجات.

وهتف المتظاهرون، الاثنين الماضي، مطالبين بإيجاد وظائف لهم ومعبرين عن سخطهم من حالة الانتظار التي يعيشونها ومن عدم ثقتهم بالوعود التي قطعتها السلطات العمانية في هذا الصدد.

وانتشرت قوة مكافحة الشغب حول المظاهرة مستعدة للتدخل لرد أي طارئ. ونقلت صحيفة “ذي ناشيونال” الإماراتية عن سليم الحشار (25 عاما)، وهو خريج يحمل شهادة في علوم الكمبيوتر، قوله “ننتظر منذ زمن طويل إيجاد فرص عمل لنا لكن لم يتحقق شيء من الوعود”، مؤكدا “لقد تخرجت منذ 14 شهرا ويُرفض طلبي كلما تقدمت إلى وظيفة مذاك”.

أوساط عمانية تتخوف من تحوّل الامتعاض الشعبي حول مسائل معيشية وتشغيلية إلى حراك سياسي عام، خصوصا وأن المنطقة برمتها تعيش اختلالات مقلقة
وتتحدث الإحصاءات عن أن حوالي 600 ألف من المتخرجين ينتظرون وظائف لهم وفق إحصاءات نهاية 2017 لوزارة القوى العاملة.

وكانت الحكومة العمانية قد أعلنت أنها تسعى إلى خلق 25 ألف فرصة عمل ابتداء من الشهر الماضي من أجل خفض نسب البطالة في البلاد.

غير أن عادل الزيدي المتخرج في اختصاص إدارة الأعمال اتهم الحكومة بعدم الوفاء بالتزاماتها وفق الخطط الحكومية المعلنة.

واعتبر الزيدي في تصريح لصحيفة ”ذي ناشيونال” الأمر بأنه مجرد “وعود فارغة وأن لا إنجازات حقيقية لخلق فرص عمل في البلاد”، مضيفا بأنه عاطل عن العمل منذ 18 شهرا. وحذر من أن “أمر الانتظار الطويل يسبب إحباطا كبيرا”.

وتتخوف أوساط عمانية مراقبة من تحوّل الامتعاض الشعبي حول مسائل معيشية وتشغيلية إلى حراك سياسي عام، خصوصا وأن المنطقة برمتها تعيش اختلالات مقلقة لا سيما في اليمن وإيران المحاذيتين للسلطنة.

وقال مصدر عماني مطلع لـ”العرب” رفض الكشف عن اسمه “إن عمان بلد طبيعي يمر بأزمة اقتصادية أسوة ببقية دول المنطقة ولن نكون الاستثناء”.

وأضاف “تراجع الموارد صعب من مهمة تنفيذ وعود التشغيل أو دعم القطاع الخاص ليقوم بالمهمة. ولا نريد أن تتحول الميزانية الحكومية إلى ميزانية تشغيلية وحسب”.

وكانت الحكومة قد أعلنت أن 60 بالمئة من فرص العمل الموعودة ستكون داخل مؤسسات القطاع العام، وأنه سيتم وفق الخطة الحكومية تحفيز القطاع الخاص على تشغيل المواطنين العمانيين بدل الاعتماد على العمالة الأجنبية، دون الكشف عن ماهية الحوافز التي ستقدمها الحكومة من أجل تحقيق ذلك.

وقال حامد الحامدي مدير شركة مقاولات في عُمان “حتى الآن لم نتلق أي حوافز من الحكومة وسنقوم بتشغيل المزيد من العمانيين إذا ما قدمت الحوافز.. لكن على الحكومة أن تكون واضحة في هذا الصدد”.

وأكد على أنه “لا نستطيع امتصاص البطالة في البلاد. كل شركة لها سياساتها التوظيفية ولا تستطيع تشغيل المزيد بناء على طلب الحكومة”.

وتكشف الإحصاءات الحكومية عن هيمنة العمالة الأجنبية على وظائف القطاع الخاص. ووصل عدد الموظفين العمانيين في هذا القطاع إلى 237.900 في نهاية شهر سبتمبر الماضي مقابل 1.87 مليون من العمالة الأجنبية.

غير أن خبراء في شؤون الاقتصاد يرون أن مسألة استيعاب العمالة العمانية داخل القطاع الخاص تتطلب تغييرا جذريا في قطاع التعليم لتوفير الكفاءات التي يحتاجها هذا القطاع، وأن لجوء شركات القطاع الخاص للاستعانة بالعمالة الأجنبية يتعلق بعدم توفر الاختصاصات والكفاءات الضرورية داخل صفوف العمالة المحلية.

وينصح الخبراء بقراءة اقتصادية أخرى تشترك فيها كافة الوزارات والمؤسسات ذات الصلة.

العرب اللندنية