الطائرة الإسرائيلية هل تعيد الروح لـ”محور المقاومة”؟

الطائرة الإسرائيلية هل تعيد الروح لـ”محور المقاومة”؟

مع الإعلان عن إسقاط مقاتلة إسرائيلية من طراز أف16 وإصابة طياريها، عاد اسم محور المقاومة ليطل من جديد بعد سنوات من الخفوت إثر اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، ومن ثَم وقوف إيران وحزب الله اللبناني إلى جانب النظام السوري، بينما آثرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الخروج من سوريا بعدما أعلنت وقوفها إلى جانب مطالب الشعب السوري.

ورغم تعدد المرات التي استباح فيها الطيران الإسرائيلي الأجواء السورية، فإن تصدي مضادات الطائرات التابعة للنظام السوري المدعوم من إيران وإسقاط المقاتلة الإسرائيلية، شكّلا سابقة في ظل حالة “الترقب” بين الطرفين.

وهي المرة الأولى التي يعلن فيها الجيش الإسرائيلي بشكل واضح ضرب أهداف إيرانية في سوريا. كما أنها المرة الأولى منذ فترة طويلة -ثلاثون عاما بحسب صحيفة هآرتس- التي تفقد فيها إسرائيل مقاتلة أصيبت بمضادات أرضية خلال مشاركتها في غارات بسوريا.

ورغم حالة “النشوة” لدى مكونات محور المقاومة، فإن العميد حسين سلامي نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني نفى أي وجود عسكري لبلاده في سوريا، وهو ما أكده أيضا المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي الذي اعتبر أن “مزاعم تحليق طائرة إيرانية مسيّرة وعلاقة إيران بإسقاط مقاتلة صهيونية معتدية؛ مثيرة للسخرية”.

كما نفى بيان صادر عن قائد غرفة عمليات حلفاء سوريا -التي تضم قياديين من إيران وحزب الله اللبناني وتتولى تنسيق العمليات القتالية في سوريا- ما قالته إسرائيل من أن الطائرة المسيرة دخلت المجال الجوي الإسرائيلي، مشددا على أن “هذا العمل الإرهابي الذي قامت به إسرائيل لن يتم السكوت عنه، وستشهد ردا قاسيا”.

لكن المفارقة تكمن فيما نقلته صحيفة “الجريدة” الكويتية اليوم السبت أيضا -قبل الإعلان عن إسقاط الطائرة الإسرائيلية- عن مصدر في “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، من أن إيران أمدت بالفعل خلال الأشهر الأخيرة حزب الله اللبناني وبعض المليشيات الموالية لها في سوريا؛ بصواريخ ذكية مُسيَّرة عن بعد.

ورغم ارتفاع حدة التوتر على الحدود الإسرائيلية السورية بعد إسقاط الطائرة، فإن الحادث جاء على وقع تصعيد تشهده الجبهة الشمالية الإسرائيلية مع كل من سوريا ولبنان، إضافة إلى المخاوف المعلنة من جانب تل أبيب من اقتراب إيران ومليشياتها من حدود الجولان السوري المحتل.

وتحدثت تقارير ومراكز أبحاث إسرائيلية عن قلق متزايد في تل أبيب من تنامي الدور الإيراني في سوريا، ونقل طهرانصواريخ متطورة ودقيقة من شأنها كسر التفوق العسكري الإسرائيلي، كما تسعى لنشر منظومة صاروخية من الساحل اللبناني حتى جنوب سوريا بحيث يصبح في مقدورها ضرب أي مكان في إسرائيل.

توعد وتهديد
أما على صعيد محور المقاومة، فقد اعتبر المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني حسين نقوي أن إسقاط طائرة “أف16” الإسرائيلية من قبل القوات السورية تطور مهم جدا يتوجب على إسرائيل أن تدركه جيدا.

وأضاف نقوي للجزيرة أن هناك معادلة جديدة في المنطقة، وأن كلا من سوريا ولبنان وحزب الله تغيروا عما كانوا عليه قبل نحو عقد من الزمن. وشدد على أن محور المقاومة لن يسمح لإسرائيل بأن تواصل اعتداءاتها على سوريا ولبنان، معتبرا أن على إسرائيل أن تتوقع ردا أقسى وأهم من إسقاط الطائرة الحربية إذا أصرت على مواصلة اعتداءاتها ضد محور المقاومة في المنطقة.

وعلى الفور، سارع حزب الله اللبناني إلى اعتبار إسقاط الطائرة الإسرائيلية “بداية مرحلة إستراتيجية جديدة تضع حدا لاستباحة الأجواء والأراضي السورية”، مؤكدا أن “تطورات اليوم تعني بشكل قاطع سقوط المعادلات القديمة”.

من جانبها، أعلنت كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- رفع درجة الاستنفار في صفوفها، وبررت القرار بغرض “حماية شعبنا والرد على أي عدوان صهيوني، وذلك نظرا للأحداث التي يشهدها شمال فلسطينالمحتلة”، في إشارة إلى التوتر الحاصل على الحدود الإسرائيلية السورية.

كما دعا القيادي في الحركة إسماعيل رضوان إلى ضرورة “تكاثف الجهود والمقدرات من الجميع لمواجهة الاحتلال ولجم عدوانه”، مؤكدا وقوف الحركة والشعب الفلسطيني إلى جانب سوريا في مواجهة إسرائيل.

ومثلما كانت الساحة السورية سببا في تفرق مكونات محور المقاومة من قبل، يبدو أنها ستكون بمثابة كلمة السر التي ستعيد توحيد هذا المحور من جديد، ولو من باب العداء المشترك لإسرائيل.

عبدالرحمن أبو العلا

الجزيرة