تركيا وأميركا.. ثقة مفقودة والأسباب كثيرة

تركيا وأميركا.. ثقة مفقودة والأسباب كثيرة

فقدت تركيا ثقتها في الولايات المتحدة لأسباب عديدة، أبرزها دعم واشنطن لتنظيمات وشخصيات تعتبرها أنقرةإرهابية كمليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني (بي كاي كاي) الكرديين، وتخليها عن دعم المعارضة السورية المسلحة، وحماية فتح الله غولن الذي تهمه أنقرة بالتورط في محاولة انقلاب فاشلة عام 2016.
وبدأت مرحلة فقدان الثقة التركية بالولايات المتحدة مع تغيير واشنطن سياستها في سوريا عندما اتجهت قبل نحو ثلاث سنوات للتعاون مع حزب العمال الكردستاني بهدف محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في إطار مساعيها لاكتساب مناطق نفوذ شمالي سوريا.

ولتجنب إغضاب تركيا، أطلقت واشنطن اسم “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على التنظيم الجديد الذي يشكل عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي عموده الفقري، وهو ما أكده القائد في القوات الخاصة الأميركية رايموند توماس حين اعترف منتصف 2017 بأن بلاده ابتكرت “لعبة قسد” لخشيتها من ردة فعل تركيا.

وعلى الرغم من تحذيرات تركيا المتكررة في هذا الشأن، فإن الجيش الأميركي واصل تقديم كافة الإمكانيات اللازمة لنمو حزبي الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني، وتوسيع مناطق سيطرتهما.

أطلقت الولايات المتحدة وعدا بأن مليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي  لن تتمدد إلى غربي نهر الفرات، لكنها لم تلتزم بذلك وسمحت لها بتجاوز النهر في صيف 2016، وعقب ذلك أعطت ضمانات جديدة لتركيا بأنها ستسحب المليشيا منمنبج عقب طردها تنظيم الدولة من المدينة، لكنها أخلت بوعدها مرة ثانية.

ولم تكتف الولايات للمتحدة بهذا القدر، إنما جعلت قواتها تتمركز مع مليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي إثر تقدم القوات التركية نحو حدود منبج ضمن عملية درع الفرات.

جيش الشمال
وبهدف تعزيز دعمها لمليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي، أسست الولايات المتحدة قاعدتين جويتين في كل من الحسكةوعين العرب (كوباني)، كما فرزت جنودها في عشر نقاط عسكرية، فضلا عن تقديمها كميات كبيرة من الأسلحة للمليشيا بواسطة طائرات الشحن وآلاف الشاحنات عبر شمالي العراق.

وعلى الرغم من نفي الولايات المتحدة أنباء دعمها حزب الاتحاد الديمقراطي، فإن استمرار توافد شاحنات الأسلحة إلى المليشيا ساهم بشكل كبير في زعزعة ثقة أنقرة في واشنطن.

وقد تواصلت تلك السياسة مع تولي الرئيس دونالد ترمب الحكم أوائل عام 2017 حيث تم تشكيل فريق مسؤول عن قضايا تنظيم الدولة وحزبي الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني، ومن ثم قدمت واشنطن دعما كبيرا للمليشيات المسلحة في الرقة ودير الزور فتم تطهيرها من تنظيم الدولة، إلا أن الإدارة الأميركية تركت هذه المناطق بعد ذلك لمليشيات هذه الحزبين.

وبعد القضاء على خطر تنظيم الدولة بشكل كبير، بدأت الولايات المتحدة السعي لإنشاء كيان عسكري منظم ودائم لمليشيا حزبي الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني شمالي سوريا.

وساهم هذا الكيان، الذي أطلقت عليه واشنطن “قوات حفظ الحدود” أو “جيش الشمال” وخصصت له 550 مليون دولار من ميزانيتها لعام 2019، في خلق أزمة جديدة بين الولايات المتحدة وتركيا.

ويعتبر إصرار الولايات المتحدة على حماية زعيم تنظيم جماعة الخدمة فتح الله غولن المقيم على أراضيها سببا آخر مهما من أسباب فقدان الثقة التركية بحليفها الإستراتيجي الأميركي.

وساهم تأخر الولايات المتحدة في إعلان تضامنها مع الحكومة التركية الشرعية خلال محاولة الانقلاب الفاشلة في زيادة شكوك الشعب التركي.

ملف غولن
وفيما بعد، بدأت مرحلة المفاوضات بين أنقرة وواشنطن لإعادة فتح الله غولن المقيم في بنسلفانيا، حيث قدمت أنقرة ملفات ووثائق كثيرة تثبت ضلوعه في محاولة الانقلاب الفاشلة، لكن واشنطن تجاهلت ذلك المطلب رغم ارتباطها باتفاقية إعادة مطلوبين مع تركيا.

ملف آخر ساهم في زعزعة الثقة هو قيام القضاء الأميركي باعتقال النائب السابق لمدير “خلق بنك” التركي محمد هاكان أتيلا أواخر 2017 على خلفية ادعاءات وتهم تؤشر على نية الولايات المتحدة استخدام قضية غولن ضد تركيا مجددا.

وفي 3 يناير/كانون الثاني الماضي أدين أتيلا بخمس تهم من أصل ست وجهت له، في حين تمت تبرئته من تهمة “غسيل الأموال”، والتهم التي أدين بها هي: خرق عقوبات واشنطن على إيران، والاحتيال المصرفي، والمشاركة في خداع الولايات المتحدة، والمشاركة في جريمة غسيل أموال، والمشاركة في خداع البنوك الأميركية.

الجزيرة