الخليجيون ورقة انتخابية في لبنان

الخليجيون ورقة انتخابية في لبنان

بيروت – عكس كلام رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري عن أنّ دولا خليجية عدّة سترفع حظر السفر لمواطنيها إلى لبنان رغبة دفينة في الحؤول دون تكريس التباعد بين لبنان ودول الخليج العربي.

واعتبرت مصادر سياسية لبنانية أن “عروبة لبنان”، وبيروت بالذات، تحولت إلى أحد أبرز الشعارات التي يخوض تيّار المستقبل الانتخابات النيابية في ظلّها.

وقال الحريري، السبت، إن عددا من الدول الخليجية سترفع الحظر عن سفر مواطنيها إلى لبنان.

وكان الحريري يتحدث خلال لقاء حواري انتخابي في بيروت، أكد فيه أن الحكومة اللبنانية تبذل قصارى جهدها من أجل ترسيخ الاستقرار في البلاد، لتوفير الأجواء المناسبة لعودة السياح إلى بيروت وكل لبنان.

وقال “سترون قريبا (لم يحدد متى) أن عددا من الدول الخليجية (لم يسمّها) سترفع الحظر عن سفر مواطنيها إلى لبنان، مما سيساهم في تعزيز السياحة في بلدنا وبالتالي تدعيم الاقتصاد ككل”.

وكان لبنان تعرّض لحملة إيرانية استهدفت عزله عن محيطه العربي، وذلك منذ العام 2011 عند اندلاع الثورة الشعبية في سوريا وتورط حزب الله في القتال إلى جانب نظام الرئيس بشّار الأسد.

وترافق التورط الإيراني في سوريا مع تهديدات إلى السياح العرب الموجودين في لبنان جعلت الدول الخليجية تحظر على رعاياها زيارة البلد. وزاد تطبيق الحظر صرامة مع رفض لبنان الرسمي إثر تولي جبران باسيل وزارة الخارجية أي إدانة صريحة لإيران وحزب الله في الاجتماعات العربية.

وكان أفضل تعبير عن مدى التصعيد الذي لجأ إليه تيّار المستقبل مع إيران ما صدر عن وزير الخارجية نهاد المشنوق في لقاء انتخابي في بيروت. وقال المشنوق وهو مرشّح على لائحة سعد الحريري في العاصمة اللبنانية إن “الخيار هو بين بيروت العربية وبيروت الإيرانية” وذلك في إشارة واضحة إلى الرغبة في عودة العرب إلى زيارة لبنان من جهة واستنفار أهل المدينة السنّة من جهة أخرى.

وجاءت تطمينات سعد الحريري إلى أهل الخليج في وقت بدأت تظهر في بيروت مجموعات من السياح العرب، خصوصا من الكويت، تتجوّل في المدينة. لكنّ هذا الوجود العربي لا يزال خجولا ولم يؤثر كثيرا على حركة السياحة على الرغم من أنه مضى وقت طويل على آخر حادث أمني كبير في بيروت تعرّض فيه أحد السياح العرب إلى مضايقات.

ورأى خبراء في شؤون الانتخابات أن هذه التصريحات تأتي في سياق الحملات الانتخابية ولا تستند بالضرورة على معطيات صلبة. وأضاف هؤلاء أن الحريري يسعى إلى تسويق لوائحه بصفتها حاملة للآمال الاقتصادية من خلال عودة الاستثمارات المالية والسياحية الخليجية إلى لبنان.

وتعتبر هذه الأوساط أن العواصم الخليجية قد أعطت إشارات إيجابية في مستقبل التعاطي مع لبنان وأن إمكانية رفع الحظر الرسمي عن قدوم الخليجيين إلى لبنان قد يكون واردا.

ولفت هؤلاء إلى أن الأعراض التي ستنتهي إليها الانتخابات ستكون محددة للموقف الخليجي، وأن الحريري يعوّل على الصوت المناوئ لحزب الله في هذه الانتخابات لإعطاء إشارات لبنانية مرحبة بالعودة الخليجية.

ولفت الخبراء إلى أن الحريري يسعى إلى رفع حظوظ تيار المستقبل في الانتخابات، لكن مقاربته بشأن عودة الخليجيين تطال أيضا ما ستنجزه بقية التيارات والأحزاب المعارضة لحزب الله، لا سيما القوات اللبنانية والكتائب وتيار الوزير الأسبق أشرف ريفي وتجمعات أخرى.

وترى أوساط اقتصادية أن صحة المعلومات التي أثارها الحريري حول مسألة عودة الخليجيين ستظهر بشكل أدق في مؤتمر سيدر الدولي لدعم الاقتصاد اللبناني والذي يعقد في باريس في 6 أبريل الجاري.

وتضيف هذه الأوساط أن مستوى وحجم الحضور الخليجي في هذا المؤتمر سيكونان مؤشرا حقيقيا على ما تخططه دول الخليج لصالح لبنان.

وتحاول الدولة اللبنانية تصحيح العلاقات مع السعودية بعد الأزمة الأخيرة التي اندلعت على خلفية استقالة الحريري من الرياض في 4 أكتوبر الماضي.

وأعلنت الدول الخليجية رسميا حظر سفر رعاياها إلى لبنان في يناير 2016، بعدما امتنعت بيروت عن التصويت على بيان عربي يدين الاعتداء على السفارة السعودية في طهران.

ورفض لبنان التوقيع على البيان حينها، بعد أن وردت فيه إدانة لـ”تدخل” حزب الله اللبناني في البحرين.

وفي يناير 2016 تعرضت السفارة السعودية في طهران، والقنصلية السعودية في مشهد (شمال شرق)، لاعتداءات، احتجاجا على إعدام الرياض رجل الدين السعودي الشيعي، نمر باقر النمر.

وبشكل عام تراجع عدد السياح الخليجيين إلى لبنان بعد عام 2011 نتيجة اندلاع الأزمة السورية.

وفيما وصل عدد السياح الخليجيين (معظمهم سعوديون) في لبنان عام 2009 إلى نصف مليون سائح، لم يسجل الصيف الماضي حضورا سياحيا خليجيا في البلاد .

العرب