ولي العهد السعودي: إيران والإخوان والمتطرفون مثلث الشر

ولي العهد السعودي: إيران والإخوان والمتطرفون مثلث الشر

واشنطن – نجح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في وضع ملامح التمايز الذي تسعى إليه المملكة في محيطها الإقليمي من خلال تحديد الجهة المقابلة لها، أو ما أسماه بمثلث الشر (إيران، والإخوان، والجماعات المتطرفة)، وكيف تنظر الرياض إلى طبيعة التحديات التي تواجهها، وخصوصا ما يتعلق بالأمن القومي السعودي والإقليمي.

وأكد ولي العهد السعودي في حوار أجراه معه الصحافي الأميركي، جيفري غولدبرغ، في مجلة “ذا أتلانتيك” أن المملكة تقارب الإسلام بشكل مغاير لمن أسماهم بمثلث الشر (إيران، الإخوان المسلمون، الجماعات الإرهابية)، الذين يسعون للترويج لفكرة أن واجبنا كمسلمين هو إعادة تأسيس مفهوم خاص بهم للخلافة، وبناء إمبراطورية بالقوة، مع أن الله لم يأمرنا بذلك، بل يأمرنا بنشر الرسالة فقط.

وقال الأمير محمد بن سلمان إن النظام الإيراني يريد نشر فكره المتطرف (ولاية الفقيه)، فيما الإخوان المسلمون يرغبون في استخدام النظام الديمقراطي من أجل حكم الدول. أما الإرهابيون -تنظيم القاعدة وتنظيم داعش- فيرغبون في القيام بكل شيء بالقوة، وإجبار المسلمين والعالم على أن يكونوا تحت حكمهم وأيديولوجيتهم المتطرفة بالقوة.

ولفت إلى أن قادة تنظيم القاعدة وقادة داعش كانوا كلهم في الأصل أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين. مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وقادة داعش.

ويرى محللون سياسيون أن ولي العهد السعودي سعى في الحوار إلى تقديم مقاربته للإصلاح بدءا بتحديد موقف مما يجري والجهات التي يختلف معها في الرؤية إلى الدين، في إشارة واضحة إلى أن العملية الإصلاحية التي ينهض بها الأمير محمد بن سلمان نابعة من رؤية معتدلة للإسلام تدافع عن نشر الرسالة كفكرة بين الناس وتعارض استعمال العنف لإجبار الناس على اعتناقها، كما تعارض توظيف الدين لبناء إمبراطورية أو خلافة بالقوة.

وأشار المراقبون إلى أن الأمير محمد بن سلمان قدم قراءة نقدية لتاريخ التعاطي مع الجماعات المتشددة، حيث ربطها بالحرب الباردة، ولم ينكر أن السعودية قد قدمت، هي والولايات المتحدة معا، دعما لبعض تلك الجماعات لمواجهة المدّ الشيوعي.

وقال ولي العهد السعودي “عندما نتحدث عن التمويل، وخصوصا قبل عام 1979، فلنتحدث عن الحرب الباردة. لقد انتشرت الشيوعية في كل مكان، مُهددة الولايات المتحدة وأوروبا وكذلك نحن. تحولت مصر في ذلك الوقت إلى نوع قريب من هذا النظام. لقد عملنا مع أي شخص يمكن أن نستخدمه للتخلص من الشيوعية بنيّة حسنة. وكان من بين هؤلاء الإخوان المسلمون. تم تمويلهم في المملكة العربية السعودية. ومولتهم الولايات المتحدة الأميركية”.

لكنه نفى أن تكون المملكة قد مولت أي جهة متطرفة، قائلا “أتحدى أي شخص يُمكنه جلب دليل على تمويل الحكومة السعودية للجماعات المتطرفة. نعم، ثمة أشخاص من السعودية ممن مولوا الجماعات الإرهابية. وذلك ضد القانون السعودي. ولدينا العديد من الأشخاص زُجّ بهم في السجن حاليا، وذلك ليس بسبب تمويل الجماعات الإرهابية فحسب، بل حتى لتقديم الدعم لها”.

ودأب الأمير الشاب على تحديد 1979 كسنة مفصلية في تاريخ المنطقة، حيث ظهر التشدد بوجهيه الشيعي والسني؛ الأول من خلال الثورة الإيرانية التي “قامت بخلق نظام قائم على أيديولوجية الشر المحض”، والثاني كان في العالم السني حيث “كان المتطرفون يحاولون استنساخ التجربة ذاتها. شهدنا الهجوم على المسجد الحرام في مكة”.

تصريحات ولي العهد السعودي نجحت في نقل الخلاف مع إيران إلى مجاله الحقيقي، أي الصراع على المصالح ومواقع النفوذ والأمن القومي مثلما يجري في اليمن

ويفصل ولي العهد السعودي بين المذهب الشيعي وأيديولوجية الثورة التي قادها الخميني بالقول “يتمتع الشيعة بحياة طبيعية في السعودية. وليست لدينا مشكلات مع المذهب الشيعي. لدينا مشكلة مع أيديولوجية النظام الإيراني (ولاية الفقيه). ومشكلتنا هي أننا لا نعتقد أن لديهم الحق في التدخل بشؤوننا، ولن نسمح لهم بذلك بأي حال”.

ويعتقد الأمير محمد بن سلمان أن المحدد في سياسة المملكة الداخلية والخارجية أمنها القومي، مشيرا إلى أنه “لدينا داعش والقاعدة وحماس وحزب الله والنظام الإيراني (…) لذا فأي شيء قد يمس الأمن القومي، لا يمكننا المخاطرة به في السعودية”.

وكشف عن أن بلاده تقوم بردع التحركات الإيرانية في أفريقيا وآسيا وماليزيا والسودان والعراق ولبنان واليمن، معتقدا بأنه “بعد هذا الردع، فإن المشكلات سوف تنتقل إلى إيران”.

وقال مراقبون إن تصريحات ولي العهد السعودي نجحت في نقل الخلاف مع إيران إلى مجاله الحقيقي، أي الصراع على المصالح ومواقع النفوذ والأمن القومي مثلما يجري في اليمن، مستبعدة أي بعد طائفي يمكن أن يستثمره “مثلث الشر”، وخاصة إيران في تزييف طبيعة المعركة وخلط الأوراق.

ورفض الأمير محمد بن سلمان وجود أي تناقض بين الأمن القومي للسعودية وبين حرية الأفراد فيها، مضيفا “لا نريد أن نرى الأمور التي تحدث في العراق تحدث في السعودية. ولكن بخلاف ذلك، فالشعب يمتلك الحرية للقيام بما يحلو له. على سبيل المثال، لم نحجب تويتر، أو إمكانية الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، تويتر وفيسبوك وسناب شات. جميعها، متاحة لكل السعوديين”.

وتعهد بتشجيع قوة القانون، وحرية التعبير بقدر المستطاع “طالما أننا لا نعطي الفرصة للتطرف بالظهور”.

وبدا ولي العهد السعودي أكثر وضوحا بشأن السلام في الشرق الأوسط مشددا على ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام. وقال “أعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين لهم الحق في أن تكون لهم أرض خاصة بهم. لكن علينا التوصل إلى اتفاق سلام لضمان الاستقرار للجميع ولإقامة علاقات طبيعية”.

وأضاف “لدينا مخاوف دينية بشأن مصير المسجد الأقصى في القدس وبشأن حقوق الشعب الفلسطيني. هذا ما لدينا. ليس لدينا أي اعتراض على أي شعب آخر”.

العرب