قتل الصحفيين.. سياسة الاحتلال لطمس جرائمه بغزة

قتل الصحفيين.. سياسة الاحتلال لطمس جرائمه بغزة

تحجرت الدموع في عيني الصحفي رشدي السراج وهو يقف بجانب جثمان رفيق دربه المصور الصحفي الشهيد ياسر مرتجى، يتابع بصمت وفود الصحفيين لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جثمان الشهيد وهو مسجى بالمسجد العمري بمدينة غزة قبل دفنه.
معالم الصدمة ما زالت تسيطر على رشدي وهو يستذكر اللحظات الأخيرة للشهيد، عندما كان يوثق بعدسة كاميراه اعتداءات الاحتلال على المتظاهرين السلميين بالحدود الشرقية لبلدة خزاعة شرق خان يونس، قبل أن يباغته قناص إسرائيلي بعيار ناري في البطن نقل على إثره للمستشفى ثم أعلن عن استشهاده.

رشدي السراج شريك الشهيد ياسر مرتجى بمؤسسة عين ميديا للإعلام(الجزيرة)
لم يتوقع رشدي استهداف الشهيد وهو يحمل كاميرا بيديه ويرتدي سترة وخوذة عليها شارة واضحة لعمله الصحفي وباللغتين العربية والإنجليزية حتى خالف الواقع المتوقع، مما دفعه لوصف الصحافة في غزة بمهنة الموت أثناء حديثه بصوت ضعيف عما وصفها بأصعب اللحظات وأكثرها إيلاما في حياته.

وقد عكس حجم المشاركة الواسعة من الصحفيين والسياسيين بجنازة الشهيد مرتجى رسالة تحد للاحتلال ودعم للصحفيين لأداء رسالتهم وتغطيتهم الميدانية مهما كان الثمن، وفق رشدي.

مهنة الموت
ويرى تحسين الأسطل نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين أن وصف العمل الصحفي بمهنة الموت يتجسد في حجم المخاطر الكبيرة المحدقة بالصحفيين، عندما يكون الاحتلال الإسرائيلي طرفا أساسيا بمواجهة الفلسطينيين، خصوصا أنه خلال أسبوع من بدء مسيرة العودة ارتقى صحفي شهيدا وأصيب 16 آخرون.

ويؤكد تحسين أن إطلاق النار على الطواقم الصحفية يعكس سياسية إسرائيلية ممنهجة وليست عشوائية للتغطية على جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين، ويبين أن مخاطر العمل الصحفي بغزة تشمل استهداف الصحفيين بالقتل أو الإصابة، وتخريب أدواتهم وحرمانهم من إدخال وسائل حمايتهم بالميدان ومنع تنقلهم بين غزة والضفة.
ويستبعد نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين أن تفت محاولات القتل الإسرائيلية في عضد الصحفيين أو تحد من تغطيتهم للأحداث الميدانية، لأنهم أصحاب همّ وطني إلى جانب رسالتهم المهنية، معتبرا أن حماية الصحفيين بالوسائل التقليدية ميدانيا مهمة، لكنها لن تجدي نفعا إذا ما كان هناك قرار إسرائيلي بالقتل لتغييب الحقيقة عن العمل.

وسائل المواجهة
وعايش المصور الصحفي بفضائية القدس حسن أصليح خمس مرات هذا الواقع، عندما تعرض لإطلاق نار مباشر رغم ارتدائه كل وسائل الحماية المعروفة وشارات الصحافة المتداولة، ثم لم يكن ذلك كافيا لحمايته، وفق تقديره.

وفي مقابل المطالب بإلزام الاحتلال باحترام حق الصحفيين بالتغطية ووقف استهدافهم، يوضح أصليح أن الصحفيين لا يملكون وسائل لمواجهة التهديدات الإسرائيلية سوى الاستمرار بالتغطية في ظل ضعف الأداء النقابي عربيا ودوليا إزاء اعتداءات الاحتلال على الصحفيين.

تحسين: محاولات القتل الإسرائيلية لن تفت في عضد الصحفيين الفلسطينيين (الجزيرة)
ويؤكد المحامي بالمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان محمد العلمي أن ما حدث للشهيد مرتجى سياسة إسرائيلية تنفذ منذ عقود لإخراس الصحافة، وحجب الرواية الأخرى المتعلقة بالجرائم الإسرائيلية. ويشدد المحامي في الوقت نفسه على أن استهداف الصحفيين جريمة وفق الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.

ويشير العلمي إلى أن تعمد القناصة توجيه الرصاص للمنطقة العليا لجسد الصحفي يعني وجود أوامر أو تصريح بالحد الأدنى لردع الصحفيين عبر إيقاع الخسائر البشرية بينهم، خصوصا أن جنود الاحتلال بمأمن من أي خطر على حياتهم مع وجود ثلاثة سياجات شائكة وسواتر ترابية وآليات عسكرية وغيرها.

ورغم إقرار الحقوقي الفلسطيني بغياب العدالة في النظام القضائي الإسرائيلي، يقول إنه سيتم اللجوء إليه كمرحلة أولى بعد استكمال بناء الملف القانوني بخصوص الشهيد الصحفي، قبل التوجه لأطراف دولية أخرى باعتبار الحادثة بحاجة لفتح ملف تحقيق جنائي.

يذكر أن الشهيد مرتجى شريك بمؤسسة عين ميديا للإعلام، وعمل مصورا ومنتج أفلام وأنتج لصالح شبكة الجزيرة فيلما وثائقيا بعنوان “بيسان”.

المصدر : الجزيرة