روسيا تحاول تقليل خسائر ضربة غربية على نظام الأسد

روسيا تحاول تقليل خسائر ضربة غربية على نظام الأسد

واشنطن – باتت ضربة بقيادة الولايات المتحدة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد مسألة وقت، وهو ما تحاول روسيا كسبه، بعدما عكس التصعيد الروسي إدراكا من قبل موسكو بأن “عقابا غربيا” على الاستخدام المفترض للسلاح الكيمياوي في مدينة دوما السورية آت لا محالة.

وأبلغت روسيا أعضاء بمجلس الأمن أنها ترفض مسودة القرار الأميركي لإجراء تحقيق جديد بشأن الأسلحة الكيمياوية في سوريا، وقالت إنها ستطرح قرارا لإرسال لجنة تحقيق إلى دوما.

ويحاول الروس كسب الوقت قبل وقوع الضربة، التي على ما يبدو تحظى بزخم متصاعد وسط توافق بين القادة الغربيين. وعكس سلوك النظام السوري علما بأن ضربة غربية ستوجه لقواعده في الساعات المقبلة، إذ تم إخلاء العديد من القواعد العسكرية في محافظة دير الزور شرقي سوريا، كما زادت بطاريات الدفاع الجوي حول مطارات عسكرية استراتيجية، وقواعد النظام على الساحل السوري، بالإضافة إلى القواعد الروسية.

وقبل نحو عام، تبنت الولايات المتحدة بشكل منفرد عقاب الأسد عبر استهداف مطار الشعيرات بعيد ضرب بلدة خان شيخون بأسلحة كيمياوية. لكن هذه المرة يجري التحريض لضربة تبدو أوسع نطاقا، وبمشاركة قوى أوروبية، على رأسها فرنسا وبريطانيا.

وقالت وزيرة التنمية الدولية البريطانية بيني موردونت، الثلاثاء، إن الحكومة البريطانية تبحث التدخل العسكري مع حلفائها في سوريا ردا على هجوم كيمياوي مزعوم في الغوطة الشرقية قرب دمشق.

وعند سؤالها هل تدعم بلادها التدخل العسكري بعد الهجوم على دوما السبت، قالت موردونت إنها قضية محل دراسة في الوقت الراهن “وهي أمر تنظر فيه حكومة المملكة المتحدة وتناقشه وبكل وضوح نبحث ذلك حاليا مع شركائنا الدوليين”.

وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب، الثلاثاء، أن حلفاء النظام السوري يتحملون “مسؤولية خاصة” عن الهجوم الكيمياوي على دوما.

وقال فيليب متحدثا في الجمعية الوطنية إن “حلفاء النظام يتحملون مسؤولية خاصة في هذه المجزرة” كما في “خرق الهدنة” التي أقرها مجلس الأمن الدولي.

ويقول دبلوماسيون سابقون إن حجم الضربة التي من المتوقع أن تتبناها قوى غربية سيتحدد وفقا للتنازلات التي ستبدي روسيا ونظام الأسد استعدادا لتقديمها في مستقبل الصراع.

ولم يعد لدى القوى الغربية اهتمام كبير باستكمال مسار الحل السياسي الذي بدأ ببيان جنيف1 وقرار مجلس الأمن رقم 2254، لكن في المقابل لا تريد أن يمضي الروس قدما في خططهم البديلة المتمثلة في بناء زخم لإعادة كتابة الدستور في سوريا، بما يضفي شرعية على بقاء الأسد، ويقصي المعارضين مرة واحدة وإلى الأبد.

كما لا تنظر الولايات المتحدة وأوروبا بارتياح إلى آلية أستانة، التي يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توظيفها لإحداث شقاق بين تركيا وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

ويقول محللون عسكريون إن الأميركيين طلبوا في السابق من الروس ممارسة ضغوط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي لا يزال يلوح بإمكانية مهاجمة مدينة منبج، حيث تتمركز قوات أميركية وفرنسية خاصة، كما يؤكد أيضا خطط بلاده للعبور إلى منطقة شرق الفرات، لطرد القوات الكردية من هناك.

وترى إدارة ترامب أن الفرصة مواتية الآن للقيام بعملية عسكرية خاطفة، الغاية منها ليس فقط إجبار الأسد وحلفائه الإيرانيين على الالتزام بالقانون الدولي، بل إرسال إشارات قوية للدول اللاعبة في المشهد السوري بأن لدى الولايات المتحدة أكثر من خيار لضمان تأثيرها في الملف السوري.

وستعطي الضربة العسكرية، أيضا، فرصة لإعادة ترتيب العلاقة بين ترامب والرافضين لانسحاب القوات الأميركية من سوريا داخل المؤسسات التقليدية في الولايات المتحدة. ولم تخف مؤسسات، وعلى رأسها وزارة الدفاع (البنتاغون) معارضتها لتصريحات ترامب الأخيرة عن سحب القوات الأميركية من سوريا، والتي فهمت على أنها إعلان بالتراجع أمام النفوذ المتصاعد لكل من روسيا وتركيا وإيران وتسليم بالأمر الواقع.

ووفق ما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، ألغى الرئيس ترامب بصورة مفاجئة، الثلاثاء، زيارته الأولى المقررة في وقت لاحق هذا الأسبوع إلى أميركا اللاتينية، من أجل “الإشراف على الرد الأميركي على سوريا”.

وكان يفترض أن يغادر ترامب واشنطن، الجمعة، للقيام بأول زيارة له إلى أميركا اللاتينية منذ وصوله إلى البيت الأبيض في يناير 2017. وفي ختام قمة الدول الأميركية في ليما كان يفترض أن يتوقف ترامب في بوغوتا بكولومبيا.

وقالت ساندرز إنه “نزولا عند طلب الرئيس سيسافر نائبه مايك بنس عوضا عنه إلى ليما لحضور قمة الدول الأميركية”.

وأضافت “سيبقى الرئيس في الولايات المتحدة للإشراف على الرد الأميركي في ملف سوريا”.

وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير للصحافيين في باريس بعد اجتماع مع مسؤولين فرنسيين “هناك مشاورات بين عدة دول في ما يتعلق بالخطوات التي ينبغي اتخاذها للتعامل مع هذه القضية”.

وأضاف “موقفنا هو أنه يجب محاسبة المسؤولين وتقديمهم للعدالة”.

وذكرت وسائل إعلام أميركية أن عددا من السفن العسكرية المجهزة بصواريخ “توماهوك” تحركت من قبرص باتجاه شرق البحر الأبيض المتوسط، قاصدة السواحل السورية.

وتسعى روسيا لامتصاص أي تأثير للتحركات الدبلوماسية على المسرح الدولي، عبر الدعوة إلى تسهيل عمل المحققين، في نفس الوقت الذي تحاول فيه التقليل من أي أضرار محتملة للضربة القادمة.

وقال الخبير برونو ترتري من مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية “من المحتمل أيضا أن ينضم البريطانيون إلى الأميركيين والفرنسيين بشكل أو بآخر”.

كما أن باريس وواشنطن قد ترغبان بمشاركة دول عربية أيضا في الضربة ضد النظام السوري.

العرب