إسرائيل وإيران.. صراع المصالح بسوريا

إسرائيل وإيران.. صراع المصالح بسوريا


بدا مشهد تطور الأحداث بسوريا مع تعزز النفوذ الإيراني أكثر تعقيدا لإسرائيل التي نسب لطيرانها الحربي قصف قاعدة تيفور العسكرية في ريف حمص (وسط سوريا) قبل أيام، ويتسم موقف تل أبيب بالضبابية، ويطبعه رهانها للحصول على “حصة الأسد” في حال قسمت الأراضي السورية.

وحسب تقديرات أمنية إسرائيلية، أوردتها صحيفة يديعوت أحرونوت الثلاثاء، فإن إيران تستخدم قاعدة تيفور -التي تم استهدافها- لتخزين وصنع الأسلحة التي يتم تقديمها للنظام السوري وحزب الله اللبناني، كما أنها قاعدة للطائرات الإيرانية المسيرة التي منها انطلقت الطائرة التي اخترقت المجال الجوي الإسرائيلي قبل إسقاطها في فبراير/شباط 2018.

على مر سنين الحرب السورية، أحجم النظام السوري غالبا عن الرد على الهجمات الإسرائيلية، لكن المحللين يجمعون على أنه إذا كان الإيرانيون قد تعرضوا لخسائر جراء الهجوم الأخير فسيردون، ولكن ليس بالضرورة بشكل مباشر.

ويعتقد المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل بأن المستويات الأمنية الإسرائيلية تدفع نحو اعتماد إستراتيجية وسياسة أكثر هجومية ضد النفوذ الإيراني بسوريا، الذي تعتبره تل أبيب خطا أحمر.

وينسجم هذا الموقف والإستراتيجية الجديدة للأجهزة الأمنية مع ما صرحت به السلطات الإسرائيلية، إذ أوضح وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان ورئيس هيئة أركان الجيش غادي آيزنكوت أن تعميق الوجود العسكري الإيراني بسوريا ممنوع، وأن إسرائيل ستعمل بكل الوسائل لحماية أمنها القومي.

وهو ما يعتبر رسالة لأميركا وروسيا بأن إسرائيل قوة مؤثرة إقليميا.

واعتبر السياسيون الإسرائيليون أن قمة أنقرة التي ضمت رؤساء روسيا وإيران وتركيا لمناقشة الوضع بسوريا؛ أثارت قلقا كبيرا بإسرائيل.

قواعد اللعبة
من جانبه، يرى الباحث بالشأن السوري المحاضر بجامعة تل أبيب البروفيسور إيال زيسير أن إسرائيل التي لم تعلن مسؤوليتها عن قصف تيفور واتهمتها روسيا بذلك، كانت قد حذرت على مستوى القيادات السياسية والعسكرية من أن تعزيز النفوذ الإيراني بسوريا من شأنه أن يشعل حربا إقليمية.

وعن الأهداف وراء استهداف قاعدة تيفور، رجح زيسير للجزيرة نت أنه يمكن الافتراض أن إسرائيل تهدف إلى التأكيد على دورها كلاعب إقليمي رئيسي، وتريد كذلك تحديد قواعد لعبة ورسم خطوط حمراء جديدة، وذلك على عكس الإدارة الأميركية، التي تبدو مترددة في مواقفها تجاه ما يحدث بسوريا.

ولفت الباحث الإسرائيلي إلى أن قواعد اللعبة التي كانت متعارفا عليها خلال سنوات الحرب بين إسرائيل ومحور النظام السوري وإيران وحزب الله اللبناني، اقتصرت على تبادل التهم والتهديد والوعيد إلى جانب ضربات جوية إسرائيلية وردود محدودة من حزب الله، وهي أحداث كان يتم احتواؤها من روسيا في الأساس، ولم تتطور لمواجهة عسكرية شاملة.

بدوره، أوضح الباحث الميداني بالمؤسسة العربية لحقوق الإنسان (المرصد) بالجولان المحتل سلمان فخر الدين أن هجوم تيفور حمل رسالة انتقام من إيران لاختراق الأجواء الإسرائيلية بطائرة مسيرة، ورد اعتبار لسلاح الجو الإسرائيلي الذي فقد مروحية حربية، لكنه كما في سابقاته كان الهدف منه أن “تثبت إسرائيل وجودها وحضورها بسوريا، لتبعث رسالة للجميع بأنها تصر على أن تكون شريكة ومؤثرة لما يحصل في الإقليم”.

فخر الدين الذي يستبعد نجاح إسرائيل في القضاء على النفوذ الإيراني بسوريا، يجزم بحديثه للجزيرة نت أن الصراع بين تل أبيب وطهران في المرحلة الراهنة سيكون حول من يفرض أولا قواعد اللعبة والخطوط الحمراء بسوريا، وذلك في الوقت الذي تصرح فيه واشنطن بعزمها على ترك ساحة الاقتتال، في حين تتعزز المصالح بين روسيا وإيران.

ويرجح الباحث أن إسرائيل ستبحث عن المصالح المشتركة مع روسيا وإيران، علما بأن تل أبيب تراهن على تقسيم سوريا بأي حل سياسي مستقبلي، إذ تحدد قواعد اللعبة الجديدة لضمان حصتها عبر إقامة منطقة أمنية عازلة بالجولان بالجانب السوري مرورا بالأردن حتى مشارف العراق.

المصدر : الجزيرة