غموض يكتنف وجود عناصر بوليساريو على الطائرة الجزائرية المنكوبة

غموض يكتنف وجود عناصر بوليساريو على الطائرة الجزائرية المنكوبة

الجزائر/ الرباط – تصاعد الجدل بشأن سبب وجود قيادات من البوليساريو في طائرة للجيش الجزائري تحطمت، الأربعاء، وقتل جميع ركابها البالغ عددهم 257 شخصا بعد إقلاعها من قاعدة بوفاريك الجوية على بعد نحو 25 كيلومترا جنوب الجزائر العاصمة متجهة إلى محافظتي بشّار وتندوف التي تتمركز بها قيادات جبهة البوليساريو الانفصالية.

وأكدت وزارة الدفاع الجزائرية أن القتلى في غالبيتهم عسكريون وأفراد عائلاتهم من عسكريي الجيش الوطني الشعبي، دون أن تشير إلى ناجين.

ويرى مراقبون سياسيون أن تحطم طائرة نقل عسكرية جزائرية قد كشف ما لم يكن سرا وهو أن جبهة البوليساريو ليست سوى جزء لا يتجزأ من الجيش الجزائري.

وأعلن رسميا عن مقتل 30 شخصا من الجبهة التي تنادي بانفصال الصحراء المغربية عن المغرب كانوا بين ركاب الطائرة التي أقلعت من قاعدة بوفاريك التي تبعد ثلاثين كيلومترا عن العاصمة الجزائرية.

وذكر شهود عيان في اتصال لـ”العرب”، أن “الطائرة سقطت لحظات بعد الإقلاع في أحد الحقول الزراعية الخالية من السكان، وأن النيران شوهدت مشتعلة في أحد أجنحة الطائرة قبل أن تهوي على الأرض”.

وأضافوا أن “الجثث كانت متناثرة، وأن السقوط أحدث دويا ضخما أعقبه انبعاث دخان وألسنة النيران”.

ولم يستبعد الخبير العسكري والضابط المتقاعد في الجيش الجزائري العقيد رمضان حملات، فرضية التهاون ومعطيات بشرية من الحادث المأساوي، ما استوجب إجراء تحقيق معمق في ظروف وملابسات الحادث لكشف الأسباب الحقيقية لوقوعه.

ويشكل سقوط الطائرة والعدد الكبير من الضحايا ضربة قوية للنظام الجزائري الذي روّج، من أجل تغطية الحرب التي يشنها على المغرب، لنظرية أن البوليساريو تمثل حركة تحرير وطنية تبحث عن “حق تقرير المصير” للصحراويين المنتشرين في كل منطقة الساحل الصحراوي، بما في ذلك جنوب الجزائر.

وقال مصدر سياسي شمال أفريقي إن سقوط الطائرة فضيحة للجزائر التي بنت دبلوماسيتها على أنها تساعد البوليساريو ليتبين أنها جزء من جيشها وأن قضية الصحراء كلها ليست سوى قضية مفتعلة من طرف الجزائر بهدف استنزاف المغرب اقتصاديا عبر أداة اسمها البوليساريو.

وذكر مصدر جزائري مطلع رفض الكشف عن هويته لـ”العرب”، بأن “حركة تنقل الوفود الصحراوية داخل التراب الجزائري ليست سرا، وأن هؤلاء يستعملون خط العاصمة تندوف في تنقلهم بين العاصمة الجزائرية والمخيمات”.

ولفت إلى أن كل العناصر الصحراوية الرسمية وغير الرسمية تستعمل الخط المذكور، بما فيها القيادات السياسية والعسكرية والطلبة والناشطون، وأن الكشف عن هوية هؤلاء مستبعد في الظرف الراهن، بما له من امتدادات للنزاع القائم، وحالة التصعيد المسجلة في الآونة الأخيرة مع المغرب.

وتعتبر محافظتا تندوف وبشار الواقعتان في أقصى الحدود الجنوبية الغربية، من ضمن المناطق العسكرية والاستراتيجية، حيث تضم العديد من الوحدات والقيادات العسكرية بتعداد بشري لافت يطغى على السكان الأصليين والمدنيين، وتوليهما القيادة العسكرية أهمية قصوى، قياسا بوجودهما على الشريط الحدودي البري.

ولم يصدر بعد أي تعليق رسمي مغربي حول مقتل هذا العدد من الجبهة الانفصالية في الحادث.

واعتبر المحلل السياسي المغربي حفيظ الزهري لـ”العرب” أن حادث تحطم الطائرة العسكرية رغم مأساويته فقد كشف النظام الجزائري أمام العالم بعد الإعلان عن وفاة عناصر عسكرية من البوليساريو في الحادث، ما يؤكد بالملموس الدعم المعنوي والمادي للجبهة الانفصالية وهو ما يحاول النظام الجزائري نفيه في كل مناسبة.

حفيظ الزهري: حادث الطائرة كشف الدعم الجزائري المعنوي والمادي للجبهة الانفصالية
حفيظ الزهري: حادث الطائرة كشف الدعم الجزائري المعنوي والمادي للجبهة الانفصالية
ولاحظ محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية في المغرب، في تصريح لـ”العرب” أن نقل عسكريين جزائريين رفقة أعضاء البوليساريو وفي طائرة عسكرية مخصصة للإمداد والنقل العسكري، يؤشر على أن ملف هذا التنظيم الانفصالي يدار حصريا من طرف المؤسسة العسكرية الجزائرية، وما يقوي هذا الطرح، هو استفادة البوليساريو من كافة الإمكانات المادية واللوجيستية العسكرية الجزائرية.

وكان عبدالقادر مساهل، وزير الخارجية الجزائري، قد صرح في 10 أبريل 2018، بأن الجزائر ليست طرفا في النزاع حول الصحراء بين المغرب والجزائر، في وقت يوجد 30 قتيلا من البوليساريو من بين ضحايا الطائرة العسكرية الجزائرية التي كانت متوجهة إلى تندوف.

واعتبر الزهري أنه لا يمكن نفي الدور الكبير للجزائر في تدريب عناصر البوليساريو وتسليحها والتحكم في تحركاتها الميدانية، مشيرا إلى أن هذا الحادث كشف عن وجود تحركات عسكرية جزائرية داعمة للعناصر الانفصالية على الحدود مع المغرب خاصة بعد تلويح الرباط باستعمال القوة العسكرية إن لم تنسحب البوليساريو من المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني.

وجاء حادث تحطم الطائرة العسكرية في سياق ارتفاع التوتر بالمنطقة العازلة بعد استفزازات البوليساريو وفي ظل تهديد المغرب بإمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري للرد على تلك الاستفزازات الرامية إلى تغيير الطبيعة القانونية والتاريخية لشرقي وجنوبي الجدار الدفاعي.

وشهدت الجزائر حوادث لطائرات عسكرية مشابهة في السابق، إذ أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن سقوط طائرة عسكرية من نوع سوخوي، “سو-24″، في أكتوبر 2014 خلال عملية تدريب في منطقة حاسي بحبح، في محافظة الجلفة، وخلف الحادث مقتل طاقم الطائرة المكون من قائد الطائرة وضابط ملاح.

وتحطمت في نفس السنة طائرة عسكرية جزائرية من نوع “ميغ 29″، خلال حصة تدريبية، ونجا الطيار الذي كان يقود الطائرة بعدما استعمل مظلة النجاة. وفي شهر مارس الماضي سقطت طائرة عسكرية أخرى، في منطقة عين كرشة بمحافظة أم البواقي، ما أودى بحياة 102 من راكبيها، أغلبهم من جنود الجيش.

العرب