الحقبة الايرانية ..تحولات في الاقليم وحلفاء جدد

الحقبة الايرانية ..تحولات في الاقليم وحلفاء جدد

للل

لا شك في ان انهيار العراق كقوة إقليمية بعد احتلاله عام 2003 جعل إيران أكثر اطمئناناً حيال حدودها الغربية، وهو ما أشار إليه فالي نصر، مؤلف كتاب انبعاث الشيعة في مقال نشرته صحيفة الحياة في 9/1/2008، بقوله “… أصبح الشرق الأوسط القديم، الذي كانت تعتمد فيه الولايات المتحدة على الأنظمة العربية المعتدلة والصديقة في إدارة النزاعات وممارسة التأثير، منطقة تمسك بمعظم أوراقها القوى غير الصديقة، منطقة تتعرض فيها المصالح الأمريكية لتهديدات متمثلة بشبح اندلاع نزاع صعب”؛ وعليه أفلحت السياسة الخارجية الإيرانية في جعل الجوار الإقليمي تحت وطأة ضغوطها الإعلامية والعسكرية والاستراتيجية، ومن جهة أخرى فإن حالة الإرهاب التي تعيشها المنطقة هي وليدة التدخل الإيراني (فضلاً عن تدخل قوى أخرى)، سواء عملياً كما هو حاصل في العراق ولبنان، وعبر التلويح باستخدام القوة وإثارة الفتن والشحن الطائفي، الذي يكمله حث الخطى لتمكين المشروع النووي الإيراني من الوصول إلى قدرات تخصيبية عالية، تضمن غلبة وتفوقاً نوعياً على دول المنطقة.

ويمكن الوقوف على مجموعة من المتغيرات التي تدفع إيران للاهتمام بتشكيل بيئة موالية لها، ومنها الآتي:

– تعد العلاقات المشدودة والمتوترة بالجانب الأمريكي سبباً في حالة الاستنفار الدائم، وترسيخ عدم الثقة بين الطرفين، ويكمل ما تقدم جوار يفرز الأزمات والمشاكل ودولا لم تعرف الاستقرار السياسي، من بينها العراق وأفغانستان وأرمينيا وأذربيجان، وأغلبها يرتبط بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

– تنظر إيران إلى القدرات التسليحية الإسرائيلية بريبة، وتعدها موجهة أساساً ضدها، في ظل غياب أي احتمال للمواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل وأي دولة دولة عربية، وبعبارة أخرى فإن إسرائيل تشكل تهديداً للأمن القومي الإيراني، مما يدعو إلى التعامل بجدية مع التهديدات الإسرائيلية.

– تسعى إيران إلى إحياء دورها الإقليمي في المنطقة، واستبدال الرؤية الغربية القائلة بعدم قدرة العامل الإقليمي على حل مشكلاته وأزماته، دون الاعتماد سياسياً واقتصادياً وعسكرياً على العامل الدولي، وأنه ليس بالإمكان التأثير في معادلة الصراع لأن الأرقام الصعبة بيد القوى الكبرى.

  وبالإضافة إلى ذلك، فإن إيران منذ اندلاع ثورتها، وهي تقدم نفسها على أنها التجسيد السياسي “للإسلام الثوري”، إسلام المظلومين والمستضعفين، والممثل الحقيقي للمسلمين في عالم اليوم، في الوقت الذي ترى فيه السعودية أنها هي هذا الممثل وذاك التجسيد، بصفتها راعية لأقدس بقاع الإسلام في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وبصفتها نظام سياسي تقوم شرعيته على أسس دينية، ومن خلال نظرتها بأنها تقدم نموذجا لإسلام معتدل التوجهات، وبإيجاز العبارة، ويمكن القول: إنه نوع من الصراع الخفي والصدام المعلن بين المذهبين، الذي ينوء بأحمال تاريخية وعقائدية افضى الى انعكاسات سياسية.

– اعتماد الاستراتيجية الايرانية في المنطقة على حلفاء يمثلون حركات سياسية، تمكنوا من توطيد قوتهم ليسيطروا على مؤسسات الحكم في البلدان التي يوجدون فيها كـ”حزب الله” اللبناني والحوثيين في اليمن. ومن جانب آخر فان قدراتهم تؤمن حماية لإيران، وتحصينا في مواجهة الضغوط الأمريكية والدولية عبر أساليب متعددة.

وليست أطماع إيران وطموحاتها في أن تصبح القوة المهيمنة في المنطقة بالأمر الجديد، بل هو موقف تاريخي قديم، إذ تتطلع طهران إلى مد هيمنتها من أفغانستان إلى الخليج العربي وكل الشرق الأوسط، وأن تتم استشارتها في كل قضايا المنطقة بلا استثناء، و أن تمر عبرها كل التسويات بما فيها تسوية الصراع العربي-“الاسرائيلي”. فالإيرانيون كانوا وما زالوا ينظرون بعين الشك إلى وجود القوات الأجنبية في مياه الخليج، واستمرار واطراد تحالف دول مجلس التعاون مع الغرب، خاصة الولايات المتحدة الأميركية.

اسباب ومبررات مشروع الهيمنة الايراني

ومن هنا، فإن نشر “الثورة” الايرانية في هذه المنطقة بالذات، منطقة الجزيرة والخليج، كان جزءا لا يتجزأ من السياسة الخارجية الإيرانية طوال فترة حياة الخميني، وما بعد ذلك لفترة غير قصيرة، وذلك حتى مجيء هاشمي رفسنجاني، ومن بعده محمد خاتمي إلى سدة الرئاسة الإيرانية، حيث بدا وكأن السياسة الخارجية الإيرانية قد تغيرت، وبدأت تسلك مسلكا أقرب إلى العقلانية في علاقاتها مع دول الجوار.

ولم تكن هذه الوقفة الا لالتقاط الانفاس، لتتضافر بعدها عدة متغيرات امنية واستراتيجية ونووية، فالمرشد الاعلى والحرس الايراني، وبقية المؤسسات الثورية تبنوا سياسة نشر “الثورة” وتصديرها، بقصد الحفاظ على الدولة من الاعداء؛ اذ ان التمدد الخارجي، يضيف الى الرصيد الايراني حلفاء اقوياء، بامكانهم التأثير في  سياسات المنطقة اقليمياً والتأثير في التفاعلات الدولية.

  ولعل لمشروع الهيمنة الايراني أسبابه ومبررّاته، ومنها: الهوس بالشيعية الدينية والسياسية والحركية. ونشير هنا الى ما ذكره اللواء إسماعيل قاءاني، نائب القائد العام لفيلق القدس: “لا يمكننا ان نتوقف عند سوريا، فهدفنا يتمثل دائماً في قيادة العالم الإسلامي بأسره”. ثم خشية الشيعية السياسية الإيرانية من تمكن الاسلام السياسي السني بعد احداث “الربيع العربي” من السيطرة على نظم الحكم في المنطقة، فايران ترى انها صاحبة الحق والشرعية في ادارة شؤون المنطقة، وعلى الجميع القبول بقيادتها. ومن جهة اخرى فان الاستعلائية والفوقية الفارسية، وتصريحاتها الاستفزازية حيال “تابعية” الدول العربية لامبراطورية فارس، لم تقابلها وقفة عربية جادة، انطلاقاً من استراتيجية موحدة، تتصدى لهذا الاستخفاف بالعرب.

لقد وضعت ايران نفسها في موقع أصبح معه أمنها الوطني لا يتم إلا من خلال التمدد خارجيا عن طريق منظمات أو دول تدين لها بالولاء، وأصبح صعباً عليها العودة الى وضعية الدولة المهتمة بشؤونها فقط، فابقاء الداخل الإيراني، الذي يزخر بالمشكلات العرقية والطائفية والطبقية والاقتصادية منشغلاً، يبعد شبح الصراع الداخلي عن البلاد، والذي قد يكون ثمنه الثورة وفكرها، وهو أمر لن تقبل به تلك المؤسسات الحاكمة، التي يستند بقاؤها ومصلحتها إلى استمرار “زخم الثورة” وفلسفة “الثورة الدائمة”.

نذكر هنا ما قامت به إيران في 4/8/2014  بذكرى تنصيب روحاني رئيسًا قبل عام،  حيث رفعت علمها على جزء من جزيرة أبو موسى الإماراتية التي تحتلها، خارقة مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين في العام 1971 بشأن إدارة الجزر بشكل مؤقت، ما يؤكد استمرار سياساتها لتأجيج التوتر في محيط جوارها الإقليمي، والتي تتبناها منذ قيام ثورتها في عام 1979.

 اضف الى ذلك ميل الدول العربية في تعاطيها مع السياسات الايرانية الاستفزازية نحو الصمت، او الاكتفاء بتعليق خجول، الامر الذي زاد من طغيان السلوك الايراني حيال الدول العربية، ليغدو الهلال الشيعي بدراً، يضم العراق واليمن وشرق المتوسط، في ظل سلبية شبه تامة للنظام السياسي العربي .

ويؤشر ما نشهده في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، إلى أن الشرق الأوسط يعيش الحقبة الايرانية. وهاهو محمد علي جعفري  قائد الحرس الثوري الإيراني يكشف عن تفاصيل تدخل الباسدران الايراني في المنطقة، بقوله: “إن مهمة “قوات فيلق قدس الإيرانية” في الحرس الثوري هي خارج الحدود الإيرانية، وكان أداؤها جيدًا في العراق خلال معركة آمرلي.”

وأضاف جعفري ان الحرس كان له دور كبير في صمود نظام الأسد في سوريا و”حزب الله” في لبنان وعدم سقوطهما، وتابع: قدم فيلق القدس الدعم الكامل من خلال التدريب ونقل الخبرات العسكرية في سوريا والعراق ولبنان، ومن خلال هذه الخبرات العسكرية والحضور الفاعل لفيلق القدس في هذه الدول.

كما أعلن  اللواء غلام علي رشيدي نائب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة الإيراني عن وجود مستشارين وقادة عسكريين إيرانيين في كل من العراق وفلسطين ولبنان، يقدمون استشارات عسكرية “لحزب الله” وحركات المقاومة الفلسطينية والعراقيين.

وخلال الايام الفائتة افرج الحوثيون بعد احتلالهم صنعاء عن عدد من عناصر الحرس الثوري الإيراني وعنصرين من “حزب الله” اللبناني، كانوا يدربون جماعة الحوثي في شمال اليمن ويساعدونهم في تنفيذ أجندتهم السياسية والعسكرية.

 اليمن ..عاصمة عربية جديدة بيد الايرانيين

ااا

يتحدد السلوك السياسي الإيراني في إطار عملية تكتيكية، تستند الى براغماتية، قائمة على المساواة بين الأعداء والأصدقاء، فايران من جهة تدعو الى ترسيخ علاقاتها بالدول العربية، والاخذ بمبدأ عدم التدخل وحسن الجوار، وفي واقع الامر فانها داعمة وممولة لمكونات داخل الدولة الواحدة، على حساب مكونات داخلية أخرى، الأمر الذي  رسخ  حالة من الحراك السياسي والفوضى، لتكرس منطق الخلاف داخل البلد الواحد، وبذلك تبلور الصراع داخل المجتمعات العربية المستهدفة من صراعات بين العلمانيين والاسلاميين، لتتحول الى صراعات مذهبية،  بين موالٍ لها، وآخر يختلف معها، قبل أن تتبلور في اصطفافات طائفية، تشهدها المنطقة الآن.

وبالتالي فإن الازدواجية الإيرانية تعد جزءاً رئيساً من التركيبة السياسية لإيران اليوم؛ فهي مليئة بالتناقضات المختلفة، اذ تتراجع عن مواقفها في استدارة استراتيجية  اذا ما تطلبت مصالحها مثل هذا الامر، خشية تضررها، ثم تركن بعد ذلك الى تغيير المشهد القائم لتنقض بعملية خاطفة تعيد حسابات الاطراف الاخرى، التي ستجبر على التعاطي مع ايران وحلفائها في هذه الدولة العربية او تلك.

وتأكيداً لما تقدم يكشف الدستور الإيراني عن نصوصه التوسعية، التي تجيز التدخل في شؤون غيره: بحجة “الدفاع عن حقوق جميع المسلمين(…) وتبادل العلاقات السلمية مع الدول غير المحاربة”، وهذا بدوره يعطي السياسة الخارجية الشرعية الدستورية للتدخل في الدول الأخرى، وتعزز هذه الفكرة عبارة (الدول غير المحاربة) وهي غامضة ومطاطة واسعة الدلالة، اذ يمكن اعتبار كل دولة تختلف مع إيران دولة محاربة، مما يستدعي أخذ التدابير المناسبة لمواجهتها.

و”إقامة حكومة الحق والعدل حق لجميع الناس”، وطالما أشارت إيران إلى فساد أنظمة الحكم الملكية في الخليج، ومطالبتها في فترات التوتر والصدام مع السعودية بأن يكون الإشراف على المقدسات الإسلامية لممثلين عن الأمة الإسلامية “أي بيد إيران”.

وهذا ما ذهب إليه محمد جواد لاريجاني في نظريته “أم القرى” التي يراد بها جعل إيران مركز العالم الإسلامي، ليتم توحيد جميع المسلمين تحت رايتها، وهو ما يقدم تفسيراً للتدخل الإيراني في دول الخليج والجزيرة العربية، بحيث يستند المشروع السياسي الإيراني، الى تحجيم الدور السعودي، أو حتى تفتيت السعودية إن كان ذلك ممكنا، ما تطلب دعم إيران للحوثيين والقاعدة والحراك الجنوبي في اليمن، رغم كل التناقضات والاختلافات التي تبدو بينهما، وبهذا الصدد قال نيل بارتريك، محلل خليجي في المعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن: إن إيران تنظر إلى الحوثيين على أنهم ورقة ضغط على السعودية ودليل على النفوذ الإقليمي.

وتبدو الحركة الحوثية اليوم أداة عسكرية متقدمة للمشروع الإيراني الذي يستهدف، بدرجة رئيسة، تطويق المملكة العربية السعودية جنوباً، بعد تطويقها شمالاً من العراق. وبالتالي، السعي إلى تفكيكها من الداخل طائفياً، من خلال الجيوب الشيعية، وعدم الاكتفاء بذلك، فكل المجتمعات الخليجية مستهدفة من هذا المشروع القومي الفارسي الذي يهدف إلى الهيمنة على المنطقة العربية، كما فعل في العراق ولبنان وسوريا، ويسعى الآن إلى ذلك في اليمن، تمهيدا لالتهام الخليج العربي.

 ويرى المراقبون أن أصابع إيران لم يكن لها أن تتغلغل في اليمن لولا وجود الحركة الحوثية؛ التي تعد العامل الأبرز في تمدد إيران وتوسعها في اليمن. ولهذا فإن جهود إيران انصبت، منذ “الربيع العربي” على تقوية واقع الحركة تسليحاً وسياسياً وماليا.

وأشارت تقارير دولية في السنوات القليلة الماضية إلى إنشاء إيران قاعدة لها في إريتريا، لمد الحوثيين بالسلاح عبر رحلات بحرية إلى المناطق القريبة من سواحل مينائي مِيِدي واللُّحَية القريبين من صعدة، او من خلال السفن الإيرانية الموجودة في منطقة خليج عدن والمساهمة في مكافحة القرصنة، إضافة إلى سفن تجارية إيرانية .

ففي ساعات قليلة فقط تغيّر المشهد في صنعاء، حيث حقق المسلحون الحوثيون تقدماً كاسحاً وسيطروا على مقرّات حكوميّة وعسكريّة، وعلى مبنى الإذاعة وفرضوا شروطهم على الحكومة، واستغلت طهران عداء حزب الإصلاح، الذي يشكّل الذراع السياسيّة للإخوان المسلمين وحليفها الرئيس قبيلة آل الأحمر للحوثيّين، وكذلك عداء عبد الله صالح وأنصاره لآل الأحمر، لدعم الحوثيّين حتّى انطلقوا من صعدة وسيطروا على عمران، وخاضوا معارك في الجوف وفرضوا وجودهم في العاصمة اليمنيّة بكلّ قوّة.

ويبدو ان هذه السيطرة الكاسحة دفعت صنعاء إلى الاستجابة لمطالب الحوثيّين ووقع الطرفان اتفاقاً في 21/9/2014 توسّطت فيه الأمم المتّحدة، حصلوا بموجبه على نصيب في الرئاسة ومجلس الوزراء، مع الدعوة إلى تشكيل حكومة تكنوقراط خلال شهر يكون لهم فيها دور كبير. وعلى الارجح فان ما تصبو إليه إيران من دعمها للحوثيّين، هو الحصول على إقليم مرتبط بها يطلّ على باب المندب والبحر الأحمر في موقع جغرافي ذي أهمّيّة استراتيجية كبيرة في إطار السيطرة على الممرّات المائيّة في المنطقة. ورغم توقيع الحوثي اتفاقاً للسلم والشراكة الوطنيّة مع الحكومة اليمنيّة، إلّا أن هذا الاتّفاق قد لا يكون، إلّا محطّة في صراع طويل في اليمن تزداد وتيرته أو تقلّ حسب مصالح إيران مع دول المنطقة.

نشيرهنا الى ما كشفه تقرير أمريكي أمني صادر عن مركز (ستراتفور) للاستشارات الأمنية في ولاية تكساس عام 2009 عن دور إيراني في عمليات تهريب منتظمة، وقال: إنها كانت تتم من ميناء “عصب” الإريتري إلى السواحل القريبة من محافظة صعدة في مديرية “ميدي” اليمنية؛ ليتم تخزينها هناك، ثم ينقلها مهربون إلى محافظة صعدة معقل المتمردين الحوثيين. وأضاف التقرير ان الطوق الأمني الذي فرضته القوات البحرية السعودية على ميناء ميدي وسواحل اليمن الشمالية؛ دفع القوات البحرية الإيرانية إلى إضافة أسطولٍ رابع تمركز في خليج عدن؛ لتأمين طرق جديدة لتهريب الأسلحة للتمرد الحوثي.

كما تعد إيران قوة الحوثيين في منطقة مهمة بالنسبة للقوى الغربيّة وحلفائها ورقة ضغط مهمة في ملفات سياسيّة عديدة بين تلك القوى وطهران، وعلى رأسها مفاوضات الملف النووي الإيراني.

عين ايران على السعودية

قالت صحيفة كيهان الرسمية الإيرانية التي يملكها المرشد الإيراني علي خامنئي، وتمثل رأي السلطة الإيرانية وخامنئي في الإعلام الإيراني، في تحليلها للوضع اليمني، إنه بعد اليمن ونجاح الثورة الإسلامية في صنعاء سوف يكون الدور القادم على سقوط حكومة آل سعود وتفكيك هذه “الدولة المفروضة على الحجاز”، بحسب تعبيرها. والتي وصفتها بدولة من “القرون الوسطى”، وأصبحت قاعدة لقوى الاستكبار العالمية في المنطقة، وأن “الثورة اليمنية الإسلامية تمضي قدماً، ولا يمكن لأي طرف أن يقوم بتثبيط هذه الثورة العظيمة”.

ويتوافق هذا مع تصريحات النائب الإيراني، علي رضا زاكاني، الذي قال:” إن ما حدث في اليمن تطورٌ عظيم، والدور المقبل سيكون على السعودية”، وحتى لا يلقي مسؤولية على عاتقه، ينسب إلى محلل استراتيجي لم يذكر اسمه قوله: “أربع عواصم عربية اليوم باتت واقعة تحت سيطرة إيران”. كما أنها لا تعني تراجعاً إيرانيا عن تصريحات نشرها موقع “ديغربان”، وهو موقع دفاعي مقرب من الحرس الثوري، لسعد الدين زارعي، عضو الإدارة السياسية في الحرس الثوري الإيراني، قال فيها: بدأ الهمس يتعالى بشأن وجود الحرس الثوري في المملكة العربية السعودية. وتطورات الأسبوع الماضي في اليمن مؤشر كبير الى قرب تحرك المعارضة السعودية، ما يعزز مخاوف السعوديين من أن تصبح بلدهم ملفاً بيد قائد الحرس الثوري، الجنرال قاسم سليماني.

واستقراء لما تقدم يمكن القول ان الهجوم الذي شنته صحيفة كيهان على السعودية يمثل رأي المرشد الإيراني، وتهديدها بالانهيار والتفكك يؤكد أن التقارب السعودي ـ الإيراني لن يحصل قريباً في ظل تفاقم الأزمة اليمنية، التي تعد السعودية وإيران طرفين أساسيين فيها، وأنه من الواضح جداً عدم وجود أي مؤشر إيجابي من قبل إيران تجاه الأحداث في اليمن.

ومن الواضح ان السعودية ليست لديها استراتيجية سياسية واضحة لمواجهة الاستراتيجية الايرانية في اليمن، وتعتمد سياسة “النفس القصير” في المواجهة، معتقدة أن شراء الولاء بضخّ مليارات الدولارات، سيؤمن الهدوء على حدودها الجنوبية ويضع صنعاء خارج المنافسة الدولية والإقليمية، ولا شك في ان انكشافها بعد سيطرة الحوثي على الدولة اليمنية، سيثير القلاقل امام السعودية، ليبدو مسعى ايران في تفكيك الخليج والجزيرة العربية مشروعاً قابلا للتحقق.

هدى النعيمي