سيكولوجية كيم جونج أون

سيكولوجية كيم جونج أون

سيل من الاجتهادات لم ينقطع منذ اللقاء الذى جمع رئيسى كوريا الشمالية، وكوريا الجنوبية، قبل أيام. محاولات كثيرة لتفسير التحول الذى يبدو لكثيرين مفاجئا فى سلوك الرئيس الكورى الشمالى كيم جونج أون. كان اللقاء الذى جمعهما فى المنطقة الحدودية منزوعة السلاح تاريخيا بكل معنى الكلمة.

سبق هذا اللقاء تحول فى خطاب جونج أون. أصبح على استعداد لمراجعة سياسته وإعادة النظر فى البرنامج النووى الذى اعتبرته الولايات المتحدة وأوروبا مصدر تهديد عالمى. وبعد أن كان جونج أون وترامب لا يتبادلان إلا التهديدات المصحوبة بشتائم، أصبحت رسائل كل منهما إلى الآخر أكثر وداً. فما الذى حدث للصقر الذى قض مضاجع العالم فى العام الماضى بصفة خاصة، بعد أن تبنى الرئيس دونالد ترامب سياسة صارمة تجاهه، ورد عليها مشهراً سيف التحدى، فبلغ الصراع بينهما فى صيف 2017 ما يقرب من حافة الهاوية؟ كيف تحول هذا الصقر العنيف إلى ما يشبه حمامة سلام ترفرف، وتثير دهشة كثيرين فى العالم؟

البيان الصادر عن القمة التى جمعته والرئيس الكورى الجنوبى يؤذن بنهاية أحد أكثر الصراعات الدولية خطرا إذا كان جادا فى الالتزام بما تضمنه, وخاصة نزع السلاح النووى بالكامل من شبه الجزيرة الكورية.

يحتاج فهم التحولات فى سلوك هذا النوع من القادة إلى تحليل نفسى يُكمل التفسير السياسى والثقافى. والأرجح أن جونج، الذى بدا مخيفاً، كان هو الخائف من أن تتعرض بلاده إلى اعتداء لا تستطيع رده، الأمر الذى يتطلب امتلاك قوة ردع نووى. تعانى نظم الحكم المغلقة عادة من «فوبيا» الخوف من العالم، ويسيطر عليها الشعور بأن الجميع يتآمرون عليها، فتغرق فى هواجس تدفعها لأن تحاول الظهور فى مظهر القوة لكيلا تُستضعف ويُعتدى عليها. غير أن التصاعد السريع للأزمة فى الشهور الأخيرة أوجد حالة مختلفة ربما أدت إلى شعور جونج أون بخوف أكبر من أن تكون صورة القوة التى يرسمها هى سبب الاعتداء على بلاده، مثلما حدث لعراق صدام حسين, أو خنقها اقتصادياً نتبجة تشديد العقوبات0 وفى مثل هذه الحالة, يصبح السعى إلى صفقة تزيل خوفه من الاعتداء الذى يخشاه بديلاً عن مواصلة التحدى والعناد.

د.وحيد عبدالمجيد

الأهرام