لماذا اختيرت سنغافورة لاستضافة قمة ترمب – كيم؟

لماذا اختيرت سنغافورة لاستضافة قمة ترمب – كيم؟


تعتبر سنغافورة العصرية والآمنة والمنفتحة على الشرق والغرب معاً خياراً طبيعياً لاستضافة القمة التاريخية المرتقبة بين رئيس الولايات المتحدة والزعيم الكوري الشمالي المتقلبي المزاج.

وستستضيف هذه المدينة – الدولة المستقرة والنظيفة بإطارها الاستوائي، القمة المقررة في 12 يونيو (حزيران) المقبل بين دونالد ترمب وكيم جونغ أون، في لقاء هو الأول من نوعه بين رئيس أميركي في المنصب وزعيم كوري شمالي.

قبل بضعة أشهر فقط كان المسؤولان يتبادلان التهديدات بالحرب؛ لذا سرت تكهنات عدة حول اختيار مكان حيادي، وشملت أيضاً المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين والصين ومنغوليا.

لكن سنغافورة التي تُشبّه أحياناً بسويسرا؛ نظراً لعدم انحيازها ومركزها كعاصمة مالية، هي في موقع فريد؛ إذ ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع كل من واشنطن وبيونغ يانغ، إضافة إلى سجل حافل من استضافة لقاءات حساسة.

وقال ليم تاي واي، الباحث في معهد شرق آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية: «كدولة حيادية وموضوعية مع مبادئ ثابتة في السياسة الخارجية، وكونها دولة صغيرة ليس لديها رغبة أو مقدرة على إلحاق الأذى بدول أخرى وبمصالحها، فإن سنغافورة تستوفي تلك المتطلبات».

تعد هذه الدولة الجزيرة البالغ عدد سكانها 5.6 مليون نسمة، إحدى أكثر دول العالم ثراء للفرد، ولديها جيش متطور وبنية تحتية أمنية قوية، وتعتبر إحدى أكثر الأماكن على الأرض أمناً ومن الأقل فساداً.

وموقعها بين دولتين أكبر حجماً وتعيش فيهما غالبية مسلمة هما إندونيسيا وماليزيا، جعلها متيقظة إزاء أي عناصر متطرفين.

كما منع حكم الحزب الواحد منذ الاستقلال عن بريطانيا قبل نحو ستة عقود، المعارضة من إسماع صوتها؛ ما آثار اتهامات للحكومة بالقمع، ويستبعد إمكانية أي احتجاجات حول القمة.

كما أن وجود نخبة من الفنادق الفاخرة والمواقع الأخرى المحتملة التي يمكن مراقبة وضبط الفعاليات المنعقدة فيها، لعبت على الأرجح دوراً في ميل كيم لها؛ فهو لن يرحب بأي مفاجآت.

المعروف أن كيم سافر إلى الخارج للمرة الأولى هذا العام، مع زيارتين إلى الصين ولقاء قصير عبر الحدود الخاضعة لإجراءات أمنية مشددة إلى كوريا الجنوبية لعقد قمة تاريخية مع الرئيس مون جاي – إن في أبريل (نيسان).

في 2015، استضافت سنغافورة لقاءً تاريخياً بين الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس تايوان آنذاك ما ينغ – جيو، هو الأول من نوعه بين الجانبين منذ انفصال تايوان عن الصين في 1949 وقطيعة استمرت عقوداً.

ولديها خبرة أيضاً في استضافة قمم واجتماعات أخرى لزعماء وقادة مثل القمة السنوية لرابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) والاجتماع السنوي لحوار شانغري – لا، وهو منتدى دفاعي يجمع رؤساء وقادة دول ووزراء دفاع وكبار القادة العسكريين.

ويأتي منتدى هذا العام في فندق شانغري – لا، قبل أسبوع من قمة ترمب وكيم؛ ما يعني أن سنغافورة ستكون في حالة استنفار أمني عالٍ؛ ما يغذي التكهنات أن يكون هذا الفندق مكان استضافة القمة.

من وجهة نظر ترمب، فإن سنغافورة المراعية لقطاع الأعمال هي من بين أقرب الشركاء التجاريين والأمنيين في آسيا.

والسفر إلى سنغافورة يجنب ترمب المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين التي ربما تبدو مكاناً مريحاً لكيم، في حين قمة في بكين ربما تسمح للصين بممارسة سيطرة.

وقالت سارة تيو، الخبيرة في الأمن الإقليمي في كلية راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، إن سنغافورة «لا تحمل عبئاً تاريخياً أو سياسياً» كمواقع أخرى.

وستكون مقبولة أيضا لدى بكين، الحليف الكبير الوحيد لكوريا الشمالية التي لا تزال تتمتع بنفوذ قوي لدى بيونغ يانغ. وكثيراً ما ارتبطت سنغافورة بعلاقات سلسلة مع الصين.

وذكرت مقالة في صحيفة «ستريتس تايمز» الصادرة في سنغافورة، أن «قمة ناجحة ستكون مفخرة كبيرة لسنغافورة تزيد من شهرتها مكاناً حيادياً، وللتعامل العادل».

وبين سنغافورة وكوريا الشمالية تاريخ أول شركة محاماة ومطعم للوجبات السريعة في بيونغ يانغ أنشأهما سنغافوريون، رغم أزمة في العام الماضي عندما قطعت سنغافورة علاقاتها التجارية معها امتثالاً لعقوبات دولية على بيونغ يانغ على خلفية برنامجيها النووي والصاروخي.
التعليقات

الشرق الاوسط