اتصالات بين الصدر والعبادي استعدادا لتشكيل الحكومة العراقية

اتصالات بين الصدر والعبادي استعدادا لتشكيل الحكومة العراقية

بغداد – أوحى رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته حيدر العبادي، في خطابه أمس بأنه على وشك الاتفاق مع التيار الصدري الذي حصد المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية وفق النتائج شبه النهائية.

واستخدم العبادي نفس مفردات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مطالبا الكتل السياسية باحترام نتائج الانتخابات البرلمانية.

وقال في خطاب “نتقدم بالتهنئة لجميع الكتل الفائزة والمتصدرة منها، ونعرب عن استعدادنا لتشكيل أقوى حكومة خالية من الفساد والمحاصصة وتمنع عودة الإرهاب”. وأضاف “سنتحمل المسؤولية بقيادة البلاد والدفاع عنها إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة”.

وأربكت نتائج شبه نهائية للانتخابات العراقية، أعلنتها المفوضية المختصة، الساحة السياسية بعدما تضمنت أرقاما خالفت معظم التوقعات.

وحتى قبيل ساعات من موعد انعقاد مؤتمر المفوضية لإعلان النتائج، كانت التسريبات تتجه إلى ترجيح كفة قائمة “النصر” التي يقودها العبادي، مع منافسة من قائمة “سائرون” المدعومة من رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، فيما حلت في المرتبة الثالثة قائمة “الفتح” المدعومة من إيران، والتي يتزعمها هادي العامري.

ولكن النتائج الرسمية شبه النهائية، التي أعلنتها المفوضية فجر الاثنين، كشفت عن تفوق واضح للائحة المدعومة من الصدر، وتنافس شرس بين العبادي والعامري على المركز الثاني.

وأحرزت القائمة الصدرية، التي تضم إلى جانب أتباع الصدر مرشحين من الحزب الشيوعي العراقي وآخرين من السياسيين السنة، المركز الأول في 4 محافظات، بينها العاصمة بغداد، التي سجلت فيها فارقا بنحو 200 ألف صوت عن قائمة “الفتح” التي حلت في المرتبة الثانية.

وفي المعقل الشيعي الأبرز، وهو البصرة عاصمة العراق الاقتصادية، حققت اللائحة المدعومة من إيران فوزا مهما، فيما جاءت قائمة الصدر ثانية، وحل العبادي في المركز الثالث.

ويقول الكاتب السياسي العراقي فاروق يوسف إن “التنسيق من قبل الصدر مع العبادي قد لا يكون إلا تعبيرا عن تحالف المضطر دفعا لضرر أكبر يشكله بروز قائمة الفتح التي يقودها أحد زعماء الحشد الشعبي، وهي قوة حظيت بشعبية لافتة بالرغم من أن تلك القائمة لم تدخل الانتخابات في وقت سابق أي أنها لا تملك تاريخا انتخابيا. وكما يبدو فإنها سرقت الجزء الأكبر من حصة العبادي في نصره على داعش”.

لكن أبرز مفارقات الانتخابات العراقية، كان تحقيق العبادي رئيس الوزراء الشيعي، المركز الأول في محافظة واحدة هي نينوى، برغم أنها أكبر معاقل السنة في العراق.

وفي المجمل حقق العبادي نحو 11 مقعدا في المناطق السنية، ما يعادل نحو ربع عدد مقاعده في البرلمان العراقي، وهو أحد أبرز المتغيرات التي صبغت الانتخابات العراقية في 2018.

ولم يسبق للائحة شيعية يقودها زعيم من حزب إسلامي أن حققت أي مقعد في الدوائر الانتخابية السنية في العراق.

ولكن هذا الاختراق، الذي حققه العبادي في المناطق السنية، يبدو أنه لن يشفع له، في ظل وجود قوائم شيعية أخرى، باتت تملك أرقاما متقاربة.

وقال يوسف إنه “رغم الاختراقات غير المسبوقة التي حققها العبادي انتخابيا على الجبهة السنية، فإن النصر على داعش لم يكن عامل إقناع بالنسبة للناخبين في المدن ذات الأغلبية الشيعية. لذلك كان تراجعه من جهة نسبة الأصوات التي حصل عليها هو مفاجأة الانتخابات، حيث لم يكن إهمال (رئيس الوزراء السابق) نوري المالكي وقائمته ليشكل أي نوع من المفاجأة”.

ووفقا لهذه النتائج، التي لم تمنح قائمة ما نصرا حاسما، سيتعين على الفائزين خوض مفاوضات طويلة لتشكيل حكومة ائتلافية والاتفاق على اسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء وأعضاء حكومته.

ويشكل تقدم قائمة “سائرون” ضربة لإيران. وقبل أشهر قال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، إن إيران “لن تسمح بعودة الشيوعيين والليبراليين إلى الحكم في العراق”، في إشارة إلى قائمة الصدر التي تضم أعضاء عن الحزب الشيوعي العراقي.

ويرجح مراقبون أن تبدأ الاتصالات لتشكيل التحالف الذي يختار رئيس الحكومة القادمة قريبا، بين كل من الصدر والعبادي، وربما زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، الذي حازت لائحته قرابة 19 مقعدا.

ويصنف المراقبون في بغداد الزعماء الثلاثة ضمن ما يعرف بـ”دائرة الاعتدال الشيعي”، في مواجهة “الدائرة الشيعية المتشددة”، المعروفة بقربها من إيران، وتضم الفصائل المسلحة المنضوية في تحالف “الفتح” بزعامة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي.

وفي حال فشل الفريق الأول في تشكيل تحالف برلماني يوفر الغطاء اللازم للحكومة، فإن الفرصة ستكون مواتية للفريق الثاني.

ويجب على الائتلاف الذي سيشكل الحكومة الحصول على 165 مقعدا، كي يتمكن من الحصول على الأغلبية التي تؤهله للحكم، من خلال البرلمان العراقي المكون من 329 نائبا.

ومن المرجح ألا يتمكن أي فريق شيعي من تشكيل الحكومة بمفرده، وسيلزمه البحث عن حلفاء من السنة والأكراد.

ويرشح مراقبون تحالفي؛ الوطنية المكون من نواب شيعة وسنة بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، والقرار الذي يطغى عليه الطابع السني بزعامة خميس الخنجر، للتقارب مع أي تحالف يشكله الصدر والعبادي والحكيم.

وأكد يوسف أن “الأقرب إلى المنطق أن تتحالف قائمتا النصر وسائرون من أجل تحقيق أغلبية مريحة في مجلس النواب حتى تقتنصا منصب رئيس الوزراء، غير أن ذلك المنصب لن يكون من حصة العبادي وذلك من أجل استبعاد شبح حزب الدعوة الذي لا يزال العبادي عضوا فيه، إلا لو قرر العبادي الاستقالة من الحزب من أجل ضمان البقاء في منصبه لولاية ثانية”.

ولم يؤثر فشل استفتاء الاستقلال الكردي عن العراق على القوة السياسية للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني.

وحافظ الحزب على كونه القوة السياسية الكردية الأقوى، وحصل على أكبر عدد من المقاعد التي يحرزها حزب منفرد بين جميع الدوائر.

وبالرغم من علاقته المتوترة بالعبادي، على خلفية الاستفتاء، إلا أن مصادر سياسية لا تستبعد فتح قنوات تواصل من قبل تحالف العبادي – الصدر – الحكيم، مع البارزاني، لضمه إلى التحالف الحكومي

العرب