الحوثيون على شفا هزيمة مدوية في الحديدة

الحوثيون على شفا هزيمة مدوية في الحديدة

صنعاء – دخلت معركة تحرير الحديدة على الساحل الغربي اليمني منعطفا حاسما بسيطرة القوات اليمنية المدعومة من التحالف العربي، على منطقة الدريهمي جنوبي المدينة ما يجعل تلك القوات عمليا في موضع سيطرة نارية على مطار المدينة.

ودبّت الفوضى في صفوف ميليشيا الحوثي التي بادرت إلى تركيز حواجز عسكرية ونقاط تفتيش على الطرقات لمنع المقاتلين التابعين لها من الفرار، في محاولة لدفعهم للصمود أطول وقت ممكن.

ويأتي تحقيق هذا التقدّم النوعي في معركة الحديدة تتويجا لجهود كبيرة بذلتها قوات المقاومة بمختلف فصائلها وبإسناد نوعي من القوات الإماراتية العاملة ضمن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والذي قام الطيران المروحي والنّفاث التابع له بدور حاسم في المعارك التي تدرّجت من شمالي تعز وصولا إلى مشارف مدينة الحديدة.

ويعتبر تحرير الحديدة ذات الموقع الاستراتيجي على البحر الأحمر، والتي مثّلت على مدار سنوات الحرب في اليمن شريان إمداد للحوثيين بالسلاح المهرّب من إيران، وأيضا مصدرا لتمويل جهدهم الحربي عن طريق الموارد المالية لمينائها، منعطفا في معركة تحرير اليمن ككل من سيطرة الحوثيين الذين سيصبحون بعد فقدانهم المدينة محاصرين في مناطق داخلية.

وفي خضمّ الحرب المشتعلة تروج توقّعات بأن تساهم هزيمة الحوثي في الحديدة في تليين موقف الحوثيين من مسار السلام وتدفعهم مرغمين للجلوس إلى طاولة التفاوض على أسس جديدة هذه المرّة يُؤخذ فيها الوضع الميداني لكل طرف.

واعترف زعيم ميليشيا الحوثي بالهزيمة في معارك الساحل الغربي، وهيّأ أنصاره في كلمة بثتها قناة تلفزيونية تابعة له لخسارة ميناء الحديدة الاستراتيج.

وبدت علامات القلق والارتباك في كلمة عبدالملك الحوثي التي علّق فيها على مجريات الحرب، في الوقت الذي باتت فيه قوات المقاومة المشتركة على بعد 18 كيلومترا من جنوب مطار الحديدة الدولي وفقا للمتحدث باسم قوات المقاومة الوطنية العقيد صادق دويد.

وبرّر الحوثي الخسائر المتلاحقة لميليشياته في الساحل الغربي بالقول “إن أي تراجع لأسباب موضوعية ليس نهاية المعركة وأن ما جرى في الجنوب يثبت ذلك”، كما أقر بحدوث ما وصفه “بالاختراق في جبهة الحديدة”.

واتهم الحوثي قوى خارجية بالتسبب في هزيمة ميليشيته في محاولة لتأجيج مشاعر أنصاره، قائلا إن معركة الساحل الغربي “اتُخذت بقرار أميركي”، مستدركا أن أي اختراقات في الخط الساحلي قابلة للاحتواء والسيطرة.

وناشد زعيم الجماعة الحوثية أتباعه الصمود وعدم الفرار من الجبهات، كما دعاهم إلى رفد الجبهات بالمقاتلين.

ولجأ الحوثي إلى اللعب مجددا على وتر الطائفية والمناطقية في اليمن من خلال حديثه عما أسماه “العمق الاستراتيجي والتاريخي لمواجهة الغزاة”، الذي قال إنه لا يزال في أيدي جماعته، في إشارة إلى المناطق الجبلية في شمال اليمن التي تعرف بـ”الهضبة الزيدية”.

ووصف الكاتب والسياسي اليمني والقيادي السابق في جماعة الحوثي علي البخيتي خطاب زعيم الجماعة بأنه خطاب الهزيمة، فقد أقر ضمنيا بهزيمة ميليشيته وقال إن هناك تراجعات سمّاها تراجعات موضوعية للتقليل من فداحة هذا الاعتراف، وهو مصطلح جديد لم يستخدمه من قبل، كما أنه ألمح إلى تراجعه إلى المناطق الجبلية التي وصفها بمناطق العمق التاريخي. وبالتالي هو يشير صراحة إلى هزيمته في الحديدة واستعداده للانسحاب منها، ويقرّ بأن الجماعة الحوثية تمر بأسوأ مراحلها على الإطلاق.

وعلى صعيد ميداني أكدت مصادر محلية لـ”العرب” من الحديدة أن المدينة تشهد تحركات حذرة لعناصر الحوثيين الذين بدأوا بتسيير دوريات في الشوارع والأحياء، بالتزامن مع حركة نشطة لنقل أموال فرع البنك المركزي اليمني باتجاه صنعاء، ونهب المؤسسات الحكومية وتفكيك المعدات الخاصة بالاتصالات، ما يوحي بإدراك قادة الميليشيا لحتمية الهزيمة.

وعن سيناريوهات المعركة خلال الأيام القادمة، قال مصدر عسكري لـ”العرب” إن القوات المشتركة المسنودة بالقوات الإماراتية العاملة في التحالف العربي تعمل على تأمين طرق إمدادها وتصفيه الجيوب الحوثية التي خلفتها وراءها قبل أن تكمل تقدمها نحو ميناء الحديدة ومطارها. كما تعمل على إحكام الحصار على مجاميع الحوثيين جنوبي الحديدة بمديريات التحيتا والجراحي وزبيد وبيت الفقيه التي تم قطع طرق إمدادها من خلال السيطرة على مدينة الحسينية على الخط الرئيس الرابط بين شمال الحديدة وجنوبها.

وتوقع المصدر العسكري أن تلجأ قوات المقاومة المشتركة والتحالف العربي إلى اتباع ذات الاستراتيجية في تحرير مدينة الحديدة لتجنب الخسائر في الأرواح والبنية التحتية مع استخدام الحوثيين للسكان كدروع بشرية، حيث من المتوقع أن تتم السيطرة على الطرق التي تربط المدينة بمختلف مناطق اليمن وهو ما سيتسبب في تضييق الخناق على الميليشيا.

العرب