هل تلفّ روسيا والصين حبل تركيا وإيران تدريجيا على رقبة الغرب

هل تلفّ روسيا والصين حبل تركيا وإيران تدريجيا على رقبة الغرب

لندن – تواجه دول الاتحاد الأوروبي صعوبات كبيرة في الوفاء بوعودها عبر إقناع الشركات الأوروبية بالمضي قدما في عقود استثمار كبيرة وقعتها مع إيران، وهو ما يزيل العقبات أمام روسيا والصين لتقوية تحالفاتهما مع طهران، التي باتت تشعر أنهما أصبحتا مخرجها الوحيد من استراتيجية أميركية عدائية تأخذ تدريجيا طابعا دوليا.
وإن كانت لا تواجه حصارا منسقا من قبل الولايات المتحدة، لا تشعر تركيا بفرق كبير عن العزلة التي يتسع نطاقها يوما بعد يوم، إثر توتر حاد في العلاقات مع واشنطن، بعدما وضع الكونغرس قيودا على بيع مقاتلات من طراز أف-35 لتركيا، وممارسة واشنطن ضغوطا على أنقرة في ما يتعلق بسياساتها في سوريا.
ووضع ذلك تركيا على حافة الانتقال أيضا إلى المعسكر الشرقي، الذي يرى فرصة سانحة لجذب تركيا إلى صفوفه، وشق حلف شمال الأطلسي (الناتو) عبر تعزيز الانقسامات.
ومنطلقات البلدين استراتيجية بعيدة المدى، رغم تركيز إيران بيأس على المكاسب الاقتصادية كأولوية.
وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه للموقع الإخباري للوزارة (شانا)، الأربعاء، إن لدى شركة النفط الفرنسية العملاقة توتال شهرين مهلة للحصول على إعفاء من العقوبات الأميركية بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني.
وذكر زنغنه أن عدم حصول توتال على الإعفاء سيدفع إيران إلى الاستعانة بشركة سي.أن.بي.سي الصينية لتحل محل الشركة الفرنسية في مشروع بارس الجنوبي للغاز، مما يرفع حصة الشركة الصينية من 30 بالمئة إلى أكثر من 80 بالمئة.
وأعلنت الولايات المتحدة الشهر الجاري أنها ستفرض عقوبات جديدة على إيران المنتجة للنفط والغاز بعدما انسحبت من الاتفاق الموقع في 2015 ويكبح طموحات إيران النووية مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها.
ورغم توصل واشنطن وأنقرة، الأربعاء، إلى اتفاق يمهد الطريق للإشراف المشترك على مدينة منبج السورية، يستمر لمدة 45 يوما، لا تزال العلاقات الأميركية التركية تمثل هاجسا من إمكانية نجاح الرئيس فلاديمير بوتين في تحويل تركيا إلى “حصان طروادة” آخر في الغرب.

وهدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الأربعاء، بقوله إن بلاده ستلبي احتياجاتها من مصدر آخر إذا لم تسمح الولايات المتحدة لها بشراء طائرات أف-35، التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن، وسط توترات بشأن قضايا دفاعية ومصير قس أميركي مسجون.
وتسببت تركيا في إثارة حالة من عدم الارتياح في واشنطن بقرارها شراء صواريخ أس-400 أرض جو من روسيا، وتعرضت لانتقادات بسبب اعتقال القس المسيحي الأميركي أندرو برونسون في اتهامات بالإرهاب.
وأقرت لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الأميركي نسختها من مشروع قانون للسياسة الدفاعية تبلغ قيمته 716 مليار دولار، ويشمل إجراء لمنع تركيا من شراء طائرات لوكهيد مشيرة إلى قضية برونسون وصفقة الصواريخ الروسية.
ولا أحد يملك تكنولوجيا دفاعية من الممكن أن تمثل توازنا للتكنولوجيا الأميركية غير روسيا، وبدرجة أقل الصين. وكان الوزير التركي يلمح على ما يبدو لهاتين الدولتين.
ويعني ذلك فشلا أوروبيا ذريعا في إقناع واشنطن بالتخفيف من حدة مقاربتها في التعاطي مع قضايا حساسة تمس استقرار الاتحاد الأوروبي، كبرنامج الصواريخ الباليستية ونفوذ إيران في الشرق الأوسط، وملف الهجرة واللاجئين، الذي توصل الأوروبيون بشأنه إلى اتفاق مع تركيا لا يزال ساري المفعول إلى اليوم.
وإذا ما تمكنت روسيا وإيران من استقطاب الدولتين المحوريتين في المنطقة، فسيمثل ذلك فشلا لاستراتيجية أميركية لم يبدأ تطبيقها بعد، تسعى إلى عدم السماح لأنقرة وطهران بإعادة فرض نموذجيهما لحكم الإسلام السياسي، الذي تراجع كثيرا منذ الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر عام 2013، وفرض مقاطعة صارمة على قطر.
ويقول محللون إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب “لا تقبل الحلول الوسطى”، لكنها في نفس الوقت تحاول العثور على مخرج لمعاقبة إيران وتركيا دون أن يمنح ذلك موسكو وبكين رصيدا استراتيجيا مجانيا على حساب الغرب.

العرب