الصراع على نتائج الانتخابات يضعف مناعة العراق ضد التهديدات الأمنية

الصراع على نتائج الانتخابات يضعف مناعة العراق ضد التهديدات الأمنية

بغداد – تتزايد المخاوف في العراق من أن يؤدي الجدل بشأن شرعية الانتخابات العامة التي أجريت في 12 مايو إلى فراغ سياسي، ما يهدّد الاستقرار الأمني الهش في البلاد.

ويحتاج العراق الخارج حديثا من حرب مرهقة ضدّ تنظيم داعش لم يبرأ بالكامل من تبعاتها الثقيلة، إلى تشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت ممكن، إلاّ أنّ ذلك لا يبدو متاحا بسبب الخلافات الحادّة بشأن الانتخابات وعدم قبول عدّة أطراف شاركت فيها بما تمخّضت عنه من نتائج، فضلا عن صعوبة مفاوضات تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر المخوّلة تعيين رئيس للوزراء بفعل تقارب النتائج بين التحالفات الكبيرة الفائزة.

وترد معلومات من مصادر في مدن عراقية تشير إلى محاولات خلايا تابعة لتنظيم داعش إعادة تنظيم صفوفها. ويقول خبراء أمنيون إن التنظيمات المتطرفة، عادة ما تستغل أجواء الفراغ السياسي في العراق لتنفيذ هجمات قاتلة.

وبدّد الجدل الذي أحاط نتائج الانتخابات العراقية العامة، الآمال بمرحلة من الاستقرار تشكل امتدادا لجهود إعادة بسط الأمن على كامل تراب البلاد التي قادها رئيس الوزراء حيدر العبادي منذ توليه السلطة في 2014.

ومع إدارته الهادئة لملف النزاع بين العرب والأكراد العراقيين بشأن تقاسم عائدات النفط وحدود مناطق الطرفين، بدا أن العبادي يتجه لتحقيق فوز مريح في الانتخابات. ولكن تعثره في ملف مكافحة الفساد وارتباكه في إبرام التحالفات الانتخابية، انعكسا على النتائج التي حققها في الانتخابات عندما حل ثالثا بعد قائمة سائرون التي يدعمها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وقائمة الفتح المدعومة من إيران.

ومع إعلان النتائج، ارتفعت أصوات المشككين بشأن نزاهة العملية الانتخابية لا سيما في الدوائر السنية والكردية.

وتحرّك المشككون في نزاهة الانتخابات في أربعة اتجاهات رئيسية؛ الأول عبر التواصل مع الأمم المتحدة وتزويدها بالأدلة التي تدعم ادعاءاتهم، والثاني عبر اللجوء إلى القضاء العراقي وتقديم الأدلة اللاّزمة، والثالث عبر وسائل الإعلام لتغذية الجمهور بمعلومات تفصيلية عن ظروف التلاعب، والرابع عبر تحريك البرلمان، ضد النتائج.

مفاوضات جانبية بين قوائم فائزة بالانتخابات ومرشحين خاسرين للتوصل إلى تسوية توقف الحراك النيابي لإلغاء النتائج

وبينما تمكنت الطبقة السياسية المستفيدة من النتائج، من استيعاب زخم الاتجاهات الثلاثة الأولى نجح الاتجاه الرابع في ترجيح كفة المشككين ووضعهم في موقف قانوني متماسك.

وجمع المعترضون أغلبية كافية لعقد جلسة نيابية، وأصدروا قرارات تلزم مفوضية الانتخابات بإلغاء جزء مؤثر من النتائج، فيما لوّحوا بإقالة الجهاز التنفيذي المشرف على الانتخابات في حال لم يطبق القرارات الصادرة عن البرلمان.

وعاد البرلمان في جلسة تالية إلى تعديل قانون الانتخابات، ملزما المفوضية باعتماد صيغة عد وفرز الأصوات يدويا بدلا من النظام الإلكتروني الذي تتبعه وتحيط به شبهات واسعة. وتتحدث المصادر عن مفاوضات جانبية بين قوائم فائزة ومرشحين خاسرين للتوصل إلى تسوية، توقف الحراك النيابي ضد النتائج.

ويقول المشككون إنّ العد اليدوي سيرضي الجميع، لكنّ مراقبين يقولون إنّ نتائجه ربما تغضب بعض الكتل الكبيرة، وتطيح ببعض من أعلنت المفوضية عن فوزهم.

وأثار هذا الحراك جدلا واسعا، بشأن إمكانية أن يتخذ برلمان حالي قرارات تؤثر على ولادة برلمان قادم.

ولكن هذا الجدل تراجع لصالح طغيان أسئلة كبيرة تتعلق بمصير الانتخابات برمتها، وتداول سيناريوهات عن إمكانية إلغائها والدعوة إلى انتخابات مبكرة.

ويقول خبراء إن المصادقة على النتائج الحالية للانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية لا يمكن أن تتم من دون حسم الشكاوى داخل المفوضية.

ومع دخول البرلمان على الخط لن تتمكن المفوضية من التحرّك بأريحية. ووفقا للدستور العراقي، فإن البرلمان الحالي يمكنه ممارسة مهامه حتى مطلع يوليو.

وتقول مصادر “العرب”، إن المفوضية ربما تماطل البرلمان حتى انتهاء مدته القانونية، لكن الأخير قد يلجأ لإقالة المفوضية قبل ذلك، ما يعني فراغا قانونيا صريحا.

وفي دوامة هذا الجدل، تتزايد تحذيرات مصادر استخبارية من خطر أن يتحول صيف العراق الحالي إلى فصل ملتهب أمنيا.

وتقول المصادر إن خلايا تابعة لتنظيم داعش في محيط بغداد وصلاح الدين والأنبار ربما تخطط لتنفيذ هجمات في مناطق متفرقة.

ولسوء حظ العراقيين، فإن القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزير الداخلية قاسم الأعرجي، كلاهما مرشح فائز في الانتخابات وقيادي في كتلته وهو مشغول حاليا بنتائج الانتخابات وتداعيات الجدل المرتبط بمزاعم تزوير أجزاء منها.

ومع انتهاء المدة الدستورية للبرلمان العراقي، تتحول حكومة العبادي إلى حكومة لتصريف الأعمال، ما يعني أنها ستكون مقيدة في مواجهة التحديات الكبيرة.

ويقول خبراء أمنيون إن تحول الحكومة العراقية إلى تصريف الأعمال ربما يشجع التنظيمات المتطرفة على تنشيط بعض خلاياها. ويضيف هؤلاء أن “الخطر السياسي المركب من جدل تزوير الانتخابات والانتقال إلى حكومة تصريف الأعمال، يشكل تهديدا كبيرا لوضع العراق الهش أمنيا”.

العرب