مجلس سوريا الديمقراطية مستعد للتفاوض دون شروط مع دمشق

مجلس سوريا الديمقراطية مستعد للتفاوض دون شروط مع دمشق

دمشق – أعلن “مجلس سوريا الديمقراطية”، الواجهة السياسية لـ”قوات سوريا الديموقراطية”، استعداده الأحد للتفاوض “بلا شروط” مع دمشق، وذلك بعد نحو أسبوعين من تصريح للرئيس بشار الأسد خيّر فيه القوات التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردي بين الدخول في حوار أو مواجهة الآلة العسكرية النظامية.

وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية، التي تحظى بدعم أميركي، على مساحات واسعة في شمال البلاد وشمال شرقها، بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية من مناطق عدة فيها. وتتولى الإدارة الذاتية الكردية تسيير شؤونها.

ورحب المجلس في بيان بفتح دمشق “باب التفاوض” مؤكدا “الموافقة على الحوار دون شروط” ونظره “بإيجابية إلى التصريحات التي تتوجه للقاء السوريين وفتح المجال لبدء صفحة جديدة (..) بعيداً عن لغة التهديد والوعيد”.

وقال عضو الهيئة الرئاسية للمجلس حكمت حبيب “قواتنا العسكرية والسياسية جادة لفتح باب الحوار. وعندما نقول إننا مستعدون للتفاوض، فلا توجد لدينا شروط” مسبقة.

وأضاف “لا توجد سوى هاتين القوتين من أجل الجلوس إلى طاولة التفاوض وصياغة حل للأزمة السورية وفق دستور يتساوى فيه الجميع بالحقوق والواجبات”.

وتبسط قوات سوريا الديمقراطية سيطرتها حاليا على 28 في المئة من مساحة البلاد، لتكون بذلك ثاني قوة مسيطرة على الأرض بعد الجيش السوري (نحو 60 في المئة).

وأثبتت هذه القوات فاعلية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية خلال السنوات الأخيرة وتخوض حالياً آخر معاركها ضده في آخر جيب يتحصن فيه في محافظة دير الزور (شرق البلاد)، فيما تواجه ضغوطا تركية متزايدة وتخشى مسايرة الولايات المتحدة لأنقرة خاصة بعد اتفاق منبج المثير للجدل.

حكمت أديب: نتطلع إلى خروج كل القوى الأجنبية الموجودة في سوريا خلال المرحلة المقبلة
ويأتي إبداء الأكراد الاستعداد للتفاوض مع الحكومة السورية بعد اتفاق أميركي تركي على خارطة طريق في منبج تقوم على سحب الوحدات منها إلى شرق نهر الفرات، وبعد نحو أسبوعين من تأكيد الرئيس بشار الأسد في مقابلة تلفزيونية أنه بعد سيطرة قواته على مساحات واسعة في البلاد، باتت قوات سوريا الديمقراطية “المشكلة الوحيدة المتبقية” أمامه. وتحدث عن خيارين للتعامل معها: “الأول أننا بدأنا الآن بفتح الأبواب أمام المفاوضات.. وإذا لم يحدث ذلك، سنلجأ إلى تحرير تلك المناطق بالقوة.. بوجود الأميركيين أو بعدم وجودهم”.

وكان الرئيس السوري قد استثنى حينها معضلة الجنوب حيث حصر المشكلة في قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية، ما فهم منه آنذاك أن ما سرب عن اتفاق مبدئي بين روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة يتعلق باستعادة الجيش السوري للمنطقة الجنوبية مقابل ضمان عدم بقاء القوات الإيرانية وميليشياتها في تلك المنطقة، فيه جانب كبير من الصحة.

وأعلن الرئيس السوري بشار الأسد في حوار له مع صحيفة “ميل أون صنداي” البريطانية نشرته كاملا وكالة الأنباء السورية (سانا) الأحد “كنا على وشك التوصل إلى مصالحة في جنوب سوريا قبل أسبوعين فقط، لكن الغرب تدخل وطلب من الإرهابيين (المعارضة) عدم المضي في هذا المسار كي يطيل أمد الصراع في سوريا”.

ويرى مراقبون أن النظام بعد نجاحه في تحقيق إنجازات عسكرية مهمة، بات يفضل الخيار الدبلوماسي لحساسية المناطق المتبقية خارج سيطرته ويستند في هذا التوجه على حليفته روسيا. وقد ينجح في تحقيق خرق على هذا الصعيد في شمال البلاد وشمال شرقها، بعد أن فشلت جهود التسوية في الجنوب حتى الآن على الأقل.

وأكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم قبل أسبوع أن “التواصل موجود (مع قوات سوريا الديمقراطية) لكن لم نبدأ التفاوض حول المستقبل”.

وتنظر دمشق إلى قوات سوريا الديمقراطية بوصفها “ورقة” أميركية وفق ما لمح الأسد، نظراً للدعم الذي تتلقاه من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. لكن حكمت حبيب أكد الأحد أن فريقه “ينظر لكل القوى الأجنبية” بما فيها التحالف على أنها “تدخلات خارجية”. وقال “نتطلع خلال المرحلة المقبلة إلى خروج كل القوى العسكرية الموجودة في سوريا والعودة إلى الحوار السوري السوري من أجل حل الأزمة”.

ومطلع الشهر الحالي زار وفد من معارضة الداخل المقربة من دمشق، في خطوة نادرة، محافظة الحسكة (شمال شرق البلاد)، حيث سلم القادة الأكراد دعوة للمشاركة في “مؤتمر حوار وطني” من المقرر عقده في دمشق.

وأظهر الجانب الكردي ترحيبا لافتا بهذه الزيارة نافيا أن يكون ذلك بسبب التغير في الموقف الأميركي لجهة العلاقة مع تركيا، وقال الرئيس السابق للاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم في حوار مع وكالة الأنباء الألمانية الأسبوع الماضي “الأمر لم يكن كذلك، وإنما أبوابنا كانت دوما مفتوحة للجميع ووجدنا تغيرا في حديث الأسد مؤخرا، فقبل شهرين كان يصفنا بالإرهابيين، والآن يتحدث عن التفاوض، وهذا تقدم … ومثلما يفكر الجميع في مصالحهم سنفكر نحن أيضا”.

وألمح القيادي الكردي البارز آنذاك إلى إمكانية وجود مرونة وانفتاح كبير في المفاوضات مع دمشق، بما في ذلك إمكانية التنازل عن مسمى الكيان الفيدرالي الذي أسسه الأكراد بمناطقهم في الشمال السوري، وقال “الحوار سيكون دون شروط مسبقة… ونحن لم نرد أن نكون بعيدين عن سوريا… نريد سوريا ديمقراطية لكل أبنائها، والمسميات غير مهمة. وأي شيء يمنحنا وكافة المكونات الأخرى كامل الحقوق الديمقراطية سنسعى له”.

وشدد “المهم هو الحقوق السياسية كتكوين أحزاب… وبنهاية المفاوضات سيكون هناك عقد اجتماعي يتضمن كل الحقوق”.

واعتبر أن زيارة وفد المعارضة السورية المقربة من دمشق إلى القامشلي قبل أيام “يمكن وصفها بالاستطلاعية”، وقال “أعضاء الوفد معروفون عندنا منذ زمن… لقد جاءوا واجتمعوا بكل المكونات: بالعرب والأكراد، وبالأحزاب المعارضة وغير المعارضة”.

وتصاعد نفوذ الأكراد في سوريا مع انسحاب الجيش الأميركي تدريجيا من مناطق سيطرتها في العام 2012، ليعلنوا لاحقاً الإدارة الذاتية ثم النظام الفيدرالي قبل نحو عامين في “روج أفا” (غرب كردستان). ولم تدع الإدارة الذاتية الكردية للمشاركة في أي محادثات أو مفاوضات دولية بشأن مستقبل سوريا، بسبب الرفض التركي.

العرب