ترامب وكيم.. إهانات ثم مصافحة فماذا بعد؟

ترامب وكيم.. إهانات ثم مصافحة فماذا بعد؟

المكان: جزيرة سنتوسا في سنغافورة، الزمان: الثلاثاء 12 يونيو/حزيران 2018، الحدث: دونالد ترامب وكيم جونغ أون يتصافحان في مستهل قمة تاريخية تعقد لأول مرة بين رئيس أميركي وزعيم كوري شمالي.

على مدى سنوات طوال، لم يكن متصورا عقد مثل هذه القمة رغم توالي العديد من الرؤساء على كرسي السلطة فيالبيت الأبيض، وتوالي ثلاثة زعماء على قصر الحكم في بيونغ يانغ، وما كان صعبا خلال عقود بدا أنه وصل درجة المستحيل في ظل حكم ترامب.

فمنذ جاء ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة بداية العام الماضي، وصل التوتر بين الجانبين إلى درجات غير مسبوقة، إذ نالت كوريا الشمالية وزعيمها نصيبا كبيرا من تغريدات ترامب العدائية على موقع تويتر.

كان معتادا أن تتبادل واشنطن وبيونغ يانغ الانتقادات أو حتى الاتهامات، لكن ذلك كان غالبا ما يتم بواسطة مسؤولين من الدرجة الثانية أو الثالثة، لكن ترامب صعد بالعداء إلى مستويات أعلى، وتكفل بتوجيه التهديدات وحتى الشتائم بنفسه، ليبادله كيم جونغ أون التهديدات بمثلها والشتائم بأسوأ منها.

رجل الصواريخ الصغير
واستغل ترامب ظهوره الأول أمام الأمم المتحدة العام الماضي ليكشّر عن أنيابه تجاه كوريا الشمالية وزعيمها، حيث وصف نظامها بالفاسد والشرير، وتعهد “بتدميرها بالكامل” إذا هاجمت أميركا أو حلفاءها، ثم سخر من كيم ووصفه بـ”رجل الصواريخ الصغير”، قبل أن يغرد على تويتر واصفا زعيم كوريا الشمالية بأنه “مجنون لا يخشى تجويع شعبه وقتله”.

ولم يقصر كيم في الرد، فوصف ترامب بأنه “أميركي عجوز مجنون”، مهددا بأنه سيلقن “هذا المختل عقليا درسا بالنار”، ومؤكدا أن وصول الصواريخ الكورية إلى البر الأميركي بات أمرا حتميا بعد تهديدات ترامب.

وبالتوازي مع تبادل الاتهامات والإهانات، كانت كوريا الشمالية تواصل تجاربها النووية والصاروخية، بينما تواصل الولايات المتحدة من جانبها تشديد العقوبات الاقتصادية على بيونغ يانغ.

ولم تختلف الحال في بداية العام الجاري، بل إن الزعيمين بلغا مستوى جديدا ومثيرا للقلق والاشمئزاز، إذ وجه زعيم كوريا الشمالية خلال رسالته بمناسبة العام الجديد تحذيرا إلى واشنطن بتأكيده أن الزر النووي موجود دائما على مكتبه، وأن على الولايات المتحدة أن تدرك أن هذا ليس ابتزازا وإنما هو أمر واقع.

زرّ أكبر وأقوى
وجاء الرد سريعا من ترامب الذي غرد على تويتر قائلا “ألا يبلغه أحد في نظامه المتهالك والجائع أنني أيضا لدي زر نووي لكنه أكبر وأقوى من زره، وأن زري يعمل”.

وفي ظل تصاعد القلق العالمي من مستوى التوتر الذي بات مهددا بحرب تتجاوز حدودها شبه الجزيرة الكورية وما حولها، جاءت المفاجأة عندما ألقى مسؤول كوري جنوبي بقنبلة مفادها أن لقاء ثنائيا يجري التحضير له بين ترامب وكيم.

وعلى مدى أسابيع تراوحت أنباء الإعداد للقمة بين التقدم والتعثر، حتى دقت ساعة الحقيقة والتقى الزعيمان في سنغافورة اليوم، حيث وثقت الكاميرات مصافحة تاريخية تلاها تصريح مقتضب لترامب توقع فيه “علاقة رائعة” مع كيم جونغ أون، في حين قال كيم إن البلدين تجاوزا عقبات كثيرة قبل أن يخرج هذا اللقاء إلى النور.

هل انتهت المهمة؟
القمة التي كانت مستحيلة من قبل عقدت بالفعل، لكن مجرد عقدها قد لا يعني أن المهمة قد انتهت، صحيح أن كلا من الطرفين له مصلحة في النجاح وفق ما تقول وكالة رويترز، التي ترى أن ترامب يأمل في تحقيق ما لم يحققه أسلافه من إنهاء للتهديد النووي الكوري الشمالي، في حين أن كيم -الذي يمثل الجيل الثالث من السلالة الحاكمة في كوريا الشمالية- يأمل أن تمنحه القمة هو وبلده المعزول منذ مدة طويلة الشرعية الدولية التي كان يحلم بها أبوه وجده.

لكنّ الجانبين ليسا واثقين من تحقيق كل أهدافهما وفقا لرويترز، فعلى سبيل المثال تحدث ترامب في بادئ الأمر عن صفقة كبرى مع كوريا الشمالية تقضي بتخليها عن برنامجها النووي الذي تطور بسرعة حتى صار مهددا لأميركا نفسها، لكنه خفض سقف التوقعات لاحقا وتراجع عن مطالبته بنزع فوري لأسلحة كوريا الشمالية النووية، واعتبر أن المحادثات ستركز أكثر على بدء علاقة مع كيم في سياق عملية تفاوض ربما تتطلب عقد أكثر من قمة.

وفي المقابل، ورغم عقد القمة فإن بيونغ يانغ لا تبدو مستعدة للتخلي عن برنامجها النووي بالدرجة والسرعة ذاتها التي تتوقعها واشنطن.

وكان لافتا أن وزيري خارجية فرنسا جان إيف لودريان والسويد مارغو ولستروم عبرا خلال مؤتمر صحفي جمعهما أمس عن شكوكهما في خروج قمة ترامب وكيم بنتائج إيجابية فيما يتعلق بنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، وقالت الوزيرة السويدية إن الآمال كبيرة من اللقاء لكن في نفس الوقت يجب أن نكون مستعدين لانتهائه بالفشل.

أنس مكيد

الجزيرة