الحديدة في انتظار ساعة الصفر لانطلاق عمليات تحريرها من الحوثيين

الحديدة في انتظار ساعة الصفر لانطلاق عمليات تحريرها من الحوثيين

عدن – تنتظر قوات المقاومة اليمنية مدعومة بقوات إماراتية وسودانية وبطائرات التحالف العربي، ساعة الصفر لاقتحام ميناء ومدينة الحديدة على الساحل الغربي، منهية بذلك فترة من عدم اليقين خلقها الحوثيون عبر الضغط على منظمات الأمم المتحدة.
ولا تبدي قوات المقاومة اليمنية نية للتراجع عن حسم المعركة بشكل “سريع وخاطف ومباغت” كما قالت الثلاثاء في بيان. ولعبت وسائل إعلام خليجية دورا كبيرا في التأثير على معنويات المقاتلين الحوثيين، عبر التأكيد أكثر من مرة على أن ساعة الصفر صارت “وشيكة”، قبل أن يتم تأجيلها.
وحتى مثول الجريدة للطباعة لم تكن المعركة قد انطلقت بعد، لكن من المرجح أن تبدأ قريبا جدا. وأكد مصدر موثوق أن قوات التحالف أنذرت الحوثيين بالخروج من ميناء الحديدة بحلول نهاية الثلاثاء.
وحاول المبعوث الأممي مارتن غريفيث، خلال اليومين الماضيين، تأجيل المعركة استجابة لضغوط الحوثيين والقوى التي تقف خلفهم، وعلى رأسها إيران.
ونجح الحوثيون في إقناع مسؤولين كبار في الأمم المتحدة بكسب الوقت، وتفريغ العملية من الزخم المتجه حتما إلى إطلاقها، عبر التعبير عن استعدادهم للعودة مرة أخرى إلى طاولة التفاوض مقابل الضغط على الحكومة الشرعية والتحالف العربي للتراجع عن البدء بالمعركة.

وبات الحوثيون، الذين يعرفون مدى جدية الهجوم على الحديدة، مهتمين حاليا بإبقاء الميناء مفتوحا لسببين. ويرتبط السبب الأوّل بأن الحديدة مصدر الأسلحة التي يحصلون عليها، خصوصا الصواريخ بعيدة المدى الآتية من إيران، فيما يرتبط السبب الثاني بالعائدات المالية الكبيرة التي يوفّرها الميناء لأنصارالله.
لكن التحالف العربي، بحسب مراقبين يتابعون المعركة المرتقبة عن قرب، “لم يبتلع الطعم”. وظهر ذلك واضحا في اجتماعات أجراها، الثلاثاء، الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في العاصمة الإماراتية أبوظبي، لوضع اللمسات الأخيرة على المعركة.
وقالت مصادر لـ”العرب” إن مسؤولين إماراتيين ناقشوا مع الرئيس اليمني المعترف به دوليا، مسألة تعيين مسؤولين ينتمون إلى حزب الإصلاح في محافظة الحديدة اسميا، بحيث يتولون مهامهم بشكل رسمي بعيد تحريرها. وقالت المصادر إن هناك مخاوف بين دول التحالف من تكرار سيناريو التعيينات لمسؤولين من الإخوان المسلمين، كما حدث من قبل في محافظتي تعز ومأرب.
وتزامنت زيارة هادي مع تقارب لافت بين الحكومة الشرعية وقيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، والتي اختتم وفد منها برئاسة أبوبكر القربي زيارة رسمية لمدينة جدة التقى خلالها بمسؤولين سعوديين رفيعي المستوى وقيادات بارزة في معسكر الشرعية.
وكشفت المصادر عن تفاهمات أولية توصل إليها وفد المؤتمر، ستعمل على توحيد تيارات الحزب وإنهاء الخلافات وتقريب الرؤى، بما يعزز الجهود باتجاه التصدي للحوثيين وتجاوز آثار الانقلاب الحوثي الذي بات على مشارف واحدة من أكبر خسائره العسكرية في الساحل الغربي.
ووفقا للمصادر، ستشهد المرحلة المقبلة إعادة التوازن السياسي للحكومة الشرعية من خلال احتواء كافة القوى والمكونات الفاعلة، إضافة إلى طي صفحة الخلاف بين الشرعية من جهة وحزب المؤتمر وأسرة صالح من جهة أخرى، عبر سلسلة من الإجراءات التطبيعية من بينها مطالبة الحكومة اليمنية رسميا برفع العقوبات الدولية المفروضة على نجل الرئيس السابق، السفير أحمد علي عبدالله صالح.
وأشارت مصادر إلى أن من نتائج لقاءات جدة بين الشرعية وحزب المؤتمر لقاء محتملا بين أحمد صالح والرئيس هادي في أبوظبي، بالإضافة إلى تطبيع العلاقة مع العميد طارق صالح، قائد قوات المقاومة الوطنية، الذي من المتوقع أن يتم تعيينه في منصب عسكري رفيع في الجيش الوطني.
وقال وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني، في تصريح خاص لـ”العرب”، إن زيارة هادي لأبوظبي “تصب في اتجاه تعزيز التنسيق بين قيادة الشرعية ودول تحالف دعم الشرعية، الذي تقوده المملكة العربية السعودية، بالنظر إلى الدور المحوري الذي تلعبه دولة الإمارات في هذا التحالف”، مشيرا إلى أن الزيارة “تؤكد كذلك على فشل جميع الرهانات للإيقاع بين الشرعية والتحالف وتجاوز الخلافات الهامشية إلى القضايا الرئيسية”.
ولفت الأرياني إلى أن هذه الزيارة “تترافق مع اقتراب تحرير الحديدة الذي تلعب فيه دولة الإمارات دورا رئيسيا، إضافة إلى التحولات التي تشهدها الساحة السياسية وترتيب البيت الداخلي والاستعداد لمرحلة ما بعد الانقلاب التي باتت وشيكة”.
ومعركة الحديدة مختلفة عن معارك سابقة خاضتها القوات اليمنية ضد الحوثيين، فالقتال سابقا كان يعتمد على سلاح الجو بشكل أساسي، بينما القصف على الأرض كان يتم من مسافات بعيدة.
لكن هذه المرة يبدو أن مدفعية التحالف ستلعب دورا حاسما في إنهاء هذه المعركة بشكل سريع وفعال، إذ تتمركز المدفعية الثقيلة على مداخل المدينة، ويغطي نطاق قذائفها كامل مساحة المدينة، وهو ما يربك تحركات الحوثيين بشكل كبير.

وبحسب مصادر دبلوماسية فقد فشلت كل المحاولات الأممية والدولية خلال الساعات الماضية في إقناع الحوثيين بالانسحاب من الحديدة أو تسليمها إلى طرف ثالث، وهو ما زاد من تفهم المجتمع الدولي لوجهة نظر التحالف العربي ودولة الإمارات.
ويرى مسؤولون إماراتيون أن انتزاع الحديدة وميناءها الاستراتيجي من الحوثيين سيسهم في كسر رهانات القوة لدى الجماعة الحوثية، وسيدفعها للعودة إلى المسار السياسي، كما سينهي تحرير الحديدة المعاناة الإنسانية للسكان الذين يتطلعون للخلاص من قبضة الميليشيا.
وفشل مجلس الأمن الدولي خلال جلسة مغلقة، الاثنين، من التوصل إلى قرار بخصوص العملية العسكرية الوشيكة المتعلقة بالحديدة. وقالت مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة كارين بيرس التي دعت للجلسة في تصريحات صحافية إن بلادها “تدرك مخاوف الإمارات الأمنية والتي تجب معالجتها”، مضيفة “ولكننا كذلك قلقون بشأن الوضع الإنساني” في اليمن.
واكتفى مجلس الأمن في بيان له بالدعوة إلى “خفض التصعيد العسكري في محافظة الحديدة” والتشديد على أن “المفاوضات بين أطراف الأزمة هي الطريق الوحيد للتوصل إلى حل”.
ونقلت وسائل إعلامية عن وزير الخارجية اليمني خالد اليماني اتهامه دولا في مجلس الأمن الدولي، بممارسة الابتزاز في الملف اليمني ومحاولة وقف تقدم قوات الجيش اليمني نحو مدينة الحديدة لتحريرها من قبضة الميليشيات.
فيما اعتبر وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية في تصريحات سابقة لـ”العرب” أن الكلفة الإنسانية لبقاء الحديدة في أيدي الحوثيين أكبر بكثير من كلفة تحريرها. مضيفا أن بقاء المدينة بيد الميليشيا كشريان مالي ولتهريب الأسلحة سيساعد على استمرار معاناة المواطنين التي تتمنى الحكومة اليمنية أن تنتهي في أقرب وقت.

العرب