جهود محاصرة حزب الله تصطدم بمؤسسات الدولة اللبنانية

جهود محاصرة حزب الله تصطدم بمؤسسات الدولة اللبنانية

بيروت- تتواصل الحملة الأميركية لتقويض شبكات تمويل حزب الله اللبناني والتي في معظمها مرتبطة بتجارة المخدرات وتبييض الأموال، بيد أن هذه الجهود يصطدم بعضها بمؤسسات الدولة اللبنانية التي نجح الحزب في السنوات الأخيرة في أن يصبح أحد أركانها مدعوما في ذلك بحلفاء له.

ويقول خبراء إن مساعي وزارة الخارجية اللبنانية للحيلولة دون تسليم المشتبه به في تمويل حزب الله نادر محمد فرحات في الباراغواي يعد أحد النماذج الحية عن هذا الوضع، الذي يجعل الاستراتيجية الأميركية تجاه الحزب محل تشكيك.

ويعتبر إيمانويل أوتولينغي المسؤول في “مركز الدفاع عن الديمقراطية” أن هناك حالة من الانفصام والتناقض في السياسة الأميركية؛ فمن جهة تعمل واشنطن على استهداف حزب الله ومحاصرته ومن جهة أخرى تبقي على دعمها لمؤسسات الدولة في لبنان التي يعد الحزب أحد مؤثثيها، هذا إن لم يكن له اليد الطولى فيها.

ويرى أوتولينغي في مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي” مؤخرا أن الدعم الأميركي لمؤسسات الدولة اللبنانية، يقوض مساعي البيت الأبيض لكبح مصادر التمويل غير المشروعة للحزب، مشيراً إلى أن هذا التناقض موجود في قلب السياسة الأميركية التي تجري الآن في الباراغواي، حيث تحاول السفارة اللبنانية هناك منع تسليم فرحات.

وتعد أميركا الجنوبية أحد مراكز تجارة المخدرات وتبييض الأموال بالنسبة لحزب الله الذي ينشط أساسا في المثلث الحدودي الرابط بين الباراغواي والبرازيل والأرجنتين، حيث توجد جالية عربية كبيرة.

وتستضيف الباراغواي عمليات غسيل الأموال الكبيرة والمتنامية للحزب، عبر الحدود الثلاثية، وتتصاعد عمليات الحزب على نحو متزايد، بواسطة عناصره الذين ينشطون بتهريب الكوكايين، ويقول أوتولينغي إن حزب الله يرسل مسؤولين كبارا إلى الحدود الثلاثية لتنسيق هذه الأنشطة.

نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة عززت موقع حزب الله داخل النظام السياسي اللبناني، ما سينعكس سلبا على جهود محاصرته

وأطلقت التحقيقات الفيدرالية الأميركية منذ أشهر عمليات تستهدف شبكات حزب الله الإجرامية إلا أن الحزب عمد إلى استخدام نفوذه المحلي من خلال السفارة اللبنانية. وفي 17 مايو، بينما كانت وزارة الخزانة الأميركية تعلن عن عقوبات جديدة تستهدف الحزب داهمت سلطات الباراغواي “يونيك أس.أي.” محلا لصرف العملات يقع على جانب الباراغواي من الحدود الثلاثية وقامت بإلقاء القبض على فرحات مالك محل الصرافة، وذلك للاشتباه في قيامه بعملية غسيل أموال تصل إلى 1.3 مليون دولار.

ووجد المحققون في مكان عمل فرحات شيكات مؤجلة بالملايين من الدولارات، صادرة من الشركات دون كتابة أسماء المستفيدين منها. البعض من هذه الشركات تستورد بضائع ذات علامة تجارية، الأمر الذي يدل على أن محل الصرافة كان مقرا تجاريا للمخدرات، يعمل كشبكة غسيل أموال. وللعمل بسهولة يتواطأ المهربون مع السلطات المحلية، التي نادرا ما تتحقق من السلع التي تعبر الحدود الثلاثية عبر “مطار غواراني الدولي”.

ويشتبه في أن فرحات عضو في مجموعة الشؤون التجارية، فرع منظمة الأمن الخارجي التابع لـ”حزب الله”. وتقابل جهود السلطات الأميركية لتسليم فرحات جهود من الخارجية اللبنانية للحيلولة دون ذلك؛ حيث قام حسن حجازي، القائم بالأعمال اللبنانية في “أسونسيون”، بتوجيه رسالة إلى المدعي العام في الباراغواي يلمح فيها إلى ضرورة رفض طلب الولايات المتحدة تسليم المشتبه فيه رغم وضوح الأدلة.

ويرى المسؤول في مركز “الدفاع عن الديمقراطية” أن تدخل حجازي في العملية القانونية يعد انتهاكا للبروتوكول الدبلوماسي ومؤشرا واضحا على أن وزارة الخارجية في بيروت تعطي أولوية لمصالح حزب الله على حساب مصالح لبنان. وعلى حد قول أوتولينغي “ينبغي على واشنطن والباراغواي ألا تدعا موضوعاً كهذا يمر بهدوء”.

ويشدد أوتولينغي على أن هذه الخطوة تحثنا على إرسال رسالة واضحة إلى رئيس حجازي، وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، مفادها “يمكنك الحصول على معونة من الولايات المتحدة أو يمكنك تقديم عطاءات لحزب الله. لكنك لا تستطيع أن تفعل كلاهما في الوقت نفسه وتفلت من العقاب”.

ويعتبر باسيل الذي يتولى حقيبة الخارجية اللبنانية، أحد أبرز حلفاء حزب الله، ولطالما كلفت مواقفه المنحازة للحزب، خسائر كبيرة للبنان. ويرى دبلوماسيون غربيون أن نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي أفرزت أغلبية مريحة لحزب الله وحلفائه وبينهم التيار الوطني الحر من شأنها أن تعزز موقع الحزب داخل النظام السياسي اللبناني، ما سينعكس سلبا على حملة الولايات المتحدة التي تستهدف محاصرة الحزب وتحجيم نفوذه.

العرب