“جيش في جميع الزوايا”…استراتيجية الاسد في سوريا

“جيش في جميع الزوايا”…استراتيجية الاسد في سوريا

اصدر معهد الدراسات الامريكي للحرب تقريرا يؤكد ان الرئيس السوري بشار الاسد هو الخيار “الأقل سوءًا” لتحقيق المصالح الاستراتيجية الامريكية حيث تحول الاسد في عيون الغرب الى “اهون الشرين”.

الهدف الاول والاخير للأسد هو البقاء في السلطة ما بعد الحرب, ووضح التقرير ان وزير الخارجية  الامريكية جون كيري يلجا الى الحل السلمي الدبلوماسي بدلا من وضع استراتيجية لتنحي الاسد عن السلطة , وهذا دليل على ان هناك تناقض واضح في السياسة والقادة الامريكيين في  تدخلهم بحل الازمة السورية, فهم يحاولون القضاء على الارهاب ومكافحته بدلا من حل الازمة القضية الأمنية الوطنية الشاملة.و هذا دليل واضح عل انها تمثل نظرة معيبة بشكل خطير.

كما ورد فيالتقرير ان الاسد هدفه الرئيسي هو البقاء في السلطة بعد نهاية الحرب السورية و ما اجبر النظام على ايجاد حل للنزاع القائم , هو عدم قدرة القوات الموالية للنظام هزيمة قوات المعارضة بشكل حاسم.

الاسد ليس شريكا حيويا لتنظيم “داعش” ولا اقل خيارا لتحقيق مصالح الامريكية في سوريا وذلك لثلاث اسباب:

  • فقد النظام السوري السيطرة على الاراضي السورية او كسب الحرب لصالحهم.
  • اهداف الاسد في الحرب القائمة هي اهداف استراتيجية ايرانية, كما ان النظام السوري السائد حليف لايران.
  • ظهور الانتهاكات الانسانية والوحشية التي خلقها النظام اسهمت في انتشار جماعات ارهابية متطرفة اقليميا ودوليا.

واكد التقرير على ان الاسد لا يعتمد على الجيش النظام في تحقيق النصر المباشر وانما يقتصر على مجموعة محددة موثوق بها ومن ضمنها كتائب حزب الله ووحدات من الحرس الثوري الايراني لأجراء عمليات هجومية ضد قوى المعارضة والجماعات المسلحة, بالإضافة الى استخدام وحدات شبه عسكرية مثل قوات الجبهة  وغيرها في حملة الاسد في دمشق , ما تسبب في انشقاق العديد من المؤيدين للاسد.

اختلفت الحملات العسكرية لنظام الأسد عن عمليات النظام في بقية أرجاء سوريا, ما ادى الى تبني الاسد استراتيجية عسكرية “جيش في جميع الزوايا”  حيث تنطوي الدفاع عن البؤر النظام ، و اعتمد الأسد على شبكة من المواقع العسكرية المنعزلة للحفاظ على حدود الدولة السورية موحدة ومتواصلة، في معظم أنحاء شمال وشرق سوريا.

سمحت الاستراتيجية للنظام بتأكيد وجودٍ اسميٍ له عبر مجمل الأراضي السورية. وتنهك هذه المواقع الحصينة أيضًا نسبة كبيرة من قوات الثوار، وتجرهم إلى القيام بعمليات حصارها لفترات طويلة من الزمن

واشار التقرير ان بقاء الاسد على حكمه لمصلحة ايران ، وعودة الالاف المقاتلين من المليشيات الشيعة العراقيين إلى العراق بعد سقوط الموصل في حزيران/ يونيو 2014  دفع قوات الحرس الثوري الايراني لحشد الآلاف من المتطوعين الشيعة الأجانب، بمن فيهم الأفغان، لتعزيز القوات العسكرية التابعة الأسد.

وشهد النصف الثاني من 2014 , زيادة في إشراك إيران والقوى الموالية لها بدلا عن نظام الأسد في الازمة السورية ، ودرء الاستنزاف مرة أخرى. ومن جهة اخرى بذلت قوات الحرس الثوري الايراني جهود مستقلة داخل الاراضي السورية.

لا شك ان نمو النفوذ الايراني في سوريا يقلق الدول الحليفة للولايات المتحدة الامريكية فضلا عن توسيع نطاق المصالح الاستراتيجية الامريكية في الشرق الأوسط, ومن ضمنها توسيع الهجمات في جنوب سوريا ووضع قوات متحالفة ايرانية على الحدود القريبة من هضبة الجولات والتي تسيطر عليها اسرائيل.

وورد في التقرير ان المملكة العربية السعودية وحلفائها الخليجيين مستعدين للمواجهة النفوذ الايراني من خلال الوسائل والعمليات العسكرية وما قامت به مؤخرا اطلاق عملية “عاصفة الحزم” في اليمن  دليل على ذلك.كما  ان عدم اتخاذ أي قرار او تحرك ضد الاسد يضعف المصداقية بين الولايات المتحدة وحلفائها العرب وموقفها في المنطقة.

استراتيجية الاسد المستخدمة في سوريا “الجيش في جميع الزوايا”  جعل الاسد عدوا لعديد من السكان السوريين.  سمح الاسد بشن غارات جوية واستخدام اسلحة كيمائية ضد شعبه لمعاقبة السكان في المناطق التي تسيطر عليها قوى معارضة , كما قام النظام السوري بعدة  اعمال وحشية وفرض الحصار فضلا عن تفشي الطائفية وغيرها من الاعمال المسيئة للسكان.

و اكد التقرير ان هذه الانتهاكات البشعة التي يقوم بها النظام تساهم في تفاقم الازمة الانسانية  حيث اودت الازمة السورية بحياة اكثر من 220.000 سوري ونزوح نحو 11.5 مليون مدني, وادت الى لجوء بعضهم الى بعض الدول المجاورة .

هنا ندرك ان بشار الاسد هو المشكلة التي تزيد من صعود الازمة السورية فمؤخرا انضم العديد من عناصر المعارضة الى جماعات جهادية كجبهة النصرة وهذا ما يزيد من الامر تعقيدا ويحفز انتشار الطائفية من جهة, وتعزيز شرعية الاسد من جهة اخرى ,حيث ان بقاءه ما هو الا تاكيد على بقاء عناصر تنظيم “داعش” والقاعدة  في الاراضي سوريا.

 الوضع الراهن في سوريا لا يسمح يتعزيز مصالح امريكية وانما يخول المخططات التوسعية للنظام الإيراني, فالولايات المتحدة لا تمتلك  أي مفاوضات لتسوية النزاع السوري وان طال الوضع كما هو عليه دون تبني نهجا قويا من صناع القرار الامريكيين فالنتيجة المتوقعة  لسوريا هي دولة مجزاة وهذا ا سيهدد اهلها والدول المجاورة.

ترجمة

اماني العبوشي

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية