القاهرة تصل مفترق طرق التحديات الاقتصادية الكبرى

القاهرة تصل مفترق طرق التحديات الاقتصادية الكبرى

تواجه الحكومة المصرية الجديدة برئاسة مصطفى مدبولي، التي بدأت مهامها قبل أسبوع، ملفات متشعبة وتحديات كبيرة لإخراج البلاد من نفق الأزمة الاقتصادية.

ويشكل استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته الحكومة السابقة اختبارا صعبا للغاية أمام الحكومة الجديدة لتحقيق أهدافها، سواء في ما يتعلق بعجز الموازنة أو مستويات الدين العام أو زيادة معدلات النمو.

ويرى اقتصاديون أن نجاح هذه الحكومة يتوقف على قدرتها على البدء بتحويل اقتصاد البلاد من استهلاكي إلى صناعي وزراعي يقوم على المعرفة.

وحتى يعطي نفسا جديدا لعدة قطاعات حيوية، قام مدبولي بتغيير وزراء الطيران المدني والمالية والزراعة وقطاع الأعمال العام والصناعة والاتصالات، فيما أبقى على وزراء من الحكومة السابقة، وهم وزراء الاستثمار والكهرباء والتموين والبترول والتخطيط والنقل والسياحة.

وأتت الحكومة الجديدة بينما يعاني المصريون من ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة، وسوء الخدمات العامة كالتعليم والصحة والطرق والسكك الحديدية والإسكان.

أهداف الحكومة الجديدة

◄خفض عجز الموازنة إلى 8.4 بالمئة

◄نمو بنحو 5.8 بالمئة في العام المالي المقبل

◄خفض الدين إلى 91 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي

وتتولى حكومة مدبولي المسؤولية بعدما نفذت الحكومة السابقة الجزء الأكبر من متطلبات برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي من بينها تعويم الجنيه وخفض الدعم وزيادة الضرائب من بينها ضريبة القيمة المضافة.

ومن أبرز الملفات على طاولة الحكومة الجديدة هو استكمال إصلاح منظومة الدعم وزيادة أسعار الوقود، على ضوء تحذيرات عديدة أطلقها صندوق النقد من مغبة التأخر في إصلاح دعم الطاقة.

وتعهدت القاهرة بتحرير أسعار الطاقة نهاية العام المالي المقبل الذي يبدأ في يوليو القادم، بعدما شدد الصندوق على أن التأخر في مواصلة تنفيذ الإصلاحات يمكن أن يعرّض الموازنة مرة أخرى لمخاطر ارتفاع أسعار النفط العالمية.

ويقول المسؤولون إن الدولة لا يمكنها العيش بمؤشرات سلبية مرتفعة، لذلك تحاول القاهرة خفض الإنفاق وزيادة الإيرادات، من أجل خفض معدل عجز الموازنة إلى 8.4 بالمئة في العام المالي المقبل، مقابل 9.8 بالمئة مستهدف للعام المالي الجاري.

ورفعت الحكومة أسعار الطاقة بنسب تراوحت بين 17.4 بالمئة و66.6 بالمئة، السبت الماضي، وحتى 69 بالمئة لأسعار الكهرباء، الأسبوع الماضي.

ومنذ يوليو 2014، رفعت السلطات أسعار المواد البترولية ثلاث مرات، منها مرتان في ضوء الاتفاق مع صندوق النقد، للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، استلمت القاهرة منه 6 مليارات دولار حتى الآن.

وتعد مسألة رفع أسعار الوقود قضية بالغة الحساسية لكونها تؤدي إلى زيادة أسعار السلع التي تدخل الطاقة في تكلفتها، بما ينعكس سلبا على القوة الشرائية للمواطنين.

ولم تكتف الحكومة بذلك، بل قامت قبل ذلك برفع أسعار مياه الشرب وتعريفة ركوب مترو الأنفاق، وتعتزم زيادة تعريفة ركوب القطارات.

وتعتبر قضية الدين العام تحديا مزعجا، إذ تسعى السلطات إلى جعله عند مستوى 91 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الجديد، مقابل 107.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الحالي.

وارتفع الدين الخارجي للبلاد بنسبة 23 بالمئة على أساس سنوي إلى 82.884 مليار دولار في العام الماضي، مقابل 67.322 مليار دولار في العام السابق.

وتقع على عاتق حكومة مدبولي مسؤوليات سداد فواتير المديونية المحلية والخارجية الحالية بموارد محلية، وليس عن طريق تدوير القروض واللجوء إلى المزيد من الاقتراض.

وعلى صعيد النمو الاقتصادي الحقيقي، الذي يشكل عصب الحياة بالنسبة للمواطنين، تسعى مصر إلى تحقيق معدل نمو بـ5.8 بالمئة في العام المالي المقبل، مقابل نحو 5.2 بالمئة مستهدف في العام المالي الجاري.

وإزاء هذه الخطط، تواجه الحكومة مخاطر قد تؤثر على تحقيق أهدافها، أبرزها ارتفاع سعر النفط عالميا، ما يرفع تكلفة دعم الوقود، إلى جانب زيادة أسعار الفائدة الأميركية، ما يزيد من تكلفة اقتراض مصر من الأسواق الدولية، لتمويل عجز الموازنة.

ولعل من أهم الملفات على طاولة الحكومة الجديدة هو تنفيذ برنامج الخصخصة. ومن المرتقب البدء في تنفيذ برنامج لطرح حصص في 23 شركة حكومية بالبورصة، خلال 24 إلى 30 شهرا، بحصيلة متوقعة عند 4.5 مليار دولار.

وتهدف مصر من وراء ذلك، كما يقول مسؤولون، إلى توسيع قاعدة الملكية، وزيادة رأس المال السوقي للبورصة، وزيادة قيمة وحجم التداول اليومي.

ومن أولويات الحكومة كذلك التحول إلى الاعتماد على القطاع الخاص في النمو. وقد أعلن صندوق النقد، مؤخرا، أن مصر بحاجة لسياسات تشجع على نمو قطاع خاص يتمتع بالعافية عبر تبسيط قواعد الاستثمار للشركات الصغيرة والمتوسطة.

كما أن الحكومة بحاجة إلى جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر، وخاصة في العمليات الإنتاجية. ويساعد ذلك في توفير المزيد من فرص العمل المباشرة، ورفع منسوب الصادرات.

وتراجع صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 12.2 بالمئة، خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، إلى 3.76 مليار دولار، مقابل 4.28 مليار دولار بمقارنة سنوية، وفقا للبنك المركزي.

العرب اللندنية