قلق بين أحزاب إيران في العراق قبل سريان العقوبات الأميركية

قلق بين أحزاب إيران في العراق قبل سريان العقوبات الأميركية

بغداد – يسيطر الترقب الشديد على القوى السياسية العراقية الموالية لإيران، في ما يتعلق بالمستقبل القريب لهذه الدولة، التي يبدو أنها محاطة بمخاطر دولية جادة.

وتتابع القوى السياسية العراقية أنباء التظاهرات الإيرانية ضد النظام الإيراني وسياسته الخارجية، التي أضعفت الاقتصاد الداخلي للبلاد وأنتجت غضبا دوليا هبط بقيمة عملتها المحلية إلى أسوأ مستوياتها.

وللمرة الأولى، لا تبدو القوى العراقية الصديقة لإيران، واثقة من قدرة نظام الولي الفقيه في طهران على تجاوز تحديات المرحلة الراهنة، التي دشنت الولايات المتحدة أولى أزماتها بانسحابها من الاتفاق النووي مع إيران.

وتقول مصادر “العرب” في بغداد، إن “قلق القوى السياسية الشيعية العراقية الصديقة لإيران، يتزايد مع تواتر الأنباء عن تدهور الوضع الصحي للمرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي، المصاب منذ أعوام بسرطان البروستات”.

وتتحدث أطراف سياسية شيعية في بغداد عن معلومات بشأن “نوايا أميركية حقيقية لتقليم المخالب الإيرانية في العراق”.

وتقول هذه الأطراف إن “العراق ساحة محتملة لصراع وشيك بين الولايات المتحدة وإيران، قد تكون إحدى صوره صدام عسكري محدود”.

ولدى إيران طيف واسع من الحلفاء الشيعة في العراق، يتضمن فصائل مسلحة تجاهر بعدائها للولايات المتحدة، وما زالت تصف الوجود الأميركي في العراق بالاحتلال، وهو ما يبرر من وجهة نظرها تبنيها مشروعا للمقاومة.

وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها الداخل الإيراني، تخشى الفصائل العراقية الموالية لطهران من تعذر حصولها على مساعدة خامنئي في حال تعرضت لضغوط أميركية إضافية.

وتعتمد هذه الفصائل على النفوذ الإيراني في مختلف المؤسسات العراقية، للحصول على عقود تنفيذ مشاريع، بعضها وهمي، تدر الملايين من الدولارات سنويا.

وحتى الآن، تقتصر الضغوط الأميركية ضد حلفاء إيران في العراق على جوانب التمويل.

وتقول مصادر حكومية رفيعة في بغداد إن خبراء أجانب يعملون في العاصمة العراقية منذ أشهر على تتبع مسارات الأموال التي تتنقل بين حسابات شخصيات عراقية موالية لإيران.

وتضيف المصادر أن الخبراء الأجانب ينسقون جهودهم مع مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بالإضافة إلى شبكة تحقيق دولية مرتبطة بمصارف عالمية والبنك الدولي والبنك المركزي العراقي، لملاحقة أي تحويلات مالية من وإلى العراق، يشتبه بأنها على صلة بالنظام الإيراني.

ويعتقد مراقبون أن العراق هو محطة رئيسية لتداول الأموال الإيرانية والعراقية الموجهة لتغذية النزاعات في كل من اليمن ولبنان وسوريا.

ووجهت الولايات المتحدة ضربة مؤثرة لشبكة غسيل الأموال التي تديرها إيران في العراق، عندما وضعت اسم مصرف “البلاد الإسلامية” المملوك للسياسي العراقي آراس كريم، في لائحة المصارف المحظورة، بسبب تعاملات مالية مشبوهة.

ويعرف هذا المصرف، بأنه محطة رئيسية لتحويل الأموال من إيران والعراق إلى حزب الله اللبناني، بزعامة حسن نصرالله.

وكان واضحا مقدار التنسيق العراقي مع جهود الملاحقة، عندما أعلن البنك المركزي العراقي، استجابته للقرار الأميركي، بعد نحو 48 ساعة من صدوره، إذ أعلم جميع المصارف العراقية بوقف التعامل مع مصرف البلاد، طالبا منها تجميد أرصدته لديها.

وتقول مصادر مطلعة في بغداد إن مصرف البلاد هو واجهة لنشاطات مالية ضخمة بين العراق ولبنان، يشرف عليها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني.

ويقول مراقبون إن الضغط المالي الذي تقوده الولايات المتحدة على المصارف العراقية التي تساعد النظام الإيراني، هو مرحلة تمهيدية لإجراءات أميركية، ربما تكون أشد.

وكان التحالف الدولي الذي تشكل للقضاء على تنظيم داعش، أبلغ الحكومة العراقية بأنه لن يسمح لقوات الحشد الشعبي، التي تهيمن إيران على جزء مؤثر منها، بالتحرك نحو مناطق توتر جديدة، خلقتها نشاطات حديثة لتنظيم داعش، في مناطق يسكنها العرب السنة في محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين، وسط وشرق وشمال العراق.

ويقول مراقبون عراقيون يقيمون في الولايات المتحدة، إن واشنطن ربما تخطط لتصعيد وشيك ضد إيران.

ويرى هؤلاء أن الولايات المتحدة ستواصل الضغط على المفاصل الاقتصادية الإيرانية خلال الأشهر المتبقية من العام الجاري، على أن تدشن مطلع العام 2019 خططا تتضمن التلويح بالخيار العسكري، في سبيل إخضاع إيران على غرار تجربتها مع كوريا الشمالية.

ولا يستبعد المراقبون أن تنجح سياسة الاحتواء الأميركية إزاء إيران، في ظل الضعف الداخلي الشديد الذي تعاني منه طهران حاليا، مع الإشارة إلى بقاء الساحة مفتوحة على احتمالات أخرى، في حال واصل خامنئي تحدي رغبات المجتمع الدولي.

العرب