كلمة السر.. ترامب وسلمان وإيران وأوبك

كلمة السر.. ترامب وسلمان وإيران وأوبك

منذ أن غرد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بموافقة العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز على طلبه زيادة إنتاج بلاده من النفط بمليوني برميل يوميا، والأسئلة تدور ليس عن شكل علاقة سيد البيت الأبيض بالرياض فحسب، بل حول كلمة السر في تحركه وعنوانها إيران.

ترامب كتب في حسابه على تويتر أمس السبت “تحدثت للملك سلمان وشرحت له أنني أطلب زيادة إنتاج السعودية من النفط بسبب الاضطرابات في إيران وفنزويلا، ووافق على طلبي”.

واليوم أضاف ترامب عبر تويتر أيضا “أوبك تتلاعب بأسعار النفط وواشنطن توفر الحماية للكثير من الأعضاء فيها.. يجب على السعودية والدول الأخرى زيادة إنتاجها النفطي”.

ورغم أن السعودية أصدرت بيانا لم يذكر طلب ترامب أو موافقة الملك سلمان، فإن مسؤولا سعوديا أوضح لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن بلاده وافقت على تعويض أي نقص في السوق العالمي دون أي التزام محدد.

حرج السعودية

مسؤول سعودى كذبه بلطف قبل قليل وصرح ل WSJ ان السعوديين أكدوا له فقط ان المملكة قادرة على زيادة إنتاجها بدون اَي التزام محدد .

مراقبون قرأوا في لغة البيان السعودي وتصريحات أحد مسؤوليها بأنها محاولة لتخفيف الحرج الذي أصابها جراء ما أورده ترامب في تغريدته ليس على صعيد الشكل فحسب، بل في ضرب التزامات السعودية التي أعلنتها قبل أيام فقط خلال اجتماع لمنظة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والمتمثلة في زيادة الإنتاج النفطي بمقدار مليون برميل يوميا تقريبا.

في حين رأى مراقبون آخرون أن تغريدة ترامب بمثابة إعلان بداية حرب العقوبات التي توعّد بها إيران، والتي قال إنها ستكون قاسية وغير مسبوقة في التاريخ.

الرئيس ترامب: تحدثت مع الملك سلمان ووافق على زيادة انتاج النفط ليصل إلى مليوني برميل.

وتزامنت رسالة ترامب مع جولات يقوم بها أركان إدارته لدول تستورد النفط الإيراني لإقناعها بالتخلي عنه تجنبا للعقوبات الأميركية التي ستبدأ في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

وتعتبر الصين والهند أكبر مستوردي النفط الإيراني، إضافة لليابان وتركيا وكوريا الجنوبية وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا.

أسئلة كبرى
لكن أسئلة كبرى طرحت عن التوقيت الذي اختار فيه ترامب بداية حربه على إيران وتأثيراتها على بلاده وعلى طهران نفسها، إضافة لتأثيراتها على السعودية. إيران التي تعاملت بجدية مع إعلان ترامب، أرسلت تهديدات، وتحدثت عن إجراءات.

إيران: خيانة عظمى
فجاءت التهديدات على لسان إسحاق جهانجيري النائب الأول للرئيس الإيراني، والذي قال في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي الإيراني اليوم الأحد “أي طرف يحاول انتزاع (حصة) إيران بسوق النفط إنما يرتكب خيانة عظمى بحق إيران وسيدفع ثمنها يوما ما”.

أما الإجراءات التي أعلنها جهانجيري لمواجهة العقوبات الأميركية المنتظرة فتمثلت في السماح للشركات الخاصة بتصدير النفط الخام من خلال بورصتها للنفط والبتروكيميائيات، حيث تعرض طهران حاليا نحو 60 ألف برميل عبر الشركات الخاصة.

ويؤكد خبراء أن إيران تسعى من خلال هذا الإجراء إلى تجاوز العقوبات التي ستمتد إلى مؤسسة النفط الإيرانية الحكومية.

موقف إيراني آخر جاء على لسان مندوب طهران في منظمة أوبك حسن كاظم بور أردبيلي، الذي اعتبر أن استجابة السعودية لطلب ترامب “سيخرجها من منظمة أوبك”.

وأضاف أردبيلي أن الدول الأعضاء في أوبك قررت الأسبوع الماضي حفظ اتفاقها السابق المبني على خفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل، وإيصال سقف الإنتاج إلى 32.5 مليون برميل يوميا.

حروب ترامب
أميركيًّا، يرى مراقبون أن ترامب أراد تحقيق جملة من الأهداف، على رأسها البدء في حربه المتمثلة بالعقوبات على إيران والتي يعتبر تصدير النفط أحد أهم أسلحتها لحرمان طهران من العملة الصعبة، ودفعها للقبول بتفاوض على اتفاق نووي جديد وفق مقياس ترامب الذي مزّق الاتفاق الذي عقده سلفه باراك أوباما.

جانب آخر من خطة ترامب تمثل فيما يراه مراقبون في حاجته لتحقيق هبوط في أسعار النفط العالمية بما ينعكس على المواطنين الأميركيين قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس قبل نهاية العام الجاري.

وعلى صعيد السعودية، فإن تغريدة ترامب وضعتها في موقف محرج بعد أن بدت بموقف المنفذ للإملاءات الأميركية.

المصلحة السعودية
ويجمع خبراء اقتصاديون على أن الرياض سعت بقوة لاستقرار أسواق النفط بما يضمن استقرار أسعاره التي لامست نهاية الأسبوع الماضي حدود 80 دولارا لأول مرة منذ أربعة أعوام.

فعلى المستوى الداخلي تواجه الحكومة السعودية صعوبة في توفير الاعتمادات الضرورية لمواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الكثيرة، كما أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أعلن عن مشاريع ضخمة ضمن رؤية 2030 سيحتاج تنفيذها أموالا طائلة.

إضافة لذلك، فإن الرياض لا تزال تعاني من حرب اليمن التي استنزفتها بمليارات الدولارات، علاوة على صفقات سلاح مع الولايات المتحدة ودول غربية.

سياسي واقتصادي
هذا المشهد يرى فيه أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة ليل الفرنسية يونس بلفلاح أن “العقل السياسي انتصر على العقل الاقتصادي في السعودية”، مشيرا إلى أن الضغوط الأميركية التي لعبت على وتر حساس للرياض وهو هاجس إيران أو “إيرانوفوبيا”.

بلفلاح قال للجزيرة مساء السبت إن السعودية ليس من مصلحتها تخفيض أسعار النفط، موضحا أن مشاريع رؤية 2030 ستواجه أزمة مالية في حال انخفاض الأسعار.

بالمقابل يذهب الباحث في الفلسفة السياسية في جامعة باريس رامي الخليفة العلي إلى أن ما سيتحقق من مصالح سياسية في منع تصدير إيران للنفط “لا يقارن بأرقام الاقتصاد”.

أعباء إيران

بتغريدة واحدة أراد ترامب أن يقول للعالم أن السعودية في جيبه. استجابة السعودية لطلب ترامب بزيادة ضخ النفط إعلان حرب على إيران. الخلاف مع إيران ليس مبررا للتحالف مع ترامب ونتانياهو زعيما الشر في العالم. إذا نجحا في تدمير إيران ستكون السعودية هي هدفهما التالي مباشرة فمتى ندرك ونتعلم

العلي قال إن الفائض من النفط الإيراني يذهب للمليشيات التي تقاتل في سوريا واليمن ودول المنطقة، وإن من مصلحة السعودية أن تزيد من أعباء الحكومة الإيرانية.

وبينما يبحث ترامب عن مصالح بلاده في سياساته تجاه إيران، تبدو السعودية وبقية مصدري النفط أبرز المتضررين من سياسة الحرب على اتفاقات أوبك وسط فوضى الحرب التجارية التي أشعلها ترامب في العالم.

ويتفق الباحثان بلفلاح والعلي على أن سياسة العقوبات على إيران أثبتت أنها ليست ناجعة، وأنها زادت من توحشها ووسعت من تدخلاتها في الملفات الإقليمية، وهو ما يثير أسئلة عن حسابات المصالح التي يريد ترامب أن يكون الرابح الأكبر وربما الوحيد فيها وفي كل ما يجري.

المصدر : الجزيرة + وكالات,مواقع التواصل الاجتماعي