نجاح ماي في إقناع الحكومة برؤيتها لبريكست ينقصه دعم المحافظين

نجاح ماي في إقناع الحكومة برؤيتها لبريكست ينقصه دعم المحافظين

لندن – بعد أن نجحت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي بإقناع وزرائها برؤيتها للعلاقة التجارية مع الاتحاد الأوروبي بعد البريكست، بات عليها الآن أن تقنع حزبها المحافظ، الذي عمقت مفاوضات الخروج من الانقسامات داخله، كما يستوجب عليها إقناع المفوضية الأوروبية في بروكسل بذلك.

وعرضت ماي، الجمعة، رؤيتها التي كانت الدول الأوروبية الـ27 تنتظرها بفارغ الصبر بشأن إقامة منطقة تبادل حر وعلاقة جمركية جديدة، والتي يفترض أن تتيح الإبقاء على تجارة “بلا احتكاكات” مع الدول الأوروبية.

وبحسب الحكومة البريطانية، فإن هذه الاقتراحات الواردة في الرؤية، ستتيح تفادي العودة إلى إقامة حدود مادية بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية، وكانت هذه المسألة أبرز نقاط الخلاف في المفاوضات الجارية، ومصدر قلق شديد لسكان الجزيرة.

كما نالت ماي موافقة حكومتها على المضي قدما في اقتراح إنشاء “منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي” بعد بريكست، في إطار سعيها إلى تحريك المفاوضات مع التكتل.

وقالت ماي عقب محادثات ماراثونية لحكومتها في المقر الريفي لرؤساء الحكومات البريطانيين في تشيكرز، إن الاقتراح ينص على إنشاء “قواعد مشتركة للمنتجات الصناعية والزراعية”.

وتابعت “الوزراء اتفقوا كذلك على نموذج جمركي جديد ملائم للأعمال التجارية” سيحافظ على المعايير المرتفعة لكنه سيتيح لبريطانيا “إبرام اتفاقات تجارية جديدة حول العالم” بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وتمت الموافقة على هذه القرارات في اجتماع الحكومة بعد أن سرت شائعات بأن وزراء بينهم وزير الخارجية بوريس جونسون يعارضون بشدة الاتفاق وقد يستقيلون. وبعد إعلانها طلبت ماي في رسالة موجهة إلى نواب حزبها إنهاء الخلافات حول هذا الموضوع، الذي قسم بشدة حزب المحافظين.

وجاء في مقطع من الرسالة كشفه الصحافي في التايمز سام كواتس “كنت سمحت لأعضاء الحكومة أن يعبروا عن آرائهم الفردية بشأن بريكست، (لكن) الآن انتهى ذلك”. وشهد الحزب المحافظ انقسامات بشأن بريكست، في الوقت الذي حذر فيه الاتحاد الأوروبي بأن الوقت بدأ ينفذ للتوصل إلى اتفاق الانسحاب من الاتحاد.

واختلف الحزب حول آلية انسحاب بريطانيا ففي الوقت الذي رأى نواب أنه يجب أن يكون “تاما” رفض وزير الأعمال التجارية غريغ كلارك استبعاد تمديد الفترة الانتقالية بعد الانسحاب من التكتل إلى مدة غير محدودة.

لكن تبقى المسألة المتعلقة بكيفية تجنب حدود يتم فيها فرض ضوابط صارمة بين جمهورية إيرلندا وإيرلندا الشمالية التي ستغادر الاتحاد الأوروبي مع بقية المملكة المتحدة في مارس 2019، الأصعب من بين كل المسائل المتعلقة بخروج بريطانيا.

وأيدت النائب آنا سوبري، المعارضة بشدة لبريكست، اقتراحات الحكومة. وكتبت في تغريدة “بوصفي وزيرة دولة سابقة للمؤسسات، سأكون دائما مؤيدة لسياسة تكون مع بريكست متلائم مع الأعمال”. وهنأت ماي لأنها “أعادت إحياء المسؤولية الجماعية” داخل السلطة التنفيذية.

وأبدى قادة الحزب الوحدوي الديمقراطي المحافظ جدا في إيرلندا الشمالية، عن ارتياحهم للاقتراح الحكومي ورأوا فيه “تأكيدا جديدا للوحدة الترابية” للمملكة.

ويشكل دعم هذا الحزب (10 نواب في مجلس العموم) أمرا حيويا لضمان أغلبية في البرلمان لتيريزا ماي. في المقابل أبدى المحافظ جاكوب ريس موغ، وهو من أنصار بريكست بلا تسويات، موقفا أكثر تحفظا إزاء الحل المقترح. وقال إنه يخشى من أنّ “بريكست يبقينا في الاتحاد الأوروبي من دون الإفصاح عن ذلك”.

ورأى موغ أن الإبقاء على قواعد مشتركة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة حول المنتجات الصناعية والزراعية يمكن أن “يجعل من المستحيل إبرام اتفاقات تجارية” بين لندن ودول من خارج الاتحاد الأوروبي. وقال ساخرا في تصريحات لبي.بي.سي إن الخطوط الحمراء للحكومة “استحالت وردية”.

وقال اللورد المحافظ بيل كاش إنه يشعر “بخيبة أمل كبيرة، حتى لا أقول أكثر” للرؤية الحكومية. واعتبر أن هذه الرؤية “تثير الكثير من الأسئلة المهمة جدا”.

وكان النائب الأوروبي نيغيل فاراج أكثر وضوحا في هجومه على أعضاء الحكومة. وقال “لم تحدث أي استقالة. وتبين أن الأنصار المزعومين لبريكست ليس لديهم مبدأ. جميعهم يمتهنون السياسة” مضيفا “أن هذه الاستراتيجية خيانة لصالح الشركات الكبرى”.

وسيكون على تيريزا ماي أيضا أن تقنع القادة الأوروبيين بموقفها. وهي مهمة تبدو عويصة حيث أن بروكسل شددت في المفاوضات على أن حرية حركة السلع لا يمكن فصلها عن حرية حركة الأشخاص والخدمات والأمر الذي تريد لندن إنهاءه.

والتقت ماي في الآونة الأخيرة العديد من القادة الأوروبيين، من بينهم المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لشرح اقتراحها. كما تباحثت مع رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك والوزير الإيرلندي ليو فاراكار الذي قال إنه اطلع على اقتراح ماي.

وأكد رئيس الوزراء الإيرلندي سايمون كوفيني في تغريدة أن هذه الخطة “تحتاج إلى دراسة مفصلة” مضيفا أن هناك “الكثير من العمل أمامنا”. وقال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه إنه ينتظر “بفارغ الصبر” نشر لندن للكتاب الأبيض الذي سيكشف تفاصيل الاقتراحات البريطانية. وقال “سنجري تقييما للاقتراحات لنرى ما إذا كانت قابلة للتنفيذ وواقعية. المفاوضات القادمة ستكون ابتداء من 16 يوليو”.

العرب